أعلنت طهران إنشاء مصرف مشترك مع نظام الأسد في سورية، على هامش الزيارة التي يجريها وزير الطرق الإيراني، رستم قاسمي إلى دمشق، منذ يومين.
ونقلت وكالة “فارس“، اليوم السبت، عن قاسمي قوله بأنه “تم التوصل إلى توافقات جيدة، وتقرر افتتاح مصرف مشترك، وعلى ضوئه سيتم إنشاء تبادل لفروع مصارف محلية بين الجانبين”.
وأضاف قاسمي: “تم اتخاذ قرارات بمختلف المواضيع، لا سيما بمجال إنشاء مناطق تجارية حرة مشتركة”.
ومن المقرر أن يتوجه رئيس منظمة المناطق الحرة الإيرانية إلى سورية، لتدارس وإبرام اتفاق إنشاء بهذا المجال، في الأيام المقبلة.
وأشار المسؤول الإيراني إلى أنه “تم التطرق لزيادة صناعة المنتجات الإيرانية في سورية، مثل الجرارات والمعدات الزراعية، فضلاً عن إلغاء التعريفات الجمركية وتعزيز الصادرات البينية”.
وتأتي زيارة قاسمي إلى دمشق عقب تصريحات لمسؤولين إيرانيين، أشاروا فيها خلال الأسابيع الأخيرة، إلى حالة من التوجس نتيجة ضعف الاستثمارات الإيرانية في سورية.
وعلى الرغم من أن فكرة إنشاء “المصرف المشترك” بين إيران وسورية قديمة، إلا أن توقيت الإعلان عنها يثير العديد من التساؤلات، خاصة أنها تتزامن مع خطوات اقتصادية غير مسبوقة لإيران في سورية.
وكان رئيس البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، قد أعلن مطلع عام 2019، توقيع اتفاق مع حاكم مصرف سورية المركزي السابق، حازم قرفول، حول إنشاء وتطوير وإقامة علاقات الوساطة المصرفية بين البلدين.
وتحدث أيضاً في ذلك الوقت عن إصدار رخصة إنشاء بنك مشترك بين إيران وسورية في دمشق.
وأكد همتي، بحسب ما نقلت آنذاك وكالة “فارس” الإيرانية، أن “البنوك المركزية في البلدين، ستبدأ عبر افتتاح الحساب بالتبادل المصرفي على أساس العملة الوطنية للبلدين، وتوفير إمكانية استخدام البطاقات المصرفية بين طهران ودمشق”.
“خمس نقاط مهمة”
وتخضع المصارف الإيرانية لعقوبات أمريكية تمنع المصارف في الخارج من التعامل معها خشية فرض عقوبات.
كما يخضع مصرف سورية المركزي لعقوبات من وزارة الخزانة الأمريكية، منذ نهاية 2020.
وفي مارس/آذار العام الحالي، قال مدير الشؤون العربية والإفريقية في منظمة “التنمية التجارية الإيرانية”، فرزاد بيلتن، إن المصارف السورية لا ترغب بفتح مصرف مشترك مع إيران.
وبرر ذلك بقوله لوكالة “فارس”، إن “السلطات السورية مهتمة بهذا الموضوع، لكن المصارف السورية، التي غالباً ما تكون خاصة، تخشى أن تعاقَب من الولايات المتحدة إذا أقامت علاقات مصرفية مع أطراف إيرانية”.
وأضاف أن هذا السبب يدفع المصارف السورية لعدم الرغبة بالتعاون في فتح مصرف مشترك “إيراني- سوري”.
وسبق أن تحدث مدير “منصة اقتصادي”، يونس الكريم، عن خمس نقاط مهمة تتعلق بإعلان إيران نيتها إنشاء مصرف مشترك مع نظام الأسد.
وأشار الكريم إلى أن قرار البنك المشترك قديم جداً، وطرح قبل الثورة السورية، حيث كانت طهران تسعى لإنشائه، ووقعت إثر ذلك اتفاقيات مبدأية.
ويقول الكريم لـ”السورية.نت”: “لكن ذلك لم يترجم لأسباب تقنية، منها الوضع الأمني وآلية الانتشار والمواقف المسبقة من إيران والخوف من استهدافها”.
ويرى الخبير الاقتصادي أن أولى أهداف البنك هي “إدارة الدين السوري- الإيراني”.
أما ثانياً؛ يوضح الكريم أن إيران تحاول إدارة أموالها في سورية، لاسيما مع وجود مشاريع استثمارية لها في سورية، وتريد إدارتها من خلال ضخ السيولة، وبالتالي “التحويل من وإلى بشكل صامت، بعيداً عن شركات الحوالات ونوعاً ما بعيداً عن البنك المركزي السوري”.
وهناك هدف ثالث للبنك المشترك في حالة إنشائه بالفعل، ويرتبط بنية طهران التحكم بالسيولة والمشاريع الخاصة بها في سورية، وأيضاً التحكم برجال الأعمال المرتبطين بها.
ويرى ذات المتحدث، أن “إيران تريد أيضاً في هدف رابع إدخال الأموال والتبرعات التي تحصل عليها من الحوزات الإسلامية في سورية إلى هذا البنك، بشكل مخفي وبعيد عن الأنظار، من أجل تجنب العقوبات المفروضة عليها”.
وتحدث الخبير عن نقطة خامسة، وهي أن إيران “تريد شرعنة وجودها في سورية، وتحويل ذلك من الوجود العسكري على الأرض إلى الوجود الاقتصادي. هذا البنك هو أولى إشارات شعور إيران بأن الحل في البلاد وإعادة تعويم الأسد وإعادة الإعمار بات قريباً”.
وعملت إيران، الداعمة لنظام الأسد، خلال السنوات الماضية على إبرام اتفاقيات اقتصادية وعسكرية مع حكومة النظام، ما اعتبره البعض تحصيلاً لمكاسب مقابل دعم الأسد، حيث بدأ النظام بدفع فواتير تدخل روسيا وإيران لجانبه وقلب الموازين العسكرية لصالحه.
وفي الوقت الحالي تستهدف إيران رفع التبادل التجاري مع سورية إلى 1.5 مليار دولار في غضون السنوات الثلاث المقبلة، بحسب ما قال مدير الشؤون العربية والإفريقية في منظمة “التنمية التجارية الإيرانية”، فرزاد بيلتن، في مارس/آذار الماضي.
وأضاف بيلتن حينها إن المنظمة التي يديرها وضعت خطة لتصدير 400 مليون دولار من السلع إلى سورية، مقابل 100 مليون دولار واردات في سنة 2023، مشيراً إلى أن ما تبقى من الحجم المستهدف “سيشمل توسع تصدير الخدمات الفنية والهندسية إلى سورية”.