تشهد أوساط الفصائل العراقية حالة انقسام بشأن “استئناف التصعيد” ضد الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسورية، حسبما كشفت مصادر لصحيفة عربية.
ويأتي ذلك مع استمرار الحراك والضغط من قبل رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني للحفاظ على الهدنة بين الفصائل والجانب الأمريكي.
وسجل العراق وسورية في الأسبوع الحالي حادثين أمنيين ضد مواقع أمريكية، بعد عودة السوداني من واشنطن، الأسبوع الماضي.
وفي حين لم تسفر مباحثات رئيس الوزراء العراقي عن أي إعلان عن إنهاء الوجود الأمريكي أو تقليصه في العراق، وقّع سلسلة اتفاقيات حملت عنوان “الشراكة الثنائية” في مجالات أمنية وعسكرية واقتصادية ومالية مختلفة.
“فصيل واحد قرر التحرك”
وقال مسؤول حكومي بارز في بغداد لصحيفة “العربي الجديد“، اليوم السبت، إن “تحركات فردية من فصيل مسلح تجاه القوات الأمريكية في العراق وسورية تم احتواؤها خلال ساعات قليلة من خلال اتصالات للحكومة مع أطراف مختلفة داخل العراق”.
وأضاف المسؤول أن “فصيلاً واحداً قرر التحرك بشكل منفرد ضمن ما يسميه الرد على عدم حسم الوجود الأمريكي في زيارة السوداني إلى واشنطن”.
لكن “تم احتواء الموضوع ووقف التصعيد، من خلال التنسيق مع أطراف عراقية وأخرى إيرانية بشأن الحفاظ على التهدئة داخل العراق وأيضاً سورية”، وفق المسؤول.
ودخلت فصائل المقاومة العراقية هدنة مع الجانب الأمريكي، إثر اغتيال القيادي في كتائب “حزب الله” العراقية أبو باقر الساعدي قبل أكثر من شهرين.
ولم تنفذ الفصائل العراقية أي عملية ضد المصالح الأمريكية في البلاد منذ تلك الفترة، على الرغم من استمرار نشاط الطيران الأمريكي المسيّر في الأجواء العراقية، خصوصاً في بغداد والأنبار وإقليم كردستان.
وقال قيادي بارز في كتائب سيد الشهداء للصحيفة إن “عدم تحقيق وعود السوداني للفصائل بشأن نتائج مُرضية حول الوجود الأمريكي سبّب انقساماً بالمواقف بين استئناف الهجمات أو الاستمرار بالهدنة”.
وأضاف أن “العمليات العسكرية التي استهدفت الأميركيين في قاعدة عين الأسد وسورية، الأسبوع الماضي، لم تكن من قبل المقاومة الإسلامية في العراق، بل هي عمليات نُفذت من دون أي تنسيق بين أي من الفصائل، ويمكن اعتبارها تصرفاً فردياً من إحدى جماعات المقاومة”.
كما تابع أن “السوداني وبعض قادة الإطار التنسيقي تحركوا نحو قادة الفصائل العراقية من أجل الضغط والحث على استمرار الهدنة، باعتبار أن عودة العمليات سيكون لها تأثير على نتائج زيارة السوداني الأخيرة إلى واشنطن”.
“بين إعلان ونفي”
وفي أعقاب القصف الأخير على القوات الأمريكية في سورية انطلاقاً من العراق وبعد بيان نسب العملية لـ”حزب الله” العراقي نفت الكتائب المدعومة من إيران مسؤوليتها.
وتعليقاً على ذلك قال الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، رائد الحامد لـ”السورية.نت”، الأسبوع الماضي إن “الفصائل المسلحة الحليفة لإيران أمهلت رئيس الوزراء العراقي ثلاثة أشهر للتفاوض مع الأمريكيين والاتفاق على جدول زمني لمغادرة العراق”.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني زار الولايات المتحدة الأمريكية، السبت الماضي، حيث التقى بالرئيس جو بايدن في البيت الأبيض.
ويضيف الحامد: “ما يبدو فإن زيارة السوداني لم تثمر عن نتائج مقبولة من الفصائل، التي عملياً شنت أول هجمات على مواقع أمريكية في سورية”.
ويرى الحامد أن نفي “حزب الله” لاستئناف هجماته على القواعد الأمريكية هو “محاولة منها لتجنب رد الفعل الأمريكي”.
وتحدث عن خلافات بين الميليشيات العراقية حول الموقف من الأمريكيين، بين فريق يرى ضرورة منح حكومة السوداني والبرلمان ما يكفي من الوقت للطلب من الأمريكيين مغادرة العراق.
“بين فريقين”
ويمثل هذا الفريق حركة “عصائب أهل الحق” و”منظمة بدر”، وهما الأكثر تمثيلاً في الحكومة والبرلمان.
وبين فريق آخر يرى أن “العمل العسكري هو الخيار الأمثل”، ويمثل هذا الفريق كتائب “حزب الله” وحركتي “النجباء” و”سيد الشهداء”، حسب الحامد.
وأشار إلى أن الخلافات بين قادة الفصائل من جهة، والخلافات بين الفصائل وحكومة السوداني من جهة أخرى، والتي هي في حقيقتها حكومة الإطار التنسيقي الذي يمثل أجنحة سياسية لفصائل مسلحة، يشير إلى ما يشبه “الطلاق” بين الفصائل والحكومة، وفق تعبيره.
واعتبر أن الحكومة “بدت حريصة على استقلال قرارها من خلال إعلانها تعقب مطلقي الصواريخ على القواعد الأمريكية، وإحراق إحدى المنصات في نينوى شمال العراق التي منها انطلق الهجوم على قاعدة خراب الجير في شمال شرق سورية”.