يسأل سوريون، باستغراب وإلحاح، عن مصلحة الأردن من تعويم، أو المساهمة بإعادة إنتاج نظام بشار الأسد، بعد الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب والاقتصاد وحتى دول الجوار، ومنها الأردن، التي لحقها عبء وضغط، مالي وسياسي واجتماعي، جراء استقبال اللاجئين أو تأذي تجارتها البينية وإحجام بعض الرساميل عن منطقة ساخنة مرشحة، برمتها للانفجار.
وتعالت أسئلة السوريين مذ تسرّب إدراج عقوبات قانون قيصر، على جدول لقاء الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأميركي جو بايدن في يوليو/تموز الفائت، لتتحول الأسئلة إلى يقين أو فاجعة، إثر تصريح الملك الأردني لمحطة “سي أن أن” الأميركية عقب لقائه وبايدن “هناك استمرارية لبشار الأسد في الحكم، والنظام ما زال قائمًا، ولذلك علينا أن نكون ناضجين في تفكيرنا، هل نبحث عن تغيير النظام أم تغيير السلوك؟”.
وتتالت إشارات الاستفهام والتعجب السورية منذ ذاك، فما إن عاد الملك الأردني من زيارته لواشنطن، حتى شاهد السوريون ومراراً، زيارات لوفود تجارية أردنية للعاصمة دمشق، وعلو نبرة التصريحات لعودة “العلاقات الأخوية”، وضرورة زيادة حجم التبادل وتوسيع التجارة الثنائية بين البلدين.
بل ولم تنتظر الأردن أكثر من أسبوع، لتعاود فتح معبر نصيب – جابر، التي أغلقته مضطرة، بعد تصعيد نظام الأسد وحلفائه، الحرب على مدينة درعا المتاخمة للحدود الأردنية، شائحة الوجه عن الجرائم وحصار المدينة الممتدة عشائرياً لعمق الأردن، ضاربة عرض الحائط، كل ما يقال عن تحويل الأردن لمعبر لتجارة مخدرات الأسد – نصر الله، وضبط عمليات التهريب المستمرة حتى هذا اليوم.
قصارى القول: من الصعب، إن لم نقل المستحيل، على الأردن أو غيره، خرق عقوبات قيصر، لأن القانون المنطلق من 55 ألف صورة، توثق 11 ألف ضحية قضت في معتقلات نظام الأسد، لا يحتوي على أي استثناءات من تطبيق العقوبات سواء على دول أو شخصيات عامة، تشارك النظام في صفقات معيّنة على كل الأصعدة سواء الاقتصادية أو العسكرية أو حتى في قطاع خدمات التكنولوجيا أو بيع السلاح أو إعادة الإعمار.
بيد أن القانون الذي دخل حيز التنفيذ منذ 16 يونيو- حزيران العام الماضي، ترك ثغرة “التعليق والإعفاء” إن تغيّر سلوك النظام على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني، وهذا “التغيير بالسلوك” هو تماماً ما عزف عليه ملك الأردن، خلال زيارته للولايات المتحدة ولقائه الإعلامي مع المحطة الأميركية.
كما، ربما ما حمله الملك الأردني الذي تراه واشنطن سفيرها بالمنطقة، من “آثار إيجابية اقتصادية وإنسانية على المنطقة” يتناسب مع خطط الإدارة الأميركية التي لم تعد ترى بسورية، سوى أزمة إنسانية، بدليل اختصارها الشهر الماضي، حلم السوريين بالحرية والديمقراطية ومقتلة ممتدة منذ عشر سنوات، بتمديد دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى مع تركيا، وتخصيصها لهذه الجزئية التعمية، لقاءات مع روسيا وجلسات مجلس أمن ومفاوضات.
ولعل مشروع نقل الغاز المصري، عبر الأردن فسورية وصولاً إلى لبنان، هو من مغريات الطرح الأردني، إن بالمنطقة أو وراء الأبواب الأميركية الموصدة، فما قاله رئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري للرئيس المصري في يوليو/تموز الماضي، حول هذا المشروع، دليل تأكدت صحته، بعد تصريحات الحريري وقتذاك، قبل زيارة الملك الأردني لواشنطن، أنه “تواصل مع القيادة الأردنية ليقنع واشنطن بإيصال الغاز المصري إلى لبنان، عبر الأردن مرورًا بسورية”.
نهاية القول: من الظلم تجاهل الآثار السلبية، الاقتصادية والاجتماعية، التي انعكست على الأردن، جراء حرب نظام بشار الأسد على الثورة وتطلعات السوريين بحياة آدمية، فتجارة الترانزيت والتبادل اقتربت لسنوات من الصفرية، ما أضعف اقتصاداً يعتمد أساساً بعائداته، على العبور والمساعدات.
بيد أن ذلك، لا يبرر البتة للأردن الذي نصح بشار الأسد بالرحيل منذ تشرين الثاني 2011. أن يتناسى ملايين القتلى والمهجرين السوريين، ويغض الطرف عن 40 طنًّا من الحشيش وأكثر من 83 مليون حبة كبتاغون دخلت المملكة، عبر سورية العام الماضي فقط، ليتناوب بعد الدور الإماراتي، على قيادة عملية غسيل جرائم بشار الأسد ومقولات تغير سلوكه، تمهيداً لعودته للمنطقة ومن ثم للعالم عبر البوابة الأميركية.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت