ما تزال حوادث الاحتكاك الجوي بين أمريكا وروسيا تخيّم على سماء سورية، ومع “ارتفاع مؤشرات المواجهة” تبقى رواية كل طرف مغايرة عن الآخر، وسط استمرار تبادل الاتهامات.
ودعا وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، اليوم السبت، روسيا إلى الالتزام بقوانين السماء ووقف “السلوك غير المسؤول” عندما سُئل عن الهجمات الروسية على طائرات أمريكية بدون طيار في سورية.
وقال الجيش الأمريكي إن طائرة مسيرة من طراز “MQ-9” فوق سورية تعرضت لأضرار “بالغة” عندما أصيبت بشعلة من طائرة مقاتلة روسية في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وهذه الحادثة كانت أحدث حلقة في سلسلة من الاحتكاكات “الخطيرة” بين الطائرات العسكرية الروسية والأمريكية في المنطقة.
وأضاف أوستن عندما سئل عن الحادث في مؤتمر صحفي: “ندعو القيادة الروسية إلى التأكد من أنها تصدر توجيهات لقواتها للالتزام بقوانين السماء، والتأكد من وقف هذا السلوك غير المسؤول”.
وتابع: “سنواصل الانخراط باستخدام القنوات القائمة للتعبير عن قلقنا وسنواصل إشراك القيادة العليا حسب الاقتضاء. ولكن مرة أخرى، سنواصل العمل، كما عملنا دائماً في المجال الجوي، وسنحمي مصالحنا ومواردنا”.
#BREAKING: Russian fighter jets 'severely damaged' a US Air Force MQ-9 Reaper drone that was conducting counter-ISIS operations over Syria. -CENTCOM pic.twitter.com/77vAd9LSIT
— Moshe Schwartz (@YWNReporter) July 25, 2023
“رواية مغايرة”
لكن في المقابل قال أوليغ غورينوف، نائب رئيس “المركز الروسي للمصالحة” (أحد أقسام وزارة الدفاع الروسية)، الجمعة، إن طائرة مسيرة تابعة للتحالف بقيادة الولايات المتحدة اقتربت بشكل خطير من طائرة مقاتلة روسية في سورية.
وأضاف: “في الساعة 7:55 من صباح 28 يوليو اقتربت مرة أخرى بشكل خطير طائرة التحالف من طراز MQ-9 الجوية من طائرة روسية من طراز Su-34 على ارتفاع 5000 متر بالقرب من مستوطنة النفلة في محافظة الرقة”.
وشدد غورينوف على أن “الطيارين الروس أظهروا احترافية عالية، واتخذوا إجراءات في الوقت المناسب لمنع الاصطدام بطائرات التحالف بدون طيار”.
ومنذ مطلع شهر يوليو الحالي حصلت جميع حوادث الاحتكاك بين الولايات المتحدة وروسيا بين الطائرة المسيرة “MQ-9” والحربية “Su-34”.
وتقول الولايات المتحدة إن الطائرة المسيّرة تواصل مهامها من أجل تقييد نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية”، وكانت قد نفذت مؤخراً ضربة أسفرت عن مقتل آخر زعيم لـ”داعش” بريف حلب.
لكن الجانب الروسي يتهم أمريكا بأنشطة “استفزازية”، ويقول إن طائرة “MQ-9” فرضت هذا المشهد لأكثر من مرة مستهدفة طائراتها الحربية على رأسها “سوخوي 34”.
ما هي “MQ-9”؟
الطائرة المسيرة من طراز “MQ-9 Reaper“، يستخدمها سلاح الجو الأمريكي لجمع المعلومات، وفقاً لموقع الخدمة، الذي يروج لقدرات “الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع” للطائرة المسيّرة.
ولكن عندما تكون مسلحة، يمكن أيضاً استخدام الطائرة ضد أهداف “متحركة عالية القيمة وحساسة”، نظراً لأنظمة أسلحتها وقدرتها على مراقبة المنطقة لفترة طويلة من الزمن.
وبعبارة أخرى، طائرة Reaper قادرة على مراقبة العدو وضربه، وهذه الاستخدامات المزدوجة أكسبت الطائرة لقب “الصياد القاتل” في الدوائر العسكرية.
ولطالما تصدرت الطائرة الأمريكية المسيرة عناوين الأخبار في مناسبات عدة، لكن أخطرها، عندما اصطدمت مقاتلة روسية بها فوق البحر الأسود، في مارس 2023، في أخطر احتكاك عسكري بين روسيا والولايات المتحدة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
تتميز “MQ-9” بمزايا متطورة تجعل الجيش الأمريكي يعتمد عليها في العمليات العسكرية، فسرعتها تصل إلى 370 كيلومتراً في الساعة.
ويبلغ طول جناحيها 20 متراً، ووزنها يصل إلى أكثر من 2200 كيلوغرام، ولهذه الطائرة، المزودة بمعدات رصد بالليزر، قدرة على إطلاق 6 صواريخ وقنابل بدقة عالية.
وكانت الولايات المتحدة قد استخدمتها في عملية اغتيال قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني، قاسم سليماني في مطار العاصمة العراقية بغداد.
كما استخدمتها لأكثر من مرة في قتل قادة ومسؤولين يتبعون لتنظيم “الدولة الإسلامية”، سواء في شمال شرق سورية أو في أقصى شمالها الغربي.
Video released showing irresponsible russian SU-34 pilot firing off flares and flying dangerously close to a 🇺🇸 MQ-9 Reaper drone over the skies of Syria. pic.twitter.com/NIDIbVHpUn
— Jack Ryan 🇺🇸🇺🇦 (@jackryan212) July 26, 2023
ماذا عن “سوخوي”؟
أما المقاتلة الروسية “SU-34” فقد خصصت للتصدي لأهداف أرضية وجوية وهي مزودة بصواريخ “جو-أرض” و”جو-جو”.
كما أنها تضم نظاماً متطوراً لحمايتها من الصواريخ المضادة للطائرات.
وتستطيع “SU-34” العمل في ظروف جوية سيئة، ولديها القدرة على التحليق لمسافة تصل 4000 كيلومتر، وفقاً لوكالة “سبوتنيك”.
أما من حيث السرعة التي تعتبر أمراً مفصلياً في تحديد كفاءة المقاتلات فتصل سرعة “SU-34” إلى 1900 كيلومتر في الساعة.
كما تستطيع “SU-34” التي تعد أيضاً قاذفة حمل كمية كبيرة من الذخيرة تقدر بنحو 8 أطنان.
ولكن أكثر ما يميز هذه الطائرة من بين مثيلاتها من المقاتلات مقعدي القيادة المتجاورين فيها، حيث يسهل ذلك من عملية التواصل والتفاعل بين الطيارين.
وبفضل رادارها تستطيع “SU-34″ ضرب الأهداف المتحركة بكفاءة كبيرة، وكشف الأهداف من مسافة بعيدة، وفقاً لـ”سبوتنيك”.
شهدت “Su-34” تجارب قتالية في الحرب الروسية الجورجية عام 2008، قبل أن تدخل الخدمة رسمياً مع القوات الجوية الروسية في عام 2014.
في سبتمبر/أيلول 2015 (تاريخ التدخل الروسي في سورية) وصلت ست طائرات منها إلى مطار اللاذقية بسورية، وبعد ذلك بدأت بشن سلسلة هجمات على المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.
بعد إسقاط تركيا طائرة Su-24 أعلنت روسيا في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أن طائرات سوخوي 34 التي تعمل بسورية بدأت في القيام بمهام قتالية مع تسليحها بصواريخ جو-جو.
في 28 مايو/أيار 2018، أفيد بأن طائرة روسية من طراز سوخوي 34 اعترضت طائرتين إسرائيليتين من طراز F-16 فوق طرابلس بلبنان، مما أجبرهما على التراجع.
ولدى روسيا نحو 140 طائرة من طراز سوخوي 34 وذلك بحلول يونيو/حزيران 2022، دون أن يشمل هذا التقدير الطائرات التي تحطمت أو أُسقطت.