“الأمعاء الخاوية”.. سلاح سوريين في بولندا للحصول على حق اللجوء
يستمر مجموعة من طالبي اللجوء السوريين المحتجزين في مركز ليسنوفولا المغلق، جنوب العاصمة البولندية وارسو بإضرابهم عن الطعام، احتجاجاً على سوء معاملتهم الشبيهة بمعاملة “المجرمين”.
ويبلغ عدد المجموعة خمسة أشخاص، وتتزامن الأوضاع التي يعيشونها مع اقتراب الحرب الأوكرانية من دخول شهرها الثالث، واستمرار بولندا في استقبال اللاجئين الأوكرانيين، وتأمين ظروفٍ جيدة لإقامتهم، بينما يواجه ذات البلد، تدفق لاجئين الآخرين القادمين من الحدود البيلاروسية.
منذر وغيث وشادي ورامي وموسى، بدؤوا إضرابهم بالمركز الخاضع للحراسة “مدفوعين بالإحباط وفقدان الأمل”، منذ 19 أبريل / نيسان 2022.
وكتبوا رسالة باللغة الإنجليزية، وأرسلوها إلى مكتب الأجانب، ومدير المركز جاء فيها: “نحن آسفون لأننا نفعل ذلك”.
لكنهم عبروا مستدركين عن شعورهم بالضغط النفي والإرهاق الشديد، “خاصة مع التجربة القاسية التي مررنا بها في سورية وبيلاروسيا”.
وأضافت الرسالة أنهم عبروا الحدود البولندية من بيلاروسيا “بشكل غير قانوني”، لأنه لم يكن أمامهم خيار آخر، كما لم يتم إعطاؤهم أي سبب مقنع لاحتجازهم في المنشأة، حيث مكثوا لأكثر من شهرين.
وأكد الشبان لصحيفة “أوكا برس البولندية” أن إضرابهم ليس اعتراضاً على ظروف الاحتجاز، “فالظروف في ليسنوفولا ليست سيئة، بل الأمر يتعلق بحقيقة أننا نعامل مثل المجرمين”.
وقال أحد المضربين، البالغ من العمر 39 عاماً، والذي غادر سورية في عام 2021، لأنه لم يرغب في الالتحاق بالجيش، أنه قدم للسلطات البولندية جميع المعلومات التي طلبتها، ولم يستطع فهم سبب حبسه.
من جانبها وصفت “Grupa Granica”، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان التي تراقب الحدود البولندية، المنشأة بأنها “سجن”.
ورأى ناشطون بالمنظمة، أنه لا ينبغي أن يكون أي من السوريين الخمسة في المركز، لأن احتجاز الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب في مرافق مغلقة يعد مخالفاً للقانون البولندي.
وأشاروا إلى أن الرجال فروا من “حرب أهلية عنيفة، وتعرضوا لعمليات صد عندما حاولوا عبور الحدود إلى بولندا”.
يقع مركز ليسنوفولا في منطقة معزولة نسبياً، على بعد حوالي 15 كيلومتراً جنوب العاصمة البولندية وارسو.
ومنذ بدء الإضراب، عمد حرس الحدود البولندي إلى نشر مقاطع للمنشأة، تظهرها كمرفقٍ نظيف ومجهز تجهيزاً جيداً، مع صالة ألعاب رياضية وغرف كمبيوتر وغرف للصلاة ومكتبة، ومناطق كبيرة بالخارج لممارسة الرياضة والاسترخاء.
1/3 Strzeżony Ośrodek dla Cudzoziemców w Lesznowoli – przebywa w nim 148 cudzoziemców. Do dyspozycji mają świetlicę,siłownię,sale komputerowe,sale modlitw, na zewnątrz wielofunkcyjne boisko sportowe, siłownię zewnętrzną.https://t.co/ZABUVTGPqC
— Straż Graniczna (@Straz_Graniczna) April 26, 2022
كيف وصلوا إلى هنا؟
مجموعة المساعدة البولندية “مع الخبز والملح” (Chlebem i Sol¹) قالت إنها قابلت/ العام الماضي في غابة على الحدود مع بلاروسيا اثنين من الرجال السوريين المضربين.
وأضافت: “لقد ساعدناهم في التقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وبفضل ذلك تلقوا وثيقة تمنع السلطات البولندية من ترحيلهم مرة أخرى إلى بيلاروسيا”.
لكن وبحسب المنظمة، فإنهم لم يتابعوا قضيتهم لاعتقادهم أنهم وصلوا إلى بر الأمان، لكن “لسوء حظهم، تم نقلهم إلى مرافق مغلقة، وبعضهم إلى مراكز احتجاز سيئة السمعة، وظلوا رهن الاحتجاز منذ ذلك الحين”.
بينما برر متحدث باسم حرس الحدود لـ”اوكو برس البولندية”، أن السوريين كانوا رهن الاحتجاز “بناءً على أمر محكمة فيما يتعلق بإقامتهم غير القانونية في بلدنا”.
كذلك وبعد أيام من بدء الإضراب خرجت أمام مركز الاحتجاز مظاهرة منددة باحتجاز السوريين.
وبعد ذلك وفي اليوم التاسع للإضراب، زارت النائبة البولندية كاتارزينا بيكارسكا من تحالف اليسار الديمقراطي المضربين، ونقلت عن أحدهم تأكيده معاناته من مشاكل بالأعصاب وصعوبة بالنوم.
وأكدت النائبة البولندية على أن المحاكم في بولندا توافق على الطلب من حرس الحدود باحتجاز طالبي اللجوء جزئياً، لأنه “ببساطة أسهل بهذه الطريقة”.
وفي اليوم العاشر للإضراب، تلقى المضربون الخمسة تأكيد شخصي من مدير مكتب الأجانب بأنه “سيتم الإفراج عنهم الأسبوع المقبل”.
“على جبهة أخرى”
من جانب آخر، ومنذ 3 أشهر تقريباً، لا يزال إيهان، اللاجئ السوري العالق على الحدود البولندية البيلاروسية، يخوض بشكلٍ يومي تقريباً معركةً مع حرس الحدود البولندي، الذي يحاول منعه من دخول البلاد بأي ثمن، بينما يعمل الجانب البيلاروسي على دفعه إلى الغابات وتشجيعه على عبور الحدود.
“إيهان” واحدٌ من عشرات المهاجرين الذين يتعرضون للضرب والعنف من السلطات البولندية على الحدود، والذين قرروا خوض إضرابٍ عن الطعام، للفت الأنظار إلى قضيتهم.
“أنا مضربٌ عن الطعام منذ عشرين يومٍ تقريباً، وأكثر واحدٍ بيننا مضربٌ منذ 25 يوماً، نحاول لفت الأنظار لقضيتنا وإيجاد حلٍ لنا”.
ويضيف إيهان: “لقد قدمت من لبنان إلى روسيا، وعبر بيلاروسيا كنت أطمح بالعبور إلى أوروبا، لكني لم أكن أتخيل أن السلطات البيلاروسية ستفتح لنا الطريق، وتستخدمنا للضغط على أوروبا، بينما نعاني، لقد أوصلونا للحدود وتركونا”.
في كل محاولة يتعرض إيهان ومن معه للعنف الشديد من حرس الحدود البولندي، الذي يعيدهم بالقوة إلى الغابات البيلاروسية، حيث يتركون بالعراء بلا طعام أو عناية.
ويروي إيهان في هذا الإطار: “يرمونا على بعضهم، البلاروسيين والبولنديين، ونحن الضحية، لا يوجد مركز احتجاز، ولا أي شيء، فقط نتعرض للضرب من قبل البولنديين”.
ويتابع شرح ما يجري له في الغابات البيلاروسية حيث يتواجد حالياً: “لقد أمسكت بي السلطات البولندية مرتين، تعرضت لضربٍ وعنف، ثم احتجزوني في مركز قبل أن يرموني من جديد بالغابات على الجانب البيلاروسي”.
في المقابل لم يكن الوضع على الجانب البيلاروسي أفضل، فالسلطات البيلاروسية بحسب “إيهان” تسمح لهم بمحاولة العبور إلى بولندا، لكن ليس العودة عبر بيلاروسيا إلى روسيا مثلًا.
ويضيف: “بالنسية للبلاروسيين، القدوم ممكن لكن العودة غير مسموحة، لذا نحن مجبرين اليوم على البقاء على الحدود فقط، للضغط على أوروبا باستخدام اللاجئين”.