“الأكواد” تثير مخاوف سوريين في تركيا..ماأنواعها وأبرز أسبابها؟
تصاعدت مؤخراً في الداخل التركي، مخاوف سوريين من مراجعة المؤسسات الرسمية، خاصة المرتبطة منها بمديريات الهجرة، أو مراكز الشرطة، إضافة إلى تجنبهم التوقف عند إحدى الدوريات الأمنية في الطرقات، خشية أن يكون جانب اسم أحدهم، “كود”(رمز يظهر في سجل الشخص الأمني عند التدقيق من عناصر الشرطة)، يمكن أن يؤدي بعضها إلى احتجازه، وربما ترحيله فيما بعد.
الشاب مازن الجاسم، أحد المرحلين من تركيا إلى أعزاز في الشمال السوري، بداية العام الجاري، يقول إن قرار ترحيله، جاء في مدينة أورفا بعد توقيفه من قبل رجال أمن، للتأكد من هوية “الحماية المؤقتة” (الكمليك) التي يحملها، ليرسل بعدها إلى أحد مراكز الترحيل لمدة أسبوعين تقريباً.
وحول سبب ما حصل له، يضيف لـ”السورية.نت”، أنه بحسب ما قيل له قبل التوقيع على “ورقة” تبين لاحقاً أنه خاصة بـ”العودة الطوعية”، فإن سجله الأمني يحوي “الكود Ç-117″، وهو يتعلق بالعمل “دون إذن”، ولكن وفق ما أكد، فإنه لم يكن يعلم أساساً بوجود ذلك في قيده العدلي أو الأمني.
وفسر الشاب المنحدر من دير الزور ذلك، بأنه عندما كان يعمل في اسطنبول قبل أعوام، جاءت دورية للشرطة إلى مكان العمل (ورشة خياطة)، وحذرت صاحب العمل بمخالفته في مرات قادمة، إذا لم يستخرج “إذن عمل” لكل من يعمل عنده (نحو 20 عاملاً أغلبهم من سورية).
واستدرك:”ظننت أن القضية انتهت منذ ذلك الوقت، خاصة وأن عناصر الدورية اكتفت بأخذ صورة عن هوية الحماية المؤقتة للعمال الذين لا يملكون إذن عمل، دون اتخاذ إجراءات في حينها”.
بحثاً عن الحل
الشاب السوري “خالد” بدوره، يروي للسورية.نت”، تجربته التي لم تنتهى بعد مع “كود” العودة الطوعية V-87″، ويقول إنه جرى ترحيله إلى سورية بناء على ورقة “أُجبرَ” على التوقيع عليها في أحد مراكز الترحيل، بسبب إقامته سابقاً بغير ولايته الأصلية، قبل أن يعود إلى تركيا عبر التهريب ويقدم “طلب استرحام” لإزالة “الكود”.
ويتابع بأنه عقب الموافقة على الطلب، وبالتنسيق مع إحدى الجمعيات السورية “ذهبت إلى مديرية الهجرة ببازيد – اسطنبول، بناء على موعد حصلت عليه، لكن جرى احتجازي، وتحويلي من بعد ذلك إلى مركز (بندك) في القسم الأسيوي، ومن ثم إلى عينتاب”.
ويضيف بأن عائلته وكلت له محامٍ استطاع إطلاق سراحه بعد 15 يوماً من الاحتجاز في عينتاب، على أن يقيم بولايته الأصلية (اسطنبول)، ويجبر على التوقيع كل شهر في فرع الهجرة التابع لها، كل شهر مرة، ولمدة عامين تقريباً، قبل إعادة “الكمليك” المحتجز لديهم.
ويوضح خالد، الذي طلب ذكر اسمه الأول فقط، أنه بعد عودته إلى اسطنبول، راجع فروع الهجرة في منطقتي بيازيد وسلطان بيلي، لمعرفة المكان الذي سيلتزم التوقيع فيه، لمدة عامين، لكن دون جدوى، وكان الجواب هو الذهاب إلى مركز توزلا، والأخير بدوره أكد موظفوه عدم وجود اسم له في هذا المجال، وأن عليه الذهاب إلى ولاية غازي عينتاب التي كان محتجزاً فيها بداية، ومنحته الأوراق الموجودة بين يديه الآن، كبديل عن “الكمليك” المحتجز.
وتابع: “الآن ومنذ أشهر في حيرة من أمري، فإنا لا استطيع الذهاب إلى عينتاب دون إذن سفر، وأخشى من ناحية ثانية احتجازي منذ قبل إحدى الدوريات، وارسالي للترحيل، وهويتي المؤقتة لا استطيع استرجاعها قبل بدء التوقيع ومرور عامين”.
وختم بالقول:”أوكلت لأحد المحامين متابعة القضية، ورغم ذلك لم يتمكن من فعل شي، سوى الحصول على الوعود من مركز الهجرة في توزلا بنقل اسمي من عينتاب الى اسطنبول، دون تطبيقها إلى الآن، ولا أعرف ماذا أفعل، وما هو مصيري ومصير عائلتي في هذا البلد”.
ما أهي أبرز “الأكواد”؟
قضية “الرموز الأمنية”، المعروفة بين السوريين في تركيا بـ”الأكواد”، لم تعد تقتصر على السوريين في تركيا، بل شملت كذلك بعض السوريين اللاجئين في دول أوروبية أخرى ويحملون جوازات سفر هذه الدول، حيث جرى منع العديد منهم دخول تركيا ، وإرجاعهم لدى وصولهم أحد مطاراتها إلى البلد الأوروبي القادمين منه، بسبب خروجهم من تركيا إلى أوروبا بطريقة “غير شرعية”.
الناشط الحقوقي، طه الغازي، وفي حديث لـ”السورية.نت”، أكد تصاعد ظاهرة معاناة سوريين من “الأكواد”، المفروضة من رئاسة الهجرة، وتتمثل خطورتها حسب رأيه، في عدم علم الكثير منهم بوجودها إلى جانب اسمائهم أصلاً، ناهيك عن “الجهل القانوني” بأنواعها وسبل تجنبها، أو معالجتها في حال فرضها على أحد منهم.
ويؤكد الغازي، أنه بسبب ذلك، عمد مؤخراً إلى الاستعانة بالمحامي المختص بقانون “الحماية المؤقتة”، عبد الحليم يلماز، والمحامية غولدن سونماز الناشطة في قضايا حقوق اللاجئين، لبيان أهم هذه “الأكواد”، والتي قد يكون بعضها سبباً في “الترحيل” خارج تركيا.
ويضيف في هذا المجال، أن أكثر “الاكواد” التي تشمل سوريين، هي الأكواد المقترنة بقيد الإقامة أو السكن “التي بسببها ألغت رئاسة الهجرة في 21 يونيو/ حزيران الفائت، قيود 122 ألف لاجئ سوري، بحجة عدم تواجدهم في عناوين إقامتهم خلال آخر عامين”.
وحسب الغازي، فإنه من بين “الأكواد” المتعلقة بالإقامة أو السكن، “الكود V-71″، ويوضع في حال عدم تواجد الشخص في العنوان المقيد لدى الدوائر الحكومية، وكذلك “الكود V-160″، الذي يوضع في حال عدم تحديث اللاجئ بيانات عنوان سكنه عند تغييره.
إجراءات قضائية.. أمنية
يشير الناشط الغازي، المهتم بقضايا السوريين في تركيا، إلى أنه من الملاحظ مؤخراً، تزايد معاناة سوريين من “الكود V-87″، وهو الذي يوضع في حال “وقّع” اللاجئ على قرار “العودة الطوعية”، وحينها تسقط عنه “الحماية المؤقتة”، ويلغى “الكمليك” الخاص به، ومن الممكن إعادة تفعليه في حال عودة الشخص إلى تركيا، لكن هذا يحصل في “حالات خاصة جداً”.
أما أخطر “الأكواد” المثيرة للاهتمام والانتباه، فيرى الغازي، أنها تتمثل في “الكود G-87″، وهو يوضع بحق الأشخاص الذين يُعتبرون بأنهم “يهددون الأمن العام”.
وتابع: “اقترن هذا الكود بشكل نسبي مع وقائع ترحيل سوريين، بناء على تهم عدة، بينها وجود شرائح اتصال مقيدة باسم الشخص(قد تكون دون علمه)، كما اقترن بتوقيف بعضهم بناء على تقارير كيدية”.
ويؤكد الغازي في هذا المجال، أن من المثالب على قضية “الأكواد”، عدم إعلام الشخص المُدان بها، وكذلك وجود “أكواد” تتطلب إجراءات إدارية بسيطة ويمكن معالجتها بمراجعة المؤسسات المعنية.