يمكن وصف عام 2023 بأنه عام الهدوء النسبي بالنسبة للسياسة الخارجية التركية، التي انتهجت طريق “تصفير المشاكل” مع دول غربية وإقليمية، حيث كان للتطبيع دور محوري في تحديد مسار السياسية الخارجية لأنقرة.
وبالرغم من وجود قضايا لم يتم حلها، حاولت أنقرة التركيز على تقليل الصراعات المحتملة وإعطاء الأولوية للمصالح المشتركة، خاصة بعد الانتخابات الرئاسية في مايو/ أيار الماضي.
ومع حلول عام 2024، يرى محللون أن تركيا ستواجه تحديات ديناميكية في بيئة استراتيجية متنوعة، تتميز بقيود تشكل عقبات أمام توجهها الإقليمي والدولي المتطور.
توجهات 2024 التركية
في تقرير لصحيفة “ديلي صباح”، اليوم الجمعة، اختار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، سياسة خارجية إقليمية بعد الانتخابات، تتمحور حول تقوية العلاقات مع دول الخليج، مما جعل الاقتصاد محور التركيز الأساسي.
وأضافت أنه للتخفيف من المخاطر الأمنية القادمة من سورية، بدأت محادثات على المستوى الوزاري مع نظام الأسد.
وكذلك، تم تحقيق خطوات ملحوظة في تطبيع العلاقات مع إسرائيل ومصر.
وقد أدى دعم أردوغان القوي لأذربيجان في معارك كاراباخ إلى “تعزيز مكانة تركيا كلاعب جيوسياسي في عام 2023”.
وسعى أردوغان أيضاً إلى إصلاح علاقات تركيا مع الغرب، بهدف رسم مسار جديد في العلاقات التركية الأمريكية، والحفاظ على موقف متوازن في الصراع الأوكراني.
واختتم أردوغان العام بعقد قمة محورية مع اليونان، والتي كانت بمثابة خطوة مهمة أخرى في السياسة الخارجية، وفق التقرير.
لكن فيما يتعلق بالعلاقات التركية- الأوروبية، قد لا يشهد البعد الخاص بالاتحاد الأوروبي أي عملية تنشيط عام 2024.
وجاء في التقرير أن “للصراع الأوكراني المستمر تأثير كبير على العلاقات بين تركيا وأوروبا، مما يتطلب اتباع نهج استراتيجي من تركيا بالنظر إلى الشكوك التي تحيط بمسار الصراع”.
وفي حين أن المخاوف الأمنية، ولا سيما الهجرة، تعزز الأساس المنطقي للتعاون، فإن الاعتماد الاقتصادي المتبادل يشير إلى علاقات مستقرة بين تركيا وأوروبا في عام 2024.
وأضاف: “من المتوقع أن تؤثر المصالحة بين تركيا واليونان وتعاونهما المتزايد في مجال الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط على العلاقات بين تركيا وأوروبا بشكل إيجابي”.
ومع ذلك، فإن صعود الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة في أوروبا قد يؤثر على السياسة الوطنية والسياسات الخارجية، مما قد يؤدي إلى مشاعر معادية لتركيا داخل الاتحاد الأوروبي، وفق التقرير.
الخطر القادم من سورية
بحسب تقرير “ديلي صباح“، من المتوقع أن تهيمن العلاقات التركية- الأمريكية على الخطاب في عام 2024 بسبب العديد من القضايا التي لم يتم حلها.
وأهم هذه الأمور هو الدعم الأمريكي المستمر لـ”وحدات حماية الشعب”، الجناح السوري لـ”حزب العمال الكردستاني” الذي تصنفه تركيا “إرهابياً”.
ومن الجدير بالذكر أنه لا يُتوقع أي تحول جوهري في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه سورية، مما يشير إلى استمرار الدعم لـ “الوحدات” في المنطقة.
ويشكل هذا الدعم المستمر “تحدياً متزايداً لتركيا حيث تعمل وحدات حماية الشعب على تعزيز قدراتها العسكرية وشبكاتها الدولية”.
وأضاف: “إن الإجراءات الأخيرة، مثل تنفيذ ما يسمى بالدستور الجديد الذي يعيد تسمية المنطقة إلى الإدارة الديمقراطية لشمال سورية، تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتحرك التركي”.
مردفاً: “قد يتصاعد الفشل في معالجة قضية وحدات حماية الشعب في عام 2024 ليشكل تحدياً استراتيجياً أوسع لتركيا”.
علاوة على ذلك، تشير جوانب أخرى من العلاقات التركية- الأميركية إلى أن العام المقبل سيكون مليئاً بالأحداث.
وأبرزها التطورات “الإيجابية” في مبيعات طائرات F-16، والقرار “الإيجابي” الذي اتخذه البرلمان التركي بشأن عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، والذي يمكن أن يؤثر على الأبعاد العسكرية والدفاعية للعلاقات التركية الأمريكية.
أما فيما يتعلق بروسيا، ترى الصحيفة أنه “نظراً لعلاقة تركيا متعددة الأوجه مع روسيا في سورية وجنوب القوقاز وليبيا والطاقة، ستظل العلاقات التركية الروسية محوراً حاسماً في عام 2024”.
وأضافت: “تؤكد تصريحات أردوغان الأخيرة خلال زيارته للمجر واحتمال عقد قمة متجددة بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أهمية قضايا مثل اتفاق ممر الحبوب”.
وختمت بالقول: “سوف تتميز البيئة الاستراتيجية لتركيا بالديناميكية والتنوع، والتي تبلغ ذروتها في مناخ إقليمي مقيد إلى حد ما، يفرض في نهاية المطاف تحديات أمام التوجه الإقليمي والدولي الجديد لتركيا”.