“الأول من نوعه”.. معمل أدوية في عفرين لضبط “أزمة القطاع”
شهدت مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي افتتاح معمل لصناعة الأدوية البشرية، وصفه القائمون عليه بأنه “الأول من نوعه” الذي تشهده مناطق الشمال السوري، في ظل أزمة يعاني منها قطاع الدواء بعموم تلك المناطق، تتمثل بانقطاع بعض الأصناف وارتفاع أسعار القسم الآخر منها.
خمسة أصناف قيد الإنتاج
المعمل الذي افتتح يوم الأربعاء الماضي، بحضور نائب والي هاتاي التركية، يحمل اسم “سكاي فارما”، وهو عبارة عن شراكة بين عدد من الصناعيين والكيميائيين والصيادلة المتواجدين في الشمال السوري، “ممن لديهم رغبة بافتتاح معمل لتلبية احتياجات المواطنين من الأدوية البشرية”، حسب ما يقول أحد الشركاء، عبد الناصر حسو.
ويضيف حسو في حديثه لموقع “السورية نت” أن الفكرة بدأت حين قرر القائمون على المشروع إنشاء مستودع للأدوية في عفرين، إلا أنه بعد دراسة السوق وجدوا أن بعض الأدوية مفقودة أو ثمنها غالي جداً ولا يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين في الشمال السوري، ما دفعهم إلى الخروج بفكرة إنشاء معمل لصناعة الأدوية البشرية.
ويوضح حسو أن المعمل بمرحلته الأولى يمتلك أربع خطوط إنتاج بدأ العمل عليها، وهي إنتاج مضغوطات وكبسول وتحاميل وشرابات أطفال، مشيراً إلى أنه خلال الشهر الأول “تم إنتاج خمسة أصناف دوائية خاصة بالأطفال”، هي: مضادات سعال ومضادات إنفلونزا (رشح) وخافضات حرارة ومضادات النفخة، ومسكن آلام (سيتامول).
وبحسب عبد الناصر حسو سيتم رفع الأصناف بعد شهر إلى 25 صنفاً، وبعد ستة أشهر إلى 95 صنفاً، بمختلف المجالات العلاجية، لافتاً إلى أن المعمل مجهز بكافة الأجهزة الطبية والمخبرية اللازمة لتحليل المواد الأولية التي تدخل بصناعة الدواء، وتحليل المنتجات بعد الإنتاج.
يسعى معمل سكاي فارما حالياً لـ”تحقيق معايير استثنائية، من بينها الحصول على شهادات دولية مثل شهادة إيزو التي تؤهله لتصدير الأدوية وترفع من مصداقيته في الأسواق”، حيث أشار القائمون عليه خلال حديثهم لـ”السورية.نت” إلى وجود اتصالات مع عدد من المؤسسات الدولية في تركيا، من أجل الحصول على تلك الشهادات.
إلى جانب ذلك يوجد تعاون مع عدد من المخابر والشركات المنتجة للدواء في تركيا، والمعتمدة من قبل وزارة الصحة التركية.
بين مفقود وباهظ الثمن
يعيش عموم الشمال السوري، الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة، أزمة دوائية تتمثل بفقدان بعض الأصناف الدوائية في الأسواق، وتذبذب أسعار الأدوية وارتفاعها بشكل دوري، بالإضافة إلى مصاعب بضبط الأدوية المستوردة وفرض رقابة عليها.
وكان أحمد حاجي حسن، مدير المكتب الطبي بمنطقة “غصن الزيتون” قد تحدث في تصريحات صحفية، منذ أيام، عن وجود أزمة دوائية فعلية في مناطق الشمال السوري، مشيراً إلى أن افتتاح معمل لإنتاج الأدوية البشرية “سوف يسهم بشكل كبير بتوفير الأدوية وانخفاض سعرها وتخفيف الأعباء عن المواطنين”.
وتعتمد مناطق الشمال السوري حالياً على الأدوية المستوردة، بحسب الشريك في معمل “سكاي فارما”، عبد الناصر حسو، الذي أشار إلى أن بعض الأدوية هندية أو صينية المنشأ أو قادمة من دول مختلفة، بحيث تدخل للشمال عن طريق مناطق النظام، لافتاً إلى أن هذه الأدوية لا تخضع للمعايير والرقابة اللازمة.
وتابع في حديثه لـ “السورية نت”: “بافتتاح معمل أدوية في الشمال نكون قد نفينا أسباب استيراد الأدوية من دول أخرى، بحيث سنكون قادرين على تلبية احتياجات السوق بجودة عالية وبأسعار مناسبة للجميع، دون أن يعاني الأهالي من مشكلة انقطاع الدواء وعدم وجود بديل له”.
وتحدث حسو عن مصاعب عدة واجهت المشروع، وأبرزها عدم وجود مؤسسة مختصة ومؤهلة لمنح الأذونات اللازمة لإنشاء معمل أدوية بشرية ومراقبة المنتجات الدوائية، إلا أنه بعد عدة لقاءات واجتماعات أصبح لدى “مديرية صحة عفرين” الآلية اللازمة لمنح تراخيص لمعامل الأدوية ومراقبتها.
ومن المقرر أن يغطي معمل “سكاي فارما” جميع مناطق الشمال السوري، بما فيها بعض قرى وبلدات شمال شرقي سورية الواقعة ضمن منطقة عمليات “نبع السلام”، من خلال نقل الأدوية إليها عبر البوابات الحدودية في تل أبيض ورأس العين.
يُشار إلى أن الشمال السوري شهد جهوداً محلية لضبط سوق الأدوية، عبر منع شراء وبيع أنواع معينة من الأدوية، بعد حالة الفلتان النسبي المهيمنة على الأسواق، خاصة فيما يتعلق بالأدوية المستوردة.