أسواق الأضاحي في إدلب.. البيع بأسعار زهيدة من أجل “الخلاص”
تحلّ أزمة تربية المواشي بثقلها على أسواق الأضاحي في محافظة إدلب، قبيل عيد الأضحى، الأمر الذي يشكّل صدمةً لدى المربين، بعد أن عقدوا آمالاً كثيرة على الموسم الذي ينتظرونه كل عام.
وتتمثل أبرز ملامح أزمة أسواق الأضاحي، في تراجع الأسعار والإقبال على شراء “الفطيمة ” (أغنام صغيرة العمر) ذات الوزن والسعر الأقل، بدل الخراف، ما يدفع المربّين نحو البيع بأسعار زهيدة بغية “الخلاص من عبء تربية المواشي المادية”.
وعلى إثر تبدّل العملية الشرائية، يشهد السوق كساداً ملحوظاً في “الخراف” على حساب تصريف “الأغنام”.
“أزهار زهيدة وخسائر كبيرة”
يشرح أبو عزام وهو مربي مواشٍ، قدم إلى سوق الأضاحي المركزي قرب بلدة “كفرجالس” بريف إدلب، تأثير أزمة تربية المواشي على سوق الأضاحي، قائلاً: “غلاء العلف رتّب تكاليف كبيرة على مربي المواشي على مدار العام، ومع ضعف الإقبال والحركة الشرائية خلال هذا الموسم، دفع بالكثير من المربين إلى بيع المواشي بأسعار زهيدة وخسائر كبيرة”.
ويلفت أبو عزام، في حديثٍ لـ”السورية نت”، إلى أنّ “احتفاظ المربين بالمواشي وعدم بيعها بهذه الأسعار، يرتب علينا مزيداً من المصاريف الشاقّة، في ظل ارتفاع العلف وبالتالي خسائر إضافية، لذلك نفضّل اليوم البيع بهذه الأسعار بهدف الخلاص من الرزق وأعباء مصاريف تربيته المرتفعة جداً”.
ويضيف: “قواعد البيع والشراء تبدلت هذا العام، إذ كان من المعمول به تصريف الخراف والإبقاء على الأغنام، وهي ما تُعرف محلياً بـ(الفطيمة)، لأنها المسؤولة عن إنجاب الخراف، لكن اليوم المربي يبيع الخراف والأغنام على حدٍ سواء”.
أبو حسام هو الآخر يعرض مواشيه في ذات السوق، ويقول إن تكلفة شراء العلف شهرياً لمواشيه حوالي 1500 دولار شهرياً، وهو دافع، بحسب قوله، لبيع أرزاقه من الأغنام والخراف بأسعار زهيدة، خشية “خسائر إضافية”.
ويتراوح سعر كيلو لحم الخروف “القائم” من 47 ليرة تركية، إلى 55 ليرة، ويختلف بحسب وزنه، في حين سعر كيلو “الفطيمة” يتراوح من 30 إلى 38 ليرة، تبعاً لكياستها.
يقول ذات المتحدث، إنه مجبر على بيع مواشيه خلال هذا الموسم، ليخفف من النفقات المرتفعة، خلافاً على ما اعتاد عليه خلال السنوات السابقة، حيث كان المبيع بأريحية تامة وعلى ما يناسب المربّي.
“على أبواب الانقراض”
إلى جانب عزوف كثير من المربين عن مهنة تربية المواشي والتّخلي عنها نتيجة الخسائر الفادحة التي منيت بها أرزاقهم في ظل ارتفاع سعر العلف، يُشكل الإقبال على شراء “الفطيمة” بدل الخراف، ملامح بداية مرحلة انقراض للثروة الحيوانية في منطقة شمالي غربي سورية، بحسب مربين تحدثوا لـ”السورية.نت”.
يؤكد أبو حسام لـ”السورية.نت” أنّ تصريف الأغنام على حساب الخراف في أسواق الأضاحي، مؤشر خطير ممكن أن يضع الثروة الحيوانية، وعلى وجه الخصوص الخراف والأغنام على أبواب الانقراض”.
ويشير إلى أنّ “قصّابي اللحوم وحتى الفرق الإنسانية والمنظمات، تلجأ إلى شراء الأغنام بدل الخراف لسببين رئيسيين الأول وزنها الأقل، وبالتالي يمكنهم ذلك من شراء عدد أكبر، وسعرها المنخفض قياساً بالخراف، لكن لذلك أثر بالغ الخطورة على مستقبلها”.
“فرق العملة هلكنا”
بدوره، يشتكي غياث العلّون، وهو مربي مواشٍ أيضاً من تقلبات سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي وأثر ذلك على عملية البيع والشراء.
ويلفت إلى أنّ “مبيع الخراف والأغنام بالعملة التركية، في وقتٍ يترتب عليه كمربي مواشي شراء العلف ودفع إيجار المزرعة التي يربي فيها خرافه وأغنامه بالدولار الأمريكي”.
وعلى وقع التفاوت المستمر في سعر صرف الليرة التركية، يضع المربين تحت تهديد الخسائر الكبيرة كـ”فرق عملة”، على حدّ تعبير علّون، ويردف: “فرق العملة هلكنا”.
“حركة ضعيفة”
أبو محمد مربي مواشٍ أيضاً، ينحدر من ريف إدلب الجنوبي، يقول إنّ “الإقبال على شراء الأضاحي ضعيف جداً هذا العام، بسبب إفلاس الأهالي”.
ويتابع خلال حديثه لـ”السورية.نت”، أن “الناس لا تجد ما تأكله.. لا يمكنها تحمّل شراء الأضحية بسعر يتجاوز الـ 200 دولار أمريكي”.
أبو محمد يجد أنّ “مشاريع الأضاحي الخاصة بـ”المنظمات والفرق الإنسانية”، هي من حرّكت ركود الأسواق، لكن ليس بالمستوى المطلوب، على اعتبار أنّ طلبها محدود بكميات معيّنة”.
وعلى الرغم من انخفاض سعر الأضحية من منظور “مربي المواشي”، لكن تبقى لدى الأهالي، تكلفة من الصعب تحمّلها، في ظل ظرف معيشي متدهور.