مع قرب انتهاء العداد الزمني لبدء عملية انتخابية “تاريخية” في تركيا، تتجه الأنظار دولياً نحو النتائج التي ستخرج بها هذه العملية، نظراً للمتغيرات والتأثيرات التي يمكن تتبعها في المنطقة، أياً من كان الفائز.
وفيما يصعب التكهن بنتائج الانتخابات، بسبب تساوي فرص فوز الحكومة الحالية مع فرص المعارضة، بدأ الإعلام الغربي بتخصيص جزء كبير من تغطياته نحو الانتخابات التركية، مقدماً تحليلات وصلت إلى حد تبني المواقف والترويج لصالح طرف على حساب الطرف الآخر.
“إيكونوميست” تثير الجدل
مجلة “إيكونوميست” البريطانية، تبنت نهجاً مختلفاً في تغطيتها لانتخابات التركية، ما عرضها لانتقادات بسبب هجومها المباشر على الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ووصفه بـ “الدكتاتور” ودعوتها علانية لعدم التصويت له.
ووفق ما رصدت “السورية نت”، غيّرت المجلة غلافها عبر معرفاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، ووضعت غلافاً جديداً عليه شعارات “أردوغان يجب أن يرحل”، و”احموا الديمقراطية” وبجانبها صورة للعلم التركي.
واعتبرت الصحيفة في تقرير لها، أمس الخميس، أنه في حال لم يفز أردوغان بالانتخابات “فإن ذلك سيكون رسالة للديمقراطيين في كل مكان بأنه يمكن هزيمة الزعماء الأقوياء”.
وأضافت: “قد يواجه الرجل الذي يحكم تركيا منذ عام 2003 بأسلوب استبدادي متزايد، الهزيمة.. كما أن الحكومة الجديدة ستصلح العلاقات المتصدعة مع الغرب”.
وثبّتت المجلة التقرير السابق في أعلى حسابها على “تويتر”، وقالت إنه في حال خسر أردوغان “سيكون ذلك انعكاساً سياسياً مذهلاً له عواقب عالمية”.
The defeat of Recep Tayyip Erdogan would have global consequences—and show democrats everywhere that strongmen can be beaten https://t.co/bHPEstl69d pic.twitter.com/tMjhj2Wa1P
— The Economist (@TheEconomist) May 4, 2023
من جانبه، رد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على المجلة البريطانية، وقال في تغريدة “عبر “تويتر”، إن بلاده لن تسمح بتوجيه سياستها الداخلية وتهديد “الإرادة الوطنية” عن طريق أغلفة المجلات، معتبراً أنها “جهاز تنفيذي للقوى العالمية”.
وكذلك انتقد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، مجلة “إيكونوميست” واتهمها بالتدخل بسياسة تركيا الداخلية.
وقال: “إنهم يتخذون قرارات نيابة عن الشعب التركي أو يحاولون إرشاد الأمة التركية”.
اللعب على وتر “الحريات”
باتجاه آخر، روجت وسائل إعلام غربية “ذات تأثير”، لدعم المعارضة التركية على حساب الحكومة الحالية، معتبرة أن فوز المعارضة سيجعل تركيا منفتحة أكثر على الديمقراطية وحرية التعبير.
موقع “المونيتور” الأمريكي، روج في تقاريره إلى برامج الأحزاب التركية المعارضة “التي تحارب التمييز”، داعياً إياه إلى تطوير آليات فعالة لمحاربة “الاستبداد” الحاصل.
وقال الموقع في تقرير له، أمس الخميس، إنه بالرغم من أن تركيا دولة علمانية دستورياً، إلا أن التمييز ضد الأفراد والجماعات ينتشر فيها، حسب وصفه، خاصة فيما يتعلق بـ “المثليين”.
وانتقد الموقع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي اعتبر في آخر تصريحاته أن المجتمع المثلي أقوى تيار يهدد مستقبل الدول الغربية، ما عرضه لهجوم من وسائل إعلام غربية.
وجاء في تقرير “المونيتور” أن حملة أردوغان ضد “المثليين” هي “جزء من جهوده لنشر رهاب المثلية ضد المعارضة”.
تشكيك بـ”نزاهة” الانتخابات
وتحت عنوان “لن تكون الانتخابات في تركيا حرة وعادلة”، قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، إنه على مدى السنوات العشرين الماضية، قاد الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” البلاد إلى “مسار استبدادي”.
وجاء في تقريرها أول أمس الأربعاء، أنه “على الرغم من أن أردوغان قاد تركيا نحو الاستبداد ، إلا أن المجال السياسي للبلاد لا يزال تنافسياً وتعددياً، مع بقاء أقل من أسبوعين، ومع ترنح البلاد بين أزمة اقتصادية وزلزال هائل في فبراير”.
واتهمت المجلة أردوغان وحزبه بالتلاعب في الانتخابات عدة مرات خلال العقد الماضي، ولكن ليس دائماً بنجاح، حسب وصفها.
وكذلك، شككت صحيفة “لو اكسبرس” الفرنسية، بنزاهة الانتخابات التركية، ونشرت تقريراً تحت عنوان: “أردوغان وخطر الفوضى”.
واتهمت الصحيفة الحكومة الحالية بقمع المعارضين والسيطرة على 90% من وسائل الإعلام التركية، لتمرير أجندتها الانتخابية عبرها، على حد وصفها.
أما مجلة “لو بوان” الفرنسية، وصفت أردوغان بأنه “بوتين الآخر”، وقالت في مقال لها، أمس الخميس، “مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يسعى الرئيس الإسلامي لتحقيق حلمه بالإمبراطورية ويعمق الانجراف نحو الاستبداد”.
وتتجه الأنظار خلال الأيام المقبلة نحو الانتخابات الرئاسية التركية في 14 مايو/ أيار الجاري، والتي تُعتبر حدثاً سياسياً هاماً على الساحتين الإقليمية والدولية، كونها تضع الرئيس أردوغان وحزبه أمام اختبار حقيقي مع احتمالية فوز المعارضة التركية.
ويواجه رجب طيب أردوغان 3 مرشحين آخرين، أبرزهم مرشح “تحالف الأمة” المعارض وزعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كليتشدار أوغلو، إلى جانب زعيم حزب “البلد” محرم إنجه، والمرشح عن تحالف “أتا” القومي سنان أوغان.