جاءت كارثة الزلزال الذي ضرب سورية وتركيا في السادس من شهر شباط الماضي، لترمي بثقلها على كاهل السوريين وتضاعف معاناتهم في الشمال السوري، حيث يعيشون أوضاعا صعبة منذ 12سنة، وهو ما أرهق السكان ككل و المرأة السورية بشكل خاص، و زاد الأعباء المترتبة على المرأة والمجتمع بعد معاناتهم المريرة مع النزوح والقصف والتهجير، فوفقاً لتقارير دولية يعيش في شمال غرب سورية أكثر من 4.5 مليون شخص، نحو ربعهم في مخيمات مؤقتة بما في ذلك خيام مهترئة ومنازل هشة، وأنه في ظل الأزمة الاقتصادية القاسية في مناطق شمال غرب سورية، تعاني العائلات السورية من انعدام الأمن الغذائي والخدمات العامة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وانقطاع التيار الكهربائي، فضلاً عن عدم الوصول الى المياه النظيفة مما أدى لتفشي مرض الكوليرا مؤخراً قب الزلزال.
لم يكن ينقص الشعب السوري معاناة إضافية إلى أن تسبب الزلزال المدمر بموجة نزوح كبيرة، خوفاً من الأبنية السكنية التي لم يعد قسما منها صالحاً للسكن وأصبحت الخيام على ندرتها حلماً لأغلب السوريين وسبيلاً جديداً للحياة، مما اضطر الناس لافتراش الطرقات والساحات العامة في ظل ظروف جوية قاسية.
وقد حصلت مؤخراً عدة حالات حرائق ضمن المخيمات، بسبب العدد الكبير للأفراد داخل الخيم والتي تجد النساء والرجال على حد سواء فيها صعوبة الوصول لمصادر الغذاء والمياه والحمامات وأهم من ذلك، العيش الكريم.
تجتمع في هذه الأماكن النساء وتجتمع معهن آلامهن ومرارة الفقدان وأهوال الزلزال الذي مازال ينال الحيز الأساسي في أحاديثهن ومشاعر الخوف على أنفسهن وعلى أطفالهن التي لم تفارقهن منذ وقوع الكارثة، والتي تعطل أحياناً قيامهن بمهامهن وأنشطتهن المعتادة.
فالنساء في شمالي سورية يحملن مسؤولية الحفاظ على تماسك الأسرة وسلامتها في ظل غياب الزوج أو المعيل، بسبب الفقدان أو السفر أو الاعتقال وتتحمل نساء كثيرات، عبء تأمين احتياجات أطفالهن اليومية.
ومع مرور شهر على الزلزال المدمر، مازال حجم الحاجة كبيراً في منطقة تعتبر منكوبة من قبل أن يأتي الزلزال إليها، وعلى الرغم من الحاجة الملحة للمساعدات خاصة المواد الاسعافية والطبية والخيم ومعدات الإنقاذ والغذاء، إلى أنها لم تبدأ بالوصول إلا بعد نحو أسبوع من حدوث الزلزال عبر معبر باب الهوى، بحجة تضرر الطرق في الجانب التركي كما قالت الأمم المتحدة لتنسيق شؤون اللاجئين في بيانها الرسمي، في حين كانت الطرق مفتوحة أمام وصول جثامين الضحايا السورين في تركيا.
وما وصل بعد ذلك من مساعدات إنسانية كانت تفتقر لمتطلبات التعافي من الزلزال ومساندة الضحايا والمتضررين، ولا تحتوي على أدوات مساعدة في عملية الإنقاذ لدعم الدفاع المدني السوري والمنظمات الانسانية، بالاضافة لعدد قليل من الخيم والمواد الطبية.
وبسبب الانتقادات المستمرة للمنظمات الانسانية السورية لطريقة عمل الأمم المتحدة وتسييس العمل الانساني بشكل فاضح ومناشدات المدنيين عبر وسائل الاعلام، تم فتح معبري باب السلامة والراعي أمام دخول المساعدات ولمدة 3أشهر فقط سينتهي بعدها دخول المساعدات عبر هذين المعبرين، وسنعود لكابوس الستة أشهر التي فرضها علينا مجلس الأمن.
ولكن لن تنتهي معاناة السكان واحتياجاتهم، حيث سلط الزلزال الضوء على العراقيل السياسية التي وضعت أمام عملية الإغاثة التي تتطلب سباق الزمن للوصول الى الناجين ومساعدتهم، والتي كانت بانتظار موافقة نظام الأسد على إدخالها، وهو نفسه كان سبب معاناة السكان وتهجيرهم على مدار 12 سنة الماضية.
الوضع في الشمال السوري يتطلب جهوداً دولية للتعامل مع الكارثة ومرحلة التعافي لما بعد الزلزال، مع ضرورة استمرارية تدفق المساعدات الإنسانية عبر جميع المنافذ الحدودية دون الحاجة لقرار من مجلس الأمن الدولي، خاصة أن حجم الكارثة يتضح مع خسارة الألاف لمساكنهم وانتشار مرض الكوليرا والأوبئة، ونقص حاد في المعدات الطبية التي تعرض آلاف المصابين في المشافي لخطر الموت.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت