يمكن القول بأن إعادة فتح معبر جابر الحدودي بين الأردن وسوريا وبشكل كامل أمام حركة السيارات والشاحنات وأيضاً أمام حركة المواطنين، هي آخر خطوة اتخذتها الحكومة الأردنية بالاتفاق مع نظيرتها السورية، ويمكن ربطها بأجندة الامتيازات الخاصة والاختراقات التي حققها الجانب الأردني بعد الزيارة الشهيرة الأسبوع الماضي، التي قام بها الملك عبد الله الثاني إلى العاصمة الأمريكية.
ويقدر العديد من المراقبين أن العاهل الأردني طلب من الرئيس الأمريكي جو بايدن تسهيلات وامتيازات خاصة على هامش قوانين وتعليمات الحصار الأمريكي على النظام السوري تحت تلك البنود التي تسمح بها الشرعية الدولية وفي إطار جبر الضرر عن القطاعات الاقتصاديه والتجارية الأردنية، وتمهيداً لخطوات إقليمية أخرى على الأرجح.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول بأن الإعلان قبل 3 أيام عن فتح حدود جابر كاملة أمام حركة العبور في الاتجاهين بين البلدين هي خطوة لها علاقة بالسياق الدبلوماسي والسياسي والاستراتيجي الجديد للدور الأردني على المستوى الإقليمي، خصوصاً في ظل أو بعد تفاهمات استراتيجية عسكرية وسياسية بين الأردن والولايات المتحدة شهدتها علاقات الجانبين الأسابيع الماضية.
وحدود جابر مع القطر السوري الجار للأردن مغلقة تماماً منذ عدة سنوات، لا بل مغلقة كانت أيضاً على هامش تبادل السلع والمنتجات والصادرات بين البلدين.
لكن فتح الحدود بكامل جاهزيتها قرار سيادي وسياسي مشترك تم وفقاً للبيان الرسمي الأردني الذي أعلن هذا النبأ بالتفاهم مع المنظمات والمجتمع الدولي، مما يعني بأن الأردن حصل فعلاً على تفويض غربي وأمريكي دولي يسمح له بالمضي قدماً في تطبيع علاقته التجارية والاقتصادية مع الحكومة السورية بعيداً عن قانون قيصر، الذي يحاصر النظام السوري، وبعيداً عن بقية تعليمات الإدارة الأمريكية بخصوص الحصار وتضييق الخناق الاقتصادي.
الأردن، سياسياً، يأمل في أن تؤدي هذه الخطوة لاحقاً إلى مزيد من الانفتاح، وخصوصاً أن العاهل الملك عبد الله الثاني، صرح علناً بأنه يرغب بالعمل من أجل إعادة إدماج سوريا في النظام العربي.
وقبل زيارته الأخيرة لواشنطن، شدد العاهل الأردني على أن الفرصة يجب أن تكون متاحة أمام الأشقاء في سوريا، للعودة إلى الجامعة العربية، وقبل ذلك أشار إلى أن الاتصالات فعالة ونشطة بين القصر الملكي الأردني والقصر الجمهوري السوري، وأنه على اتصال مباشر بالرئيس السوري بشار الأسد، وتلك الإشارات الملكية الأردنية تتم ترجمتها اليوم بعد ضوء أمريكي وأوروبي أخضر على الأرجح، يسمح بإعادة فتح حدود جابر الكبيرة والضخمة بين البلدين، والتي بقيت مغلقة بترتيبات مع الدول الكبرى طوال الأعوام الماضية.
رئيس الوزراء الدكتور بشر خصاونة، على هامش نقاشات مع “القدس العربي”كان قد أشار إلى أن بلاده معنية بإدماج جميع شعوب المنطقة ومعالجة أزماتها والتكامل في التنسيق، خصوصاً خلال الاشتباك مع معركة فيروس كورونا، حيث لا مناص من التشاور. لكن رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق، يذكر دوماً بأن التعاون مع الأشقاء في سوريا فيه مصلحة للطرفين، داعماً النظرة الأعمق لعلاقات الجوار في مجال التعاون الاقتصادي.
مجدداً، لا بد من التذكير بأن إعادة فتح حدود جابر بين الأردن وجاره السوري خطوة لا يمكن اتخاذها بدون استعادة أو بناء الثقة مجدداً على الصعيد السيادي والأمني بين الجانبين، مما يؤشر إلى تفاهمات قطعت شوطاً في السياقين طوال الأسابيع القليلة الماضية، والأهم بما يؤشر على أن الضوء الأخضر الأمريكي يسمح بإعادة التطبيع ضمن رؤية أشمل في تدوير زوايا المسألة الإقليمية يفترض أن يكون للأردن دور بارز فيها في الأشهر القليلة المقبلة، وفقاً لما نقل عن دبلوماسيين غربيين وسياسيين أردنيين، قدروا بأن الجيوسياسي بدأ بالعزف على أوتار تدوير الزوايا في الملف الإقليمي.
وهذا يعني أن هناك دوراً متقدماً للجانب الأردني في ملفات محددة لا تقتصر على القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي فقط، بل تتجاوز في اتجاه منظم نحو رفع شعار وهتاف إعادة إدماج سوريا في النظام الرسمي العربي، والتنسيق مع مصر في ورقة قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى تقديم الدعم والإسناد لتجربة ومشروع رئيس الوزراء العراقي الدكتور مصطفى الكاظمي.
وعلى هذا الأساس، في طبيعة الحال، يمكن القول بأن سياسة تدوير الزوايا الأردنية بعد الزيارة المهمة والتاريخية التي قام بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن مؤخراً، قد بدأت أو تم الإعلان والإفصاح عنها بصورة سياسية عبر القرار المتخذ بإعادة تشغيل معبر جابر الحدودي مع سوريا وبكامل جاهزيته، وعبارة كامل جاهزيته تعني هنا المواطنين وحركة التجارة الانسيابية، وأيضاً النقل والشاحنات وحركة الركاب، مما يؤشر على أن الأردن في صدد استئناف صادراته أو التعاون في مجال الصادرات الثنائية مع السوق السورية، وهو مطلب قديم للقطاع الخاص الأردني ولغرف التجارة والصناعة في البلدين.
وهذه الخطوة تقود في كل الأحوال إلى سياسة تطبيع تدريجية بين الدولة الأردنية والنظام السوري، وقد بدأت من البوابة الأمنية والحدودية بشكل خاص، مما يفتح المجال أمام تكهنات بقطع مسافة إضافية في البعد السياسي مستقبلاً، خصوصاً أن عاهل الأردن أبلغ قبل زيارته إلى واشنطن بشكل غير رسمي بأنه سيتحدث مع الرئيس الأمريكي وأركان الإدارة في البيت الأبيض باسم زعماء المنطقة.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت