أمريكا وروسيا تتناكفان في مجلس الأمن بشأن “مساعدات باب الهوى”
شهدت جلسة في مجلس الأمن مناكفة أمريكية روسية بشأن المساعدات الإنسانية العابرة إلى سورية من خلال معبر “باب الهوى”، والتي تعلّقت عملية إيصالها بسبب “فيتو” فرضته موسكو وشروط وضعها نظام الأسد.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الخميس، إن موسكو تستخدم المساعدات كسلاح حرب سواء في سورية وأكرانيا.
في المقابل اعتبر النائب الأول للممثل الروسي الدائم للأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي أن “آلية الإيصال عبر الحدود يستخدمها الغرب لتغيير السلطة في البلاد”.
وأخبر بلينكن، الذي ترأس مناقشة حول الأمن الغذائي في مجلس الأمن الدول الأعضاء بأن غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022 أدى إلى “هجوم على نظام الغذاء العالمي”.
وأضاف: “يجب على كل عضو في هذا المجلس وكل عضو في الأمم المتحدة أن يقول لموسكو: كفى. يكفي استخدام البحر الأسود كابتزاز”.
ولم تقدم روسيا أي مؤشر على أنها تخطط لإحياء اتفاق نقل الحبوب الأوكرانية، الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة.
ووصف وزير الخارجية الأمريكي تخلي روسيا عن اتفاق الحبوب بأنه يتسق مع قرارها الشهر الماضي بمنع تجديد عملية الأمم المتحدة للمساعدة عبر الحدود في سورية.
من جهته اعتبر بوليانسكي أنه “على الرغم من كل الشعارات الخيرية، فإن مساعدات المانحين من الدول الغربية لشمال سورية دائماً ما تحمل شروطاً سياسية مسبقة”.
وقال: “تقوم الدول الغربية فعلياً بابتزاز الشعب السوري علانية، وتسعى لتغيير السلطة”.
وتتفاوض الأمم المتحدة والنظام السوري حالياً بشأن إمكانية تسليم المساعدات لشمال غرب سورية عبر “باب الهوى” بالتنسيق مع دمشق.
لكن ما سبق هو سيناريو حذر الخبراء من أنه قد يؤدي إلى تحويل وسرقة نظام الأسد للمساعدات الموجهة إلى مناطق المعارضة في الشمال السوري.
وأشار بلينكن إلى أن “الولايات المتحدة مستعدة لتجديد الجهود لفرض شريان الحياة الحيوي هذا (باب الهوى) إذا لم تتمكن الأمم المتحدة وسورية من إيجاد طريق للمضي قدماً”.
“الملايين معرضون للخطر”
والأسبوع الماضي حذرت “لجنة الإنقاذ الدولية” من تعرض 4.1 مليون سوري في شمال غرب سورية للخطر، في ظل المأزق الذي تواجهه الأمم المتحدة بشأن تمديد إيصال المساعدات عبر معبر “باب الهوى”.
وقال رئيس اللجنة، ديفيد ميليباند: “لا يستطيع سكان شمال غرب سورية تحمل موجة جديدة من المعاناة، بعد أن عاشوا صدمة الزلزال”.
وحث مجلس الأمن على “القيام بعمله” واستئناف المعبر الإنساني الحدودي.
وجاءت تصريحات ميليباند بعد أكثر من أسبوعين من فشل مجلس الأمن الدولي في تجديد التفويض الخاص بـ”باب الهوى” الحدودي بين سورية وتركيا، والذي يؤمن المساعدات للسوريين في شمال غرب البلاد.
وتعيش الغالبية العظمى من الناس في شمال غرب سورية، في فقر ويعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وكانت هذه الأزمة قد تفاقمت بسبب الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجة والذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية في فبراير.
وفشل مجلس الأمن في وقت سابق في يوليو الحالي في تبني أحد القرارين المتنافسين بشأن المعبر.
واستخدمت روسيا حليفة الأسد حق النقض ضد مشروع قرار سويسري برازيلي تدعمه دول غربية يجدد الإذن بعبور المساعدات عبر باب الهوى لمدة ستة أشهر.
وفي الوقت الحالي، قال ميليباند إن “لجنة الإنقاذ الدولية تحاول التأقلم من خلال استخدام معابر أخرى وإيجاد طرق أخرى لإيصال المساعدات إلى الجيب”.
وأوضح أن “وجهة نظرنا هي أن التدخل في المعبر الإنساني يشكل خطراً شديداً على كفاءة وفعالية المساعدات الإنسانية”.
وأضاف ميليباند: “هناك خطر كبير على المحتاجين في شمال غرب سورية، ومن المهم جداً ألا يتم نسيانهم”.
“شرطان لنظام الأسد”
وخلال جلسة لمجلس الأمن، قبل أسبوعين، أبلغ مدير تنسيق مكتب الأمم المتحدة، راميش راجاسينغهام، الأعضاء بالرسالة التي تلقاها من النظام السوري، حول موافقته على فتح معبر باب الهوى أمام المساعدات، مدة ستة أشهر.
وقال إنه لا يزال يتواصل مع حكومة النظام من أجل السماح بفتح المعبر “بما يتوافق مع المبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال”.
وأضاف أن “الأوضاع مستمرة بالتدهور في جميع أنحاء سورية، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية بنسبة تزيد عن 90% عام 2023، ما جعل المواد الغذائية الأساسية وغيرها من الضروريات بعيدة عن متناول ملايين العائلات”.
وبحسب المسؤول الأممي “فإن أكثر من نصف السكان (12 مليون شخص) ليس لديهم ما يكفي من الطعام”.
مضيفاً: “هناك 2.9 مليون آخرين معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع”. وحذر من أنه في حالة عدم وجود تمويل عاجل، سيتعين على العاملين في المجال الإنساني اتخاذ “خيارات صعبة مرة أخرى هذا العام”.
وكان النظام السوري أعلن بشكل “مفاجئ” موافقته على تمديد إيصال المساعدات لشمال غربي سورية ستة أشهر.
إلا أن الأمم المتحدة تحدثت عن شروط وضعها الأسد مقابل ذلك، وقالت إنها “غير مقبولة”.
ويشترط النظام إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري على عملية إيصال المساعدات لشمال غربي سورية.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة “يجب ألا تتواصل مع المنظمات والجماعات الإرهابية في شمال غرب سورية”، حسبما نقلت وكالة “رويترز”.