احتجاجات السويداء في مواجهة عنف النظام و”مؤشر خطير”
هل تستعيد نشاطها..
خيم الهدوء على مدينة السويداء اليوم الثلاثاء، بعد احتجاجات أول أمس، وطريقة تعاطي نظام الأسد معها، بإطلاق قواته الأمنية النار مباشرة على الأهالي.
وتعتبر الاحتجاجات الأخيرة الأولى من نوعها، حيث قُتل عنصر من شرطة النظام ومدني، وأصيب 18 شخصاً، وحرق المتظاهرون مبنى المحافظة وصور رأس النظام السوري، بشار الأسد.
بالمقابل وصف إعلام النظام الرسمي المحتجين، بأنهم خارجين عن القانون، وهدد بملاحقتهم، بينما حاول “مشيخة العقل” أصحاب الكلمة المؤثرة في المحافظة، تهدئة الموقف المتصاعد.
وتشهد محافظات السويداء بين حين وآخر، احتجاجات شعبية، خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، طالبت بتحسين الوضع المعيشي المتردي، وفي بعض الأحيان المطالبة بإخراج الميليشيات الإيرانية من المحافظة ومنع تمددها.
مؤشر خطر..الاحتجاجات لن تحدث أي تغيير
المحامي سالم ناصيف المنحدر من السويداء، والمطلع على تفاصيل المحافظة، قال إنه لا يمكن التنبؤ كيف سيتعامل النظام مع تصاعد التوتر في المحافظة “لكن العنف هو مؤشر خطير”.
ورجح في حديثه لـ”السورية نت”، أن استخدام النظام للعنف يعني أنه قد اتخذذ قرار مواجهة أي احتجاجات “بهذا الأسلوب الهمجي كما فعل بباقي المناطق السورية”، وهذا يدل على عدم نية النظام الالتفاف على هذه الاحتجاجات واستيعابها والاحتيال عليها مثل المرات الماضية”.
وأكد الناشط السياسي وسيم حسان، أن النظام لن يغير أسلوبه (أي العنف) في التعاطي مع أي احتجاجات، ولكل مدينة أو جهة تقف بوجهه يوجد لها تهم جاهزة.
و”بالنسبة لأهل السويداء من الصعب أن يتهمهم النظام بالإرهاب والتطرف، لكن سيتهمهم بالعمالة لإسرائيل ولجنبلاط”، حسب تعبير وسيم حسان في حديثه لـ”السورية نت”.
وبالتالي سيستخدم العنف لكن بطريقة مختلفة، عبر اختلاق التفجيرات في المحافظة، والتهديد بشماعة تنظيم “الدولة الإسلامية”، بأنه سيشن هجوماً من جهة الشرق، لكن من سينفذ هذا الهجوم ليس له علاقة بالتنظيم، إنما مجموعات مرتبطة بسلطات أمن النظام ومدفوعة لافتعال قلاقل ترهب وتخوف الأهالي.
وأضاف الناشط وسيم حسان، أن “هذا الأسلوب هو أسلوب النظام ولن يستطيع تقديم أي شيء آخر لا كهرباء ولا خدمات ولا أي حلول للأوضاع المعيشية”.
من ناحية أخرى، توعدت وزارة الداخلية في حكومة الأسد المحتجين بملاحقتهم، ووصفتهم بالـ”خارجين عن القانون”.
كما اتهمتهم بحمل أسلحة فردية وإطلاق النار العشوائي عند مبنى المحافظة، ما أدى لإصابة عنصر وعدد من المواطنين الموجودين في المكان.
وحمل المحامي سالم ناصيف المسؤولية للنظام في حال تطورت الأمور، خلال الأيام القادمة، ووصلت للمواجهات المسلحة.
إطلاق رصاص وتمزيق صورة الأسد..تصعيد كبير في السويداء (فيديو)
أين مشيخة العقل والفصائل المحلية مما حدث؟
استبعد الناشط وسيم حسان حصول أي تغيير نوعي عبر الاحتجاجات في السويداء، بسبب تعدد التوجهات “فهناك أصوات راديكالية وأصوات تهدئ وأخرى عميلة للنظام مقتنعة أنه أفضل من غيره، والبديل ليس أفضل”.
أما مشيخة العقل “فلا يراهن على بياناتها أو أقوالها ولا يعتد بتصريحاتها فالناس بواد وهي بواد آخر”، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن مشيخة العقل هي “نموذج للمشايخ المهادنين”، وبالتالي يكونون أقرب لخطاب السلطة من خطاب التغيير، مشيراً إلى أن بعضهم يستفيدون باستمرار من دعم المؤسسات الرسمية لهم.
وارتباط بعض الزعامات المحلية والدينية مع النظام، يمكّنه من الالتفاف حول الاحتجاجات، بحسب المحامي سالم ناصيف، ومحاولة جرها لخلافات داخلية، بزعم أن المتظاهرين يجرّون المحافظة لمشاكل تعجز هذه الزعامات عن حلها أو إيقافها.
واستبعد ناصيف أن تتحرك “حركة رجال الكرامة”، فهي تقف بالوسط ولا تريد صداماً مسلحاً مع السلطة “لكن بنفس الوقت تحاول أن تسترضي الناس ببعض الكلام فقط تحت حجة نحن موجودون لمواجهة الخطر الخارجي”.
ونوه إلى أن انتشار السلاح بشكل عام في سورية، واستخدام النظام للعنف، يمكن أن يجر الأهالي لصدام مسلح، خاصة مع مجتمع عائلي مترابط متل مجتمع السويداء.
“حركة رجال الكرامة” تأسست أواخر عام 2013 تحت مسمى “مشايخ الكرامة”، أول قائد لها كان الشيخ وحيد البلعوس، الذي اغتيل في أيلول / سبتمبر 2015، وتلعب دوراً في حل بعض النزاعات المحلية، والتفاوض لإطلاق معتقلين في بعض الأحيان، لكنها تبتعد عن الصدام المباشر مع قوات النظام.
أما “مشيخة العقل” في السويداء، وهي هي هيئة روحية وزعامة دينية متوارثة. ومنذ العهد العثماني كان هناك 3 شيوخ عقل يتصدرون رأس الهرم في الطائفة الدرزية.
وتعتبر مكانة المشايخ متوارثة، ولا يمكن أن تخرج المشيخة عن أسماء ثلاث عوائل (الهجري، الجربوع، الحناوي).
ما موقف مشيخة العقل
ولم ينتظر إعلام الأسد كثيراً حتى استضاف الشيخين يوسف الجربوع وحمود الحناوي للتعليق على الاحتجاجات.
ودعا حمود الحناوي “الجميع للتهدئة وتغليب العقل والحكمة، لأننا في ظروف صعبة من جميع النواحي. هذه الظروف لا تواجه إلا بالصبر والتحمل وتقدير العواقب”، وفق تعبيره.
وأضاف: “نحن منذ بداية الأزمة ندعو للسلم الأهلي ووأد الفتنة وعدم الانجراف بالظروف القاسية الصعبة التي تؤدي إلى مثل هذه الأمور. أبناء السويداء على درجة كبيرة من الوعي والوطنية والمواقف، ولا يمكن أن يقبلوا بالخطأ ونشر الفوضى أن يحكموا المصلحة العامة ومصلحة الجميع”.
“الوضع متفاقم بالنسبة لحاجات الناس وصاحب الحاجة أرعن”، كما اعتبر في كلامه، مشيراً إلى أن “الأمور وصلت إلى درجة لا يمكن أن تقبل للتحمل. ظروفنا من أصعب الظروف في السويداء وهذا لا يبرر الغلط. التصرف الذي جرى اليوم فوجئنا به”.
من جهته اعتبر الشيخ يوسف الجربوع أن “الظروف الاقتصادية التي تمر على سورية والمنطقة بشكل عام شكلت ضغطاً على الناس، وعملت ردود أفعال سيئة، وهناك من استثمرها باتجاه التصعيد، ويكون بتخريب لمنشآت الدولة وهذا أمر مرفوض”.
وقال: “لو كانت المطالبة بشكل راقي دون أي مظاهر تخريب نقول إن هذه مطالب شعبية لتحسين الأوضاع الاقتصادية، لكن عندما توجهت لتخريب منشآت الدولة كان لها أهداف أخرى تسير من خارج سورية”.
وأضاف: “هناك من له مصلحة بتوتير الأوضاع الداخلية. أناس استغلوا الشباب التي لا خبرة لديها في الحياة، ولا تعرف عواقب الأمور من أجل تحقيق أجندات سياسية”، وفق تعبيره.
وكان للشيخ الهجري موقف مختلف.
ووصف مصدر مقرب من الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، الممثلة بالهجري ما حصل اليوم بحراك سلمي عفوي من “شعب صامد هدّه الجوع والحاجة، وآلمته المزاودات وآذته القسوة، وعدم الاستجابة لمطالبه المحقة من كل ما يعانيه من كل الجهات وعلى كل الجبهات”.
وقال المصدر لشبكة “السويداء 24”: “لكن كالعادة تحاول بعض الجهات المشبوهة حرف الحقائق وتغيير العناوين، حيث جاء تصرفهم اليوم مع المواطنين بقمة السوء، حيث اندسوا بينهم وحاولوا إيذاءهم فاستعر الشارع بشكل عشوائي وحصل ما حصل”.
وشدد المصدر على رفض الرئاسة الروحية أي تحرك مسلح ضد الأهالي، وأضاف: “نرفض إراقة الدماء ونرفض أي تخريب للمتلكات العامة أو الخاصة، لأنها تخص الشعب كله. الناس بعفويتها والغضب الشعبي يتحرك بلا توجيه”.