شهدت الأوساط السياسية والشعبية اللبنانية سجالات، خلال اليومين الماضيين، بعد منح مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ورقة “إفادة سكن” للاجئين السوريين المقيمين في لبنان.
وبدأت القصة حين تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورة عن “إفادة سكن”، حصلت عليها لاجئة سورية في لبنان صادرة عن مفوضية اللاجئين، ما أثار حفيظة بعض اللبنانيين.
وإفادة السكن في لبنان تصدر عادةً عن المختار، وتخول صاحبها الحصول على مجموعة من الخدمات الأساسية والضرورية.
الإفادة والسيادة
اعتبر ناشطون وسياسيون لبنانيون أن منح المفوضية “إفادة سكن” للسوريين هي بمثابة “انتهاك” للسيادة اللبنانية، على اعتبار أن الجهة التي يفترض أن تمنح هذه الإفادات ترتبط بوزارة الداخلية والدولة اللبنانية.
فالمختار الذي يمنح “إفادات السكن” عادةً يتبع تسلسليّاً إلى الإدارة العامة عبر القائم مقام، وبالتالي يرتبط المختار بشكل مباشر بوزارة الداخلية والدولة اللبنانية، وفق ما ذكرت صحيفة “النهار”.
من جانبها، انتقدت النائبة اللبنانية غادة أيوب، عضو تكتل “الجمهورية القوية”، منح “إفادات السكن” للسوريين عن طريق المفوضية.
وقالت: “لا سيادة للدولة اللبنانية، ولا من يسهر على تطبيق القوانين فيها، ولا من يصون الدستور ويحمي الشعب اللبناني من تعسف مسؤوليه، ولا من يحاسب”.
وأضافت: “أنت في دولة تخلّت عن حقوقها السيادية في تشرين الأول من العام 2016 لجهات خارجية مقابل تقديمات عينية للدولة اللبنانية لتعزيز قدراتها على أداء مهامها في عملية ضبط دخول الرعايا العرب والأجانب، ومن ضمنهم السوريين المسجلين كنازحين وتنظيم وجودهم على الأراضي اللبنانية”.
فيما اعتبر النائب عن “القوات اللبنانية”، رازي الحاج، أن الصلاحيات الممنوحة لمفوضية اللاجئين في لبنان لا تخولها إصادر وإعطاء وثائق كهذه.
وأضاف: “يعتبر إصدار هكذا مستندات تعدٍّ صارخ على القانون والسيادة الوطنية، ولهذا السبب تواصلت مع وزير الداخلية بسام المولوي ومدير عام الأمن العام اللواء إلياس البيسري طالباً منهم أخذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص”.
من جانبه، قال عضو “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب إبراهيم الموسوي إن مفوضية اللاجئين “تعتدي على السيادة اللبنانية وتصدر إفادات سكن للنازحين السوريين”.
وأضاف عبر حسابه في منصة “إكس”: “يجب عدم الاكتفاء بإدانة هذا الانتهاك الخطير بحق البلد وأهله”.
مردفاً “المطلوب اتخاذ اجراءات فورية بحق المفوضية لردعها، وكذلك المبادرة الجدية إلى قرار سيادي رسمي وطني عام لوقف تدفق النازحين والبدء بإعادتهم”.
مفوضية اللاجئين ترد
بحسب ما كشفت تقارير محلية، فإن منح “إفادات سكن” للسوريين في لبنان ليس أمراً جديداً، إذ تمنحها لهم مفوضية اللاجئين منذ عام 2016، بعد توقيع بروتوكول مع السلطات اللبنانية.
وفي توضيح لها عبر صحيفة “النهار“، قالت مفوضية اللاجئين إن إفادة السكن عبارة عن روتين قائم بين المفوضية والأمن العام منذ عام 2016، وهي إحدى الوثائق للتأكد من تسجيل اللاجئ السوري لدى المفوضية.
وأضافت أن هذه الوثيقة ضرورية لتجديد إقامة اللاجئ، وللحصول على الخدمات الأساسية، مثل تسجيل الأطفال في المدارس.
وأكدت أنه “لا يمكن قراءة رموز QR التي تظهر أعلى الإفادة إلا من قبل الأمن العام اللبناني وليس من قبل أي جهة أخرى، وذلك للتحقق من صحة المعلومات المذكورة في الإفادة”.
وتابعت: “بحسب الاتفاقية مع السلطات اللبنانية، وبدعم منها، تؤمن المفوضية إفادة السكن هذه للاجئين. وهذا روتين قائم منذ سنوات وبالتعاون مع السلطات اللبنانية”.
وبهذا الصدد، نقلت صحيفة “النهار” عن الأستاذ في القانون بكلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، الدكتور رزق زغيب، قوله إن “إفادات السكن التي تنظمها المفوضيّة العليا للاجئين، يمكن وضعها ضمن الإطار التنظيمي لوجود النازحين السوريين في لبنان، ولا قيمة لها كمستند قانوني”.
ونوه إلى أن هذه الوثيقة تمنح لكل شخص يحصل على حق اللجوء بموجب الدستور اللبناني، سواء كان سورياً أم من جنسية أخرى.
مضيفاً: “إفادات السكن المُشار إليها هي عبارة عن نوع من الإحصاء، تقوم من خلاله المفوضية بتحديد أعداد النازحين وأماكن سكناهم، بهدف خلق تعداد حقيقي يهدف إلى حسن توزيع المساعدات ومختلف الخدمات”.
ما هي “إفادة السكن”؟
وفق ما رصدت “السورية نت” على موقع مفوضية اللاجئين فإن المفوضية “تصدر إفادات سكن للاجئين يحدّد فيها مكان إقامتهم الحالية في لبنان ومعلومات أساسية”.
ويحتاج اللاجئون إلى إفادة السكن هذه لتجديد إقامتهم بناءً على شهادة المفوضية بهم، وذلك بحسب طلب الأمن العام.
ويشترط الحصول على الإفادة أن يكون اللاجئ وصل إلى لبنان قبل 1 يناير/ كانون الثاني 2015، وتم تسجيله في المفوضية قبل هذا التاريخ.
كما يشترط أن تكون شهادة المفوضيّة لا تزال فعّالة، وصالحة لمدة ستة أشهر على الأقل.
ويوجد نوعان من إفادة السكن، أحدهما فردية، والآخر عائلية.
ولإفادة السكن صلاحية مدتها 12 شهراً، ولن يتمكن حاملها من تقديمها إلى الأمن العام بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها.