سلط تقرير لموقع “فويس أوف أمريكا” الضوء على “الدولرة غير الرسمية” التي باتت تطغى على مناحي الاقتصاد الخاص بمناطق شمال وشرق سورية.
ونقل عن باعة ومشترين ومسؤولين في “الإدارة الذاتية” قولهم إن عدة عوامل وظروف كانت وراء جعل “الأخضر” ملكاً فعلياً في معظم العمليات التجارية في المنطقة.
يقول بائع فواكه مراهق في مدينة القامشلي للموقع الأمريكي بينما كان يحاول بيع منتجاته: “إذا لم يكن لديك أموال سورية، فلا مشكلة، سأقبل أي ورقة نقدية بالدولار الأمريكي لديك”.
ويضيف الصبي في التقرير الذي نشر اليوم السبت: “إذا اشتريت هذه الفراولة، فسآخذ الورقة النقدية بقيمة 10 دولارات ويمكنني أن أعيد لك الباقي من النقود السورية”.
“العملة الفعلية”
في مناطق شمال وشرق سورية وهي الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” شهدت الليرة السورية انخفاضاً غير مسبوق خلال العقد الماضي.
ويعد تدهور العملة السورية أحد العواقب الاقتصادية التي لم يجد لها نظام الأسد أي حل.
واعتباراً من 4 نيسان/أبريل بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية في السوق السوداء في القامشلي 14 ألف ليرة.
وقبل 2011 كان الدولار الأمريكي يساوي حوالي 50 ليرة سورية.
ويوضح محمد حفيظ خليل، المحاضر في الاقتصاد والمحاسبة بالقامشلي أنه “مع هذا التراجع في قيمة الليرة السورية أصبح الدولار الأمريكي عملة بديلة في شمال شرق سورية”.
ويضيف: “الدولار الأمريكي هو الآن العملة الفعلية التي ساهمت في استقرار الاقتصاد المحلي هنا”.
“في مكان حيث كان التضخم المفرط يشكل الاقتصاد لعدة سنوات، سيكون الجميع سعداء بإجراء معاملاتهم بالدولار الأمريكي”، حسب خليل.
ويشير إلى أن ذلك ينطبق على “أصحاب الأعمال الكبيرة أو أصحاب المتاجر أو الباعة الجائلين أو العملاء المحليين”.
“أمر مريح”
وقال صاحب بقالة في السوق المسقوف في القامشلي، ويدعى بافي جوان، إن استخدام الدولار في المعاملات اليومية “أمر مريح”.
وأضاف لموقع “إذاعة صوت أمريكا”: “نحن نشتري بضائعنا بالدولار، لذا فمن الطبيعي أن نبيعها بالدولار أيضاً”.
وأوضح أن “سعر صرف الليرة السورية يتغير حرفياً كل يوم، لذلك في بعض الأحيان ليس من المنطقي أن نشتري بضائعنا بالدولار ونبيعها بالمال السورية”.
“رغم أن ليس كل عميل لديه دولارات، فإن معظم أصحاب المتاجر يفضلون إجراء أعمالهم بالعملة الأمريكية.
واعتبر البقال أنه “وبهذه الطريقة لن نضطر إلى الاستمرار في زيادة أسعارنا مع كل تغيير في سعر الصرف”.
“دولرة غير رسمية”
ويقع شمال شرق سورية في الغالب تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وتحكم “إدارة ذاتية” تابعة لـ”قسد” المنطقة منذ عام 2012 بعد انسحاب قوات النظام السوري، لمحاربة فصائل المعارضة في أماكن أخرى من البلاد.
وفي حين أن معظم المنطقة التي تسيطر عليها “قسد” تقع خارج سيطرة نظام الأسد سياسياً وعسكرياً، يظل اقتصادها مرتبطاً إلى حد كبير بالحكومة المركزية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسائل النقدية.
وقالت هدية علي، الرئيسة المشاركة لـ”هيئة الاقتصاد والزراعة” في “الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سورية: “كإدارة ذاتية، ليس لدينا سياسة دولرة الاقتصاد، لأننا جزء من سورية”.
ومع ذلك، تضيف: “فقد أدركنا أن استخدام الدولار في السوق يساعد بالفعل السكان المحليين في هذه الأوقات الصعبة ويؤدي إلى استقرار الاقتصاد في شمال شرق سورية”
وفي حين أنه “ليس لدينا سياسة لاعتماد الدولار الأمريكي كوحدة من المال” تردف المسؤولة: “في المقابل ليس لدينا أي قيود على استخدام الدولار الأمريكي في السوق طالما أنه يساهم في الاستقرار الاقتصادي في منطقتنا”.
وأشارت خليل أيضاً إلى أن التدفق المستمر للدولار الأمريكي إلى شمال شرق سورية أدى إلى تحرير وتنشيط الاقتصاد المحلي مقارنة بأجزاء أخرى من سورية.
وأوضحت: “رغم أن الدولرة الرسمية في الشمال الشرقي قد لا تكون ممكنة حالياً، فإن وفرة الأوراق النقدية بالدولار الأمريكي هنا تمثل تناقضاً حاداً مع الوضع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية حيث يحظر القانون استخدام الدولار”.
ويعطي ما سبق “ميزة اقتصادية” لشمال شرق سورية، حيث لا تزال البلاد تحت العقوبات المفروضة على النظام، حسب حديث المسؤولة في “الإدارة الذاتية”.