منذ أواخر شهر أغسطس/آب الماضي، عبرت 3 قوافل مساعدات إنسانية من مناطق سيطرة نظام الأسد، إلى المناطق التي تديرها “حكومة الإنقاذ” و”المؤقتة” شمال غربي سورية، الأمر الذي أثار مخاوف ناشطين في المجال الإنساني، وفي ذات الوقت طرح تساؤلات عن أهداف هذا التغيّر في مسار العبور.
ووصلت آخر القوافل قبل يومين، إذ كانت مقدمة من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، كما هو الحال بالنسبة لسابقاتها.
وتحدث البرنامج الأممي عبر حسابه في “تويتر”، عن دوافع إنسانية لعبور هذه القوافل بغض النظر عن المسار الذي تسلكه.
بينما أشارت “حكومة الإنقاذ” التي تمسك بإدارة معظم محافظة إدلب، إلى أن العبور عبر خطوط التماس “يدفع باتجاه تجديد قرار إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا”.
وكانت جلسة لمجلس الأمن الدولي قد مددت بالإجماع في العاشر من يوليو/ تموز الماضي، إيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” الحدودي.
ويسمح القرار بتسليم عبور حدودي واحد لمدة ستة أشهر، مع إمكانية التجديد لستة أشهر أخرى “بناء على قرار الأمين العام للأمم المتحدة وشفافية إيصال المساعدات لكل الأطراف”.
ومن المقرر بموجب القرار أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً في يناير/كانون الثاني المقبل، على أن يتعلق بـ”شفافية إيصال المساعدات”، وخاصة عبر “باب الهوى”.
“مرحلة جديدة”؟
على مدى السنوات الماضية، حاولت روسيا مراراً عرقلة عملية إدخال المساعدات إلى مناطق شمال غربي سورية عبر المعابر الحدودية.
وأثناء التصويت الأخير على قرار التمديد، كان مندوب روسيا في مجلس الأمن، فاسيلي نيبيزيا، قد قال إن بلاده “ستتابع خلال الشهور الستة الأولى تنفيذ هذا القرار بحيث يتم استبدال آلية المساعدات العابرة للحدود في نهاية المطاف بالوصول الإنساني عبر خطوط المواجهة (أي من الداخل السوري وبإشراف النظام)”.
ويقول مدير “الدفاع المدني السوري”، رائد الصالح: “دون شك فإن دخول القوافل عبر خطوط التماس من مناطق النظام يشكل تهديداً للسكان في شمال غرب سورية”.
ويوضح الصالح لـ”السورية.نت”، أنه و”في أي لحظة. إذا تحوّل القرار إلى عبور المساعدات فإن ذلك سيزيد من قوة النظام، وبالتالي سيفرض حصاراً على المدنيين في المنطقة”.
ويشير مدير “الدفاع المدني” إلى أن دخول القوافل عبر خطوط التماس، يعتبر جزءاً من قرار الأمم المتحدة، وكان شرطاً لروسيا من أجل تمرير القرار في شكله الحالي.
لكنه يستبعد فكرة أن ملف المساعدات الخاص بمناطق شمال غربي سورية قد يُقبل على الدخول في “مرحلة جديدة”، وذلك يرتبط بكون “المواقف الدولية التي تموّل المساعدات الأممية ثابتة من عبورها عبر الحدود”.
وإلى جانب المواقف الدولية التي تموّل، يُعتبر ملف المساعدات جزءاً من التفاهمات الروسية- التركية.
وبحسب الصالح: “تركيا تحاول دعم استقرار المنطقة من خلال وصول المساعدات عبر الحدود، إضافة إلى وقف إطلاق النار، في مسعى لعدم حصول أي هجرات جديدة تؤثر على الموقف الدولي”.
وبالتالي يعتبر ذات المتحدث، أن “إعطاء ملف المساعدات للنظام سيؤدي إلى عملية تهجير جديدة حتماً، لأنه سيكون هناك ضغط على الشعب وإعطاء قوة للأسد لفرض حصار على 4 ملايين مدني يعيشون في المنطقة”.
“تمهيد لإعادة السيطرة”
في مقابل ما تحدث به الصالح يرى الطبيب السوري، محمد كتوب، أن دخول القوافل عبر خطوط التماس وبشكل واضح “هدفه التقيّد بقرار مجلس الأمن الأخير”، والذي يطالب بـ”رصد المساعدات عبر خطوط التماس”.
ويقول كتوب لـ”السورية.نت”: “لكن مع الأسف يتم ترجمة ذلك بقوافل مساعدات باتجاه إدلب التي تصلها المساعدات عبر الحدود بدلاً أن تتجه القوافل إلى درعا”.
وما يحصل الآن “هو تمهيد لفرض إعادة السيطرة لدمشق على المساعدات وانحسار المساعدات عبر الحدود”.
ووفق الطبيب المطلع على تفاصيل العمل الإغاثي في سورية: “هناك جهود كبيرة من قبل منظمات سورية ودولية لوضع حلول خارج إطار مجلس الأمن، بهدف إبعاد المساعدات عن رحمة الابتزاز الروسي بشكل سنوي، على عكس موقف وكالات الأمم المتحدة، والتي لا يوجد شفافية ووضوح من جانبها”.
“ذريعة السيادة”
وتتذرع روسيا في محاولاتها عرقلة تمديد القرار، بأن إدخال المساعدات عبر الحدود، دون موافقة النظام، يعتبراً خرقاً لـ”سيادة سورية”.
وفي 14 يوليو/ تموز 2014، أقر مجلس الأمن القرار 2165، الذي نص على أن “الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها المنفذين، يؤذن لهم باستخدام الطرق عبر خطوط النزاع والمعابر الحدودية، باب السلام وباب الهوى مع تركيا، ومعبر اليعربية مع العراق، ومعبر الرمثا مع الأردن، بهدف ضمان وصول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك اللوازم الطبية والجراحية، إلى المحتاجين في أنحاء سورية من خلال أقصر طريق مع إخطار السلطات السورية بذلك”.
وأسهم القرار في إيصال المساعدات لملايين السوريين القاطنين في المناطق الحدودية، مثل مدن وبلدات الشمال السوري عبر معابر تركيا، ومناطق شمالي شرقي سورية عبر العراق، والجنوب السوري عبر الأردن، إذ كانت المساعدات الأممية تصل عبر منظمات إنسانية بشكل دوري ومنتظم.
لكن نظام الأسد استخدم إدخال المساعدات كسلاح، في المناطق البعيدة عن الحدود، عبر التحكم بها، من أجل الضغط على السكان الذين يعتبرهم حاضنة للثورة ضده، عبر اتباع سياسية التجويع من أجل القبول بـ”المصالحات”، وهو الأمر الذي أشار إليها ناشطون إنسانيون في حديث سابق لـ”السورية.نت”.