إيران تستبق “تحولات” سورية متوقعة بـ3 تحركات استثنائية
رغم أن التحركات الإيرانية الخاصة بالملف السوري لم تنقطع على مدى سنوات، إن كانت سياسية أم اقتصادية أو عسكرية، إلا أن تلك التي حصلت خلال الأيام الماضية حملت صبغة “استثنائية”، وجاءت في وقت يقبل الملف السوري على “تحولات”، حسب مراقبين، ومعطيات على الأرض تكشفت تفاصيلها مؤخراً.
وتعتبر إيران أحد أبرز داعمي النظام السوري الاثنين إلى جانب روسيا، ولطالما كانت العلاقة التي تربطها بالأسد مثار تحليلات وقراءات استشرفت أبعاداً مستقبلية، بناء على سلسلة من الخطوات، كانت أولى بوابتها بالدعم العسكري والميليشيوي الذي قدمته، لحرف مسار الأحداث في أعقاب الثورة السورية.
وبعدما تمكنت إلى جانب موسكو من حرف المسار لصالح الأسد على الأرض، وبجزء ما ضمن الشق السياسي كان لافتاً خلال الأعوام الأربعة الماضية تركيزها على الشق الاقتصادي، من خلال توقيع عشرات الاتفاقيات، من أجل تحصيل الديون التي صرفتها لقاء الدعم المقدم من جانبها.
وبينما بقيت “الاتفاقيات على ورق” حسب ما أشار في وقت سابق مسؤولون إيرانيون وآخرون من حكومة النظام السوري دفعت طهران الكثير من الوفود لحل هذه المعضلة، كان آخرها قبل أيام، وقاده وزير الطرق والبناء، مهراد بازارباش، ووصفته وكالات بأنه “الأكبر من نوعه قياساً بسابقاته”.
وحملت المهام التي قادها بازارباش صيغة مختلفة عن الوفود التي كان يقودها سلفه رستم قاسمي والذي توفي قبل أشهر، من زاوية التأكيد على المضي بتنفيذ الاتفاقيات، بالإضافة إلى تشكيل عدة لجان، أبرزها تلك الخاصة بتحصيل الديون.
وكانت الخطوة المذكورة أولى التحركات اللافتة والاستثنائية من جانب طهران، والتي حصلت خلال الأسبوع الماضية، وجاءت في سياق تحركين آخرين، الأول هو تعيين سفيراً فوق العادة لها في دمشق، ومن ثم الإعلان عن أول زيارة لرئيس إيراني إلى العاصمة السورية، منذ عام 2011.
ماذا حمل بازارباش؟
والتقى الوزير الإيراني بازارباش في زيارته التي استمرت يومين وزراء في حكومة النظام السوري، بالإضافة إلى بشار الأسد، وأكد في لقاءاته على ضرورة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة، والشروع بخطوات التعاون الاقتصادي، سواء من خلال مشروع الربط السككي أو ضمن المجالات الأخرى، على رأسها الشحن البحري.
ونقلت وكالة “إيرنا” الإيرانية تصريحات بازارباش، إذ قال إنه يهدف “لإنهاء أهم القضايا التي كانت على جدول الأعمال”، وإن “المحور الرئيسي للزيارة هو إزالة أوجه القصور والعقبات التي يعاني منها القطاع الخاص والإنتاجي في سورية”.
وأضاف: “تم الاتفاق على أن يذهب 50 ألف شخص لأداء فريضة الحج إلى سورية كل عام “، كما تم الاتفاق على ثلاث مناطق تجارة حرة لكي تبدأ إيران نشاطها في هذا المجال.
وتابع بازرباش: “تم طرح التبادل المباشر بين بنكي البلدين لأن شبكة البنوك في البلاد تخضع لعقوبات قاسية ويمكن للبنكين العاملين على الجانبين إجراء عمليات تبادل مالي مباشر”.
وأشار وزير الطرق إلى الاستثمار في الحقول النفطية والمصافي، وإلى اتفاقية إنشاء شركة المدن الصناعية، وإلى زيارة النشاط الاقتصادي البحري.
وزاد: “نظراً لأهمية تشغيل بعض الموانئ، تقرر أن يكون ميناء تحت تصرف الجانب الإيراني، مما يوفر لنا فرصة فريدة للاستثمار في موانئ البلاد”.
في غضون ذلك أوضح بازارباش بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلامية أخرى أنه “تم الاتفاق مع الجانب السوري على استثمار ميناء اللاذقية لاستقبال سفن الحاويات الضخمة، وزيادة الطاقة الاستيعابية والشحن المنتظم عبره، بالتزامن مع استكمال مشروع الربط السككي”.
وذكرت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية أنه تم تشكيل ثماني لجان تخصصية خلال لقاءات بازارباش مع المسؤولين في النظام السوري.
ومن المقرر أن تختص كل لجنة بجانب اقتصادي معين، بينما كان لافتاً إشارة الصحيفة إلى وجود “لجنة لمتابعة الديون والمستحقات لإجراء التحقيق الدقيق لحجم الديون”.
وأوضحت الصحيفة: “كان هناك اتفاقات سابقة تخص إعطاء أراض بدل هذه الديون”، و”أن الجانب الإيراني يشعر بظروف سورية ولكن يوجد في إيران بعض القوانين يجب الإجابة عن أسئلتها”.
“سفير فوق العادة”
وجاءت زيارة الوفد الإيراني “الأكبر من نوعه” بعد يومين من تقديم حسين أكبري أوراق اعتماده لبشار الأسد، كسفير فوق العادة والمفوض للجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية.
ومن غير الواضح أبعاد تعيين “سفير فوق العادة لإيران في دمشق”، فيما ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن هذه الخطوة من شأنها أن تسرّع عملية تنفيذ الاتفاقيات، دون الحاجة إلى زيارة الوفود بشكل متكرر إلى العاصمة السورية.
وتوضح وكالة “تسنيم” الإيرانية أن “حسين أكبري كبير الخبراء في الشؤون الإقليمية، وكان سابقاً سفيراً للجمهورية الإسلامية الإيرانية في ليبيا، وحل محل مهدي سبحاني سفير إيران السابق في سورية”.
“رئيسي إلى دمشق”
ومن المقرر كتحرك إيراني ثالث أن يزور إبراهيم رئيسي العاصمة السورية دمشق، يوم الأربعاء، في خطوة هي الأولى من نوعها لرئيس إيراني إلى سورية، منذ عام 2011.
وذكرت صحيفة “الوطن”، يوم الجمعة، أن رئيسي سيجري مباحثات رسمية مع رأس النظام، بشار الاسد تتضمن تعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين، وخصوصاً في الجانب الاقتصادي.
وأضافت الصحيفة أنه “سيتم التوقيع خلال الزيارة على عدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الخاصة بالتعاون الاقتصادي بين البلدين”.
وعلى مدى السنوات الماضية لطالما تحدثت وسائل إعلام إيرانية عن نية الرئيس الإيراني زيارة دمشق، إن كان إبراهيم رئيسي أو سلفه حسن روحاني، وهو ما لم يتم.
وقالت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، الجمعة، إن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سيزور دمشق برفقة عدد من الوزراء.
وأضافت الصحيفة، المقربة من إيران، أن التحضيرات للزيارة يراد لها أن تكون “احتفالية بنصر محور المقاومة”، واستثماراً لحركة التطبيع العربي مع نظام الأسد. وأضافت أيضاً أن هدف الزيارة للمشاركة في إعادة الإعمار وتدشين مشارع اقتصادية.
وتأتي زيارة رئيسي لسورية في خضمّ تحرّكات دبلوماسية إقليمية يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ اتفاق الرياض وطهران على استئناف علاقاتهما الشهر الماضي.
وتتزامن كذلك مع انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه النظام السوري، الذي قاطعته دول عربية عدة منذ اندلاع الثورة السورية، عام 2011. كما تأتي بعد أيام من اجتماع استضافته موسكو بحضور إيران وجمع مسؤولين أتراك وفي النظام السوري، في خطوة تأتي في إطار مساع لإصلاح العلاقات بين الأسد وأنقرة.