باتت مادة البصل حديث الشارع السوري، خلال الأسبوعين الماضيين، بعد الارتفاع الكبير في الأسعار، ما اضطر وزارة التجارة في حكومة الأسد إلى بيعه في صالاتها من خلال “البطاقة الذكية”.
وصل كيلو البصل في السوق الحرة إلى 16 ألف ليرة سورية ما يعادل أكثر من دولارين، في حين يباع سعر الكيلو في صالات وزارة التجارة بـ 6 آلاف ليرة سورية، وهو أمر غير مسبوق.
وتحول البصل إلى مادة للتندر والسخرية من قبل سوريين على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع انتشار تسجيلات من دمشق تظهر الازدحام لشراء المادة.
ومنذ مطلع شهر فبراير/شباط الماضي شهدت المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري أزمة كبير في الحصول على البصل، ما انعكس على أسعاره في الأسواق.
وأدى ذلك إلى إصدار وزارة التجارة تعميماً، حصرت من خلاله بيع البصل المستورد في صالاتها من خلال “البطاقة الذكية”.
وجاء في التعميم أنه يجب “بيع البصل المستورد على البطاقة الذكية بسعر 6000 ليرة سورية، بغض النظر عما إذا كانت مدعومة أو لا”.
وأضاف التعميم: “على المواطن أيضاً إبراز البطاقة في الصالة ليصار بعدها لبيعه البصل الذي يحتاجه لمنزله”.
وخصصت الوزارة كيلو فقط لكل بطاقة، قبل أن ترفع الحصة لكل بطاقة 2 كيلو اعتبارً من أمس الأحد، مؤكدة أن “كل من اشترى ١ كيلو يحق له شراء كيلو ثاني في هذا الأسبوع”.
وهذه الخطوة ستكون “مؤقتة”، بحسب التعميم الصادر، ريثما يأتي أوان موسم البصل القادم، “لتعود الأمور إلى طبيعتها”.
تصريحات يومية
خلال الأيام الماضية، لم يتوانى مسؤولو حكومة الأسد عن التصريح حول سبب ارتفاع سعر البصل، ملقين اللوم على كمية الإنتاج.
وقال وزير التجارة، عمرو سالم، في تسجيل نشرته الوزارة عبر حسابها في “فيس بوك” إن حاجة السوق السورية 59 ألف طن، بينما كان الإنتاج 42 ألف طن، يعني في 17 ألف طن نقص”.
وأضاف سالم أن الكمية بيعت كلها، وأدى إلى شح في المادة ورفع خيالي لسعرها، ما اضطر الوزارة إلى استيراد 1700 طن كحل إسعافي.
وأشار إلى أن “المهم أن يصل البصل إلى المواطنين وليس إلى التجار”، عبر ضبط بيعه عن طريق البطاقة الذكية، وقطع الطريق عن التجار لشراء المادة من صالات الوزارة وبيعه في السوق السوداء.
من جانبه قال مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة في وزارة التجارة، صفوان درغام لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية إن توزيع البصل عبر البطاقة من أجل “منع فجوة الفساد ووصول المادة للتجار”.
وأضاف أن “هذا الإجراء مؤقت، لاسيما أن موسم بصل الفريك قد بدأ، بالتالي ستتوفر المادة وتنخفض أسعارها”.
و أكد عضو لجنة تجار ومصدري سوق الهال، محمد العقاد، للإذاعة نفسها أن “سورية كانت بحاجة لاستيراد 5-6 آلاف طن من البصل حتى تعوض النقص، لكن لم يتم السماح للقطاع الخاص بالاستيراد ولو سمح لما وصلنا لهذه المرحلة”.
كما أكد أن الاستيراد كان مسموح فقط لصالح السورية للتجارة، مشدداً على أن البصل مقطوع بشكل كامل من المحال.
بدوره أرجع أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة سبب الأزمة إلى “سوء التعاطي مع ملفات بسيطة عبر عدم الاستناد إلى معلومات صحيحة”.
وأكد، في مقابلة مع صحيفة “تشرين” المحلية، أن المعلومات غير الصحيحة “جعلت الفريق الاقتصادي أمام حلول من قبيل رد الفعل، ترجمتها بورصة البصل اليومية، الذي بات حديث الشارع السوري، وهذا ما لم يكن يخطر ببال”.
وأشار حبزة إلى احتكار من أسماهم “المنتفعين” للمادة، عبر طرح كميات من البصل في السوق هي “أغلب الظن غير منتجة محلياً أو محتكرة منذ وقت ليس بقليل”.
أزمة عالمية
ورغم الفساد واحتكار التجار، إلا أن أزمة البصل ليست في سورية فقط، بل تشهد دول في العالم، ارتفاعاً في أسعاره منذ أسابيع.
وحسب تقارير صحفية فإن “الأزمة العالمية” تعود إلى انخفاض في إنتاج أكبر دولتين مصدرتين للمادة، وهما الهند وباكستان اللتين تعرضتا لسيول وفيضانات.
كما لعب الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي دوراً في ارتفاع أسعار المادة، عبر ارتفاع تكاليف الوقود والطاقة والأسمدة، حسب وكالة “بلومبيرغ”، إضافة إلى تراجع إنتاج أوكرانيا من البصل الذي كان يصل إلى مليون طن سنوياً.
كما تعود أسباب الارتفاع إلى إعلان العديد من الدول المصدرة للمادة إيقاف التصدير، وخاصة كازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وأذربيجان إلى جانب تركيا.