تُحقق “وحدة جرائم الحرب” الألمانية في أدلة على وقوع هجمات كيماوية بغاز السارين في سورية، بحسب ما ذكر موقع قناة “dw” الألمانية، والذي وصل إلى وثائق تتضمن حديث الشهود والتقارير السرية، التي تعتمد عليها عملية التحقيق.
ونشر الموقع الألماني تقريراً مطولاً، اليوم الجمعة، افتتحه بشهادات لشهود عيان نجوا من الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية عام 2013، والذي قتل فيه أكثر من 1000 مدني، بحسب ما وثقت منظمات حقوقية.
وأشارت الوثائق التي حصل عليه “dw” إلى أن نظام الأسد لم يمتثل لالتزاماته بتفكيك برنامج أسلحته الكيميائية بالكامل.
وجاء في الوثائق أن “ماهر الأسد الأخ الأصغر للرئيس بشار الأسد، والذي يُعتبر على نطاق واسع ثاني أقوى شخص في سورية، كان القائد العسكري الذي أمر مباشرة باستخدام غاز السارين في هجوم الغوطة في آب/ أغسطس 2013”.
في حين تشير إفادات الشهود المرفوعة مع الشكوى الجنائية في ألمانيا إلى أن نشر الأسلحة الاستراتيجية مثل غاز السارين لا يمكن تنفيذه إلا بموافقة رأس النظام، بشار الأسد.
ووفقاً للوثائق: “يُعتقد أن الرئيس الأسد قد فوض شقيقه بتنفيذ الهجوم”.
كيف يسير التحقيق؟
وبني التقرير الذي نشره الموقع الألماني على ضوء شكوى جنائية في أوائل تشرين الثاني/ أكتوبر الجارين تقدم بها تحالف من ثلاثة منظمات غير حكومية إلى مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا، ضد أشخاص لم يتم الكشف عن أسمائهم، فيما يتعلق بحسب ما يبدو أنها هجمات بغاز السارين على الغوطة عام 2013 وعلى خان شيخون في عام 2017.
وبحسب التقرير، فإن مفتاح الشكوى الجنائية المقدمة في ألمانيا هو المجموعة المتنوعة من شهادات الشهود والتي تضم عسكريين وعلماء رفيعي المستوى في مركز الدراسات والبحوث العلمية في سورية (SSRC) ، الذي كان مسؤولاً عن تطوير وصيانة برنامج الأسلحة الكيميائية في البلاد.
وأفاد ستيف كوستاس، وهو رجل قانون مخضرم يعمل مع فريق التقاضي: “لدينا دليل على أن (الأسد) متورط في صنع القرار. لن أقول إننا أثبتنا ذلك بأنفسنا، لكن لدينا بالتأكيد بعض المعلومات التي تشير إلى تورطه في هجمات السارين”.
وحسب الوثائق، فإن ماهر الأسد كان قد أعطى وقتها الأمر الرسمي على مستوى العمليات.
وبعد الأمر الذي أعطاه ماهر الأسد كانت مجموعة النخبة داخل مركز البحوث/ SSRC التي يطلق عليها اسم “الفرع 450” قد قامت بتحميل العوامل الكيميائية (الغاز) على الرؤوس الحربية، وكان اللواء 155 الصاروخي سيطلق صواريخ أرض – أرض.
وتابع كوستاس: “لقد أظهرنا أن هناك وحدة محددة تسمى الفرع 450 داخل مركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا (SSRC)، والتي شاركت بشكل كبير في التخطيط لهجمات السارين وتنفيذها”.
لأول مرة
الشكوى الجنائية التي قدمتها ثلاث منظمات غير حكومية تعتبر أول خطوة قانونية من نوعها لمحاسبة النظام السوري على استخدامه الأسلحة الكيماوية.
والمنظمات هي: “مبادرة العدالة” و”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” ومقرهما ألمانيا، ومبادرة “الأرشيف السوري” ، وكانت قد جمعت أكثر التحقيقات تفصيلاً في هجمات غاز السارين، وفقاً لما نشرته الجماعات الحقوقية الثلاث في بيان مشترك، في 6 من تشرين الأول الماضي.
واستهدفت هجمات غاز السارين غوطة دمشق الشرقية في آب عام 2013، ومدينة خان شيخون في محافظة إدلب شمال غربي سورية في نيسان عام 2017، وتشمل الشكوى، بحسب البيان، أدلة جديدة تُثبت مسؤولية النظام عن تنفيذ هذه الهجمات، التي نتج عنها مقتل أكثر من 1400 شخص.
ويعيش سبعة من الناجين من هجمات الكيماوي المتمثلين في الدعوى داخل ألمانيا، بينما يعيش الباقون في مناطق متفرقة من القارة الأوروبية، وبإمكانهم الإدلاء بأقوالهم كشهود أمام المدعي العام.
وتعتبر إقامة ضحايا الانتهاكات أو مرتكبي الجرائم وفق قوانين “الولاية القضائية العالمية” عاملاً مهماً في قرار المحققين بشأن بدء الإجراءات، وفقاً لما ذكره بيان المنظمات، الشهر الماضي.