بينما تواصل تركيا تهديداتها بشن عملية عسكرية في شمال سورية، وتتواصل مع الروس تارة وتتحرك على الأرض تارة أخرى تتجه الأنظار إلى الجانب الإيراني، والموقف الذي سيكون عليه في حال نفذ المسؤولون الأتراك ما يرددونه، منذ أسابيع.
ونشر موقع “المونيتور” الأمريكي تقريراً، اليوم السبت، بعنوان “إيران وتركيا تستعدان للمواجهة في سورية”، متحدثاً أن الأولى تحاول “ثني” الجانب التركي عن أي تدخل جديد في البلاد.
ويقول كاتب التقرير فهيم تاشتيكين: “بسبب تضارب المصالح الإقليمية، يبدو أن تركيا وإيران تتجهان إلى مواجهة في سورية، حيث تعارض طهران بشكل صريح خطة أنقرة لعملية عسكرية جديدة ضد المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، متوجسة من المخاطر على موقفها في المنطقة”.
ولم تحصل تركيا حتى الآن على “ضوء أخضر” من الولايات المتحدة الأمريكية للمضي قدماً في خطتها العسكرية، “بينما يبدو أن روسيا تتباطأ”.
في غضون ذلك أرسل الإيرانيون تعزيزات للميليشيات إلى نبل والزهراء الواقعتين في شمال غرب حلب.
ويضيف التقرير: “هاتين غير بعيدتين عن منطقة رئيسية في مرمى أنقرة”، في إشارة إلى تل رفعت، التي حددها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان كهدف رئيسي للعملية العسكرية المحتملة.
وكان من المتوقع أن يجري وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان محادثات في تركيا في السادس من يونيو الحالي، قبل يومين من الزيارة التي أجراها الروسي، سيرغي لافروف.
لكن الرحلة ألغيت بسبب ما وصفته الصحافة الإيرانية بـ”مشاكل الجدول”.
ونقل تقرير “المونيتور” عن صحفي إيراني يتابع العلاقات التركية الإيرانية عن كثب قوله إن “طهران أرسلت مسؤولاً في المخابرات العسكرية إلى أنقرة لنقل اعتراضاتها”.
“إيران تعارض”
وفي التاسع والعشرين من مايو / أيار الماضي قالت إيران إنها تعارض التحركات التركية لشن عملية عسكرية جديدة، ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في الشمال السوري.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، حينها أن بلاده “تعارض أي نوع من الإجراءات العسكرية واستخدام القوة في أراضي الدول الأخرى بهدف فض النزاعات”.
واعتبر حسبما نقلت عنه وكالة “إرنا” الإيرانية، أن أي هجوم “سيؤدي إلى مزيد من التعقيد والتصعيد”.
لكنه أعرب في نفس الوقت عن تقدير بلاده لـ”الهواجس الأمنية لدى تركيا”، معتبراً أن “السبيل الوحيد لحلها يكمن في الحوار والالتزام بالاتفاقات الثنائية مع دول الجوار، والتوافقات الحاصلة خلال مفاوضات أستانة”.
وأصبح مفهوم التنافس أقل ما يقال في تحديد العلاقات التركية الإيرانية.
إذ تعمقت الخلافات بين الجارتين وسط مجموعة من القضايا المتعلقة بسورية والعراق ولبنان واليمن، إلى جانب الخلافات حول تقاسم المياه العابرة للحدود وتدفق اللاجئين الأفغان على ما يبدو إلى تركيا من إيران.
واعتبر كاتب التقرير في “المونيتور” أنه “لا يخفى على أحد أن الوجود العسكري التركي في سورية، نتيجة لثلاثة تدخلات منذ آب (أغسطس) 2016 يمثل مصدر قلق أكبر لإيران من اهتمام روسيا”.
ووصفت وسائل الإعلام الإيرانية وجود تركيا بأنه “غزو”، وأشارت إلى “الجيش الوطني السوري” على أنهم “إرهابيون تدعمهم تركيا”.
والعكس صحيح، استخدمت وسائل الإعلام المقربة من الحكومة التسمية “الإرهابية” للميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في سورية والعراق.
ويرى تاشتكين أن “استيلاء تركيا على تل رفعت، التي وصفها الرئيس رجب طيب أردوغان صراحةً بأنها هدف إلى جانب منبج، من شأنه أن يعرض المستوطنات الشيعية القريبة في الزهراء ونبل وكذلك مدينة حلب للخطر”.
هل من مواجهة؟
ووفقاً للصحفي الإيراني الذي نقل عنه “المونيتور” وطلب عدم الكشف عن هويته فإن تركيا “تدرك جيداً” أن إيران ستدافع عن نبل والزهراء، رغم أن إيران تجنبت مواجهة تركيا بشكل مباشر في سورية حتى الآن.
وعلى الرغم من أن أنقرة لم تذكر نبل والزهراء كأهداف، إلا أنها ستقع في نطاق تركيا إذا سيطرت على تل رفعت.
ويُنظر إلى البلدتين مع تل رفعت على أنهما حاجز يحمي حلب.
وتقع نبل والزهراء شمال مدينة حلب بنحو عشرين كيلومتراً، وتضمان نحو أربعين ألف مقاتل، ينتمون إلى الطائفة الشيعية في محيط سني.
وتعتبر البلدتين قاعدتين بارزتين للنفوذ الإيراني في الشمال السوري، وكانت لإيران وميليشياتها الفضل الأكبر في فك الحصار عنهما، مطلع عام 2016.
وسبق وأن شهدت نبل والزهراء استعراضات واحتفالات كانت بصبغة إيرانية، آخرها مطلع عام 2021، في ذكرى مقتل قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني، قاسم سليماني.