كسر سعر الذهب في سورية حاجز 65 ألف ليرة سورية للغرام الواحد من عيار “21 قيراط”، في حدث لم يسبق وأن مر في تاريخ سورية، ويتزامن مع انهيار في قيمة الليرة السورية، والتي تخطت حاجز 1440 للدولار الأمريكي الواحد، في الأيام الماضية.
وسبق أن ارتفع سعر الذهب في سورية مع ارتفاع سعره عالمياً، في شباط الماضي، مع تزايد المخاوف بسبب انتشار فيروس “كورونا”، وازدياد الطلب عليه، باعتياره ملاذاً آمناً للمستثمرين.
ورغم عدم غياب تبريرات نظام الأسد عن الأسباب التي تقف وراء ارتفاع سعر الذهب، إلا أنها لم تعط الواقع الكامل الذي يعيشه الاقتصاد السوري في الوقت الراهن، حيث قال رئيس جمعية الصاغة وصنع المجوهرات بدمشق، غسان جزماتي، اليوم السبت، إن السبب الرئيسي للارتفاع غير المسبوق، هو ارتفاع سعر الأونصة عالمياً بشكل ملحوظ، حيث سجلت، يوم أمس سعراً بنحو 1722 دولاراً، بسبب جائحة فيروس “كورونا”.
وأضاف جزماتي لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، أن “المبيعات معدومة في الأسواق”، لعدم وجود سيولة مع المواطنين، وتركيز الشراء على المواد الأساسية، وخاصة ما يتعلق بشهر رمضان.
تحوّل.. من الدولار إلى الذهب
المحلل والخبير الاقتصادي، يونس الكريم عزا الارتفاع غير المسبوق لسعر الذهب في سورية، إلى عدة أسباب، ترتبط مع بعضها، بشكل أو بآخر.
وقال الكريم لـ”السورية.نت” إن السبب الأول هو قرارات نظام الأسد بمنع التعامل بالدولار واختفائه من السوق، الأمر الذي دفع السوريين والتجار إلى البحث عن وسيلة لحفظ الأموال، ليكون الذهب هو الخيار الوحيد.
وأضاف الكريم أن الذهب أيضاً يعتبر وسيلة سهلة لتهريب الأموال، وهو سبب يمكن ربطه بما يشهده الشارع السوري من خلافات بين رجل مال عائلة الأسد، رامي مخلوف، وبشار الأسد، مشيراً إلى أن التجار ورجال الأعمال توجهوا بشكل كبير في الأيام الماضية لشراء الذهب، بالتزامن مع خلاف الأسد- مخلوف.
وبحسب المحلل الاقتصادي فإن التوجه الكبير للذهب، يأتي في ظل حديث عن انخفاض قد يشهده الدولار على المستوى العالمي، في الأيام المقبلة، ما يدفع للتوجه إلى الذهب كونه “ملاذاً آمناً للمستثمرين”.
وأثر انتشار فيروس “كورونا المستجد” الذي ظهر في الصين منذ كانون الأول الفائت، على مختلف أسواق المال العالمية، ومعظم قطاعات الاستثمار والتجارة الصناعة، كون الصين مصنفة على أنها واحدة من أكبر الاقتصاديات في العالم.
ومع بداية انتشار الفيروس، زاد الطلب تلقائياً على “المعدن الأصفر”، ما تسبب بزيادات متتالية طرأت على سعر الأونصة عالمياً.
وسيلة تسعير
إلى جانب ما سبق أوضح المحلل الاقتصادي أن الذهب أصبح، مؤخراً، “وسيلة تسعير” للسلع وللأشياء الثمينة كالمنازل والعقارات، الأمر الذي دفع المستثمرين والتجار إلى سداد الالتزامات المالية الكبيرة بالذهب بدلاً من الدولار.
وقال الكريم: “الذهب يسعّر بطريقة منطقية ومقبولة، أكثر من الدولار في السوق السوداء (…) الذهب لايزال يعبر عن قيمة أكبر للواقع”.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن الأثرياء، ولتلافي العمليات الحسابية، باتوا يستخدمون الذهب لتسعير السلع الثمينة، وحتى السداد بها.
وهذه المرة الأولى في تاريخ سورية، التي يتجاوز فيها غرام الذهب (21 قيراط)، حاجز الـ 65 ألف ليرة.
وبالتوازي مع الارتفاع غير المسبوق لسعر الذهب في سورية، تواصل الليرة السورية انهيارها أمام الدولار، حيث سجل سعر الصرف، اليوم السبت، 1430 ليرة للمبيع و1410 للشراء، وسط غلاء في الأسعار أجج المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.