ما أن يقطع أي شخص “بضعة كيلو مترات، تفصل بين حي الزراعة في مدخل مدينة اللاذقية الجنوبي، وحي الرمل حتى يُخيل له أنه انتقل من عالم إلى آخر، ولم يعد في ذات المدينة” بفعل التناقض الكبير والتفاوت بين المنطقتين، كما يقول سكان من مدينة اللاذقية.
في حي الزراعة المجاور لـ”جامعة تشرين” والذي زادت حسبما يؤكد سكانٌ محليون لـ”السورية.نت”، نسبة نازليه من “أمراء الحرب وعائلات المليشيات والشخصيات النافذة في اللاذقية، على رأسهم عائلة فواز الأسد وأقربائه، يخيل للمار فيه أنه قطعة منفصلة عن محيطه، حيث تصطف أحدث السيارات أمام الفيلات” ولا يظهر أي أثر التقنين الكهربائي على معظم المكان.
أما على بعد شارعين من الحي المذكور، وبمجرد العبور إلى “الرمل الجنوبي” الذي يضم خليطاً من أهالي اللاذقية ونازحين من محافظات أخرى وعائلات فلسطينية، فعند الوصول إلى أطرافه يظهرُ أول مكبٌ كبير للنفايات، لم تستطع “محافظة اللاذقية” إيجاد حل له منذ سنوات عبر نقله إلى مكان آخر.
ومع التوغل قليلاً داخل “الرمل الجنوبي”، تظهر معالم أرصفة الطرقات المهترئة، والتي تفترش فوقها بسطاتٍ لباعة ألبسة البالة، وأُخرى تعرض سللَ مساعدات غذائية، وبعض النسوة ممن يبعنَّ أعمالهن اليدوية، في حين تظهر جلياً معالم المنطقة العشوائية بالمباني وشبكات الكهرباء والهاتف.
يقول سامر(اسم مستعار) الذي يستعد للتخرج من “جامعة تشرين”، إن”اللاذقية باتت مدينة تناقضات ومفارقات عجيبة(..)غالبية السكان العظمى تتدبر بالكاد قوت يومها، ومؤخراً تم افتتاح (مسبح الأكواريوس) في منتجع أفاميا، وهو عبارة عن جزيرة عائمة، حيث يمكن أن تصل وجبة الغذاء فيه إلى راتب ثلاثة موظفين مجتمعين، ورغم ذلك يكتظ المنتجع بالزائرين”.
و يضيف لمراسل “السورية.نت”، إن المنتجع الذي عمِلَ فيه لأسابيع، “يتسع لنحو 190 جناحاً وغرفة إضافة لـ42 فيلا، وتكاد لا تخلو من الزبائن”، قائلاً إن كثيراً منهم “من أمراء الحرب الذين بنوا ثروة كبيرة خلال السنوات الماضية”.
على الجانب المقابل يتحدث الناشط أحمد اللاذقاني، عن سحق الغلاء وسوء الأوضاع للطبقة المتوسطة، موضحا أن “90 بالمئة من العائلات في اللاذقية تعاني يومياً لتحصيل قوت يومها بينما يغرق من وصفهم أمراء الحرب والمتنفذين بأموال كبيرة”.
ويضيف الناشط الإعلامي، أن “السنوات الأخيرة أفرزت فئة فاحشة الثراء وهم من قادة المليشيات الذين باتوا اليوم يعملون في تهريب البشر والمخدرات والسمسرة بالمعتقلين وباتوا يملكون عقارات ومطاعم وبعضهم احتكر بعض أصناف التجارة كالألواح الشمسية والسيارات”.
يصف عبد الله وهو موظف حكومي في مدينة اللاذقية حال ما وصلت إلى المدينة بأنه “الأسوأ”، ويؤكد الرجل الأربعيني وهو والد لأربعة أبناء وبنات، أن “سكان مدينة اللاذقية معظمهم يعملون إما في الوظائف أو مجال الزراعة والخدمات والصيد وجميع هذه المصالح تضررت وتراجعت قوتها الشرائية لمستويات قياسية”.
ويرى ذات المتحدث، أن سبب التفاوت الطبقي الكبير مؤخراً في المدينة، يعود إلى “ولادة طبقة متنفذين ومعظمهم أمراء حرب، بينما الطبقة المتوسطة تلاشت مع نفاد مدخراتها وضعف دخلها كقوة شرائية، فيما يعتبر زيادة نسبة الطبقة الفقيرة تحصيل حاصل في مثل هذه الظروف”.
ورغم أن مشهد تهاوي مؤشرات الإقتصاد إلى مستويات قياسية، ينسحب على كافة المناطق السورية، بما في ذلك كافة المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، إلا أن ظاهرة صعودٍ طبقة أمراء الحرب تتجلى معالمهما في اللاذقية أكثر من غيرها، لكون معظم هؤلاء أساساً ينحدرون من هذه المحافظة، التي شهدت منذ ما قبل سنة 2011، بروز كثيرين من المتنفذين بعائلة الأسد والعائلات القريبة منها.