أربعة جولات مرت من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية لم يخرج فيها المشاركون من الوفود الثلاثة حتى الآن بمخرجات ملموسة على صعيد كتابة الدستور في سورية، بل على العكس تركز النقاش على عدة مسائل ونقاط بعيدة كل البعد عن المبادئ الدستورية، التي تشكلت اللجنة من أجلها ولتحقيقها.
الجولة الرابعة كانت قد انتهت يوم أمس الخميس، بعد خمسة أيام من نقاشات حاول فيها وفد نظام الأسد كسب الوقت، طارحاً بذلك عدة قضايا تخدم الرواية التي يصر عليها، والتي ترتبط بما يسمى “الثوابت الوطنية”، وهو مصطلح كان قد تصدر أيضاً في نقاشات الجولات الثلاث الماضية، والتي شهدت عدم توافق بين الأطراف على جدول الأعمال الخاص بنقاشات كل جولة.
ورغم أن الجولات الأربع للجنة لم تتطرق إلى موضوع الدستور، إلا أن المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون أشار في البيان الختامي للجولة الرابعة أمس إلى أن المبادىء الدستورية ستكون على جدول أعمال الجولة الخامسة، المقرر عقدها في شهر يناير/ كانون الثاني المقبل.
الجولة الخامسة وفي حال انعقادها سيكون توقيتها حساساً، ولاسيما أنها تستبق الانتخابات الرئاسية في سورية بثلاثة أشهر، والتي يؤكد نظام الأسد إجرائها والمضي فيها، على الرغم من الرفض الدولي لها، وخاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، مؤخراً.
الجولة الأولى: دون نتائج
بالعودة إلى الجولة الأولى من نقاشات اللجنة الدستورية، فقد انعقدت منذ أكثر من عام، في تشرين الثاني من عام 2019.
انتهت الجولة دون نتائج ولكنها كانت أفضل من المتوقع، حسب المبعوث الأممي إلى سورية، بيدرسون، فيما تحدث أعضاء الوفدين السوريين (المعارضة السورية، النظام) عن أجواء فاترة، ولم يتصافحا خلال أيام الاجتماعات المتعددة.
وكانت المحادثات بين الجانبين مشحونة دوماً، في ذلك الوقت، ولا سيما فيما يتعلق بقضية “الإرهاب”، وهو مصطلح يستخدمه نظام الأسد، ويسعى لضمه إلى مشروع إصلاح الدستور، لكن المعارضة ترفض ذلك.
الجولة الثانية.. تنتهي بالفشل
أسابيع مرت على الجولة الأولى لتعقد جولة ثانية بين الأطراف المشاركة في اللجنة الدستورية: وفد النظام، وفد المعارضة، وفد المجتمع المدني.
في هذه الجولة انسحب وفد نظام الأسد رسمياً ثلاث مرات من الاجتماعات، بينما لم يحضر كامل الوفد إلى أكثر من اجتماع، واقتصر الحضور على رئيسه، أحمد الكزبري.
وكان وفد النظام قد قدم مقترحاً حينها، لجدول الأعمال يتضمن “بنوداً وطنية للاتفاق عليها كأساس لعمل اللجنة ككل”، وتشمل هذه البنود إدانة “العدوان” التركي والتدخل الأمريكي ورفع العقوبات وغيرها”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
لكن وفد المعارضة لم يوافق على هذه البنود، واعتبرها “لا تتوافق” مع مبادئ اجتماعات اللجنة.
خلافات عميقة في الجولة الثالثة
لم تكن الجولة الثالثة كسابقاتها من الجولات، بل جاءت في ظروف استثنائية، ولاسيما مع تفشي جائحة “كورونا” في مختلف دول العالم، في آب 2020.
وفي تصريحات له عقب ختام أعمال الجولة الثالثة قال المبعوث الأممي، غير بيدرسون: “توجد اختلافات عميقة بين الأطراف في عدة قضايا-لم نصل لمرحة كتابة الدستور، نعمل على بناء الثقة بين الأطراف”.
وأضاف بيدرسون: “العديد من نقاط الخلاف بين الحاضرين، لكن يوجد عدد قليل جداً من المجالات المشتركة، التي اعترف بوجودها الرئيسين المشتركين (هادي البحرة وأحمد الكزبري)”.
ولفت إلى أنه قد يكون من الصعب التنبؤ بمستقبل المحادثات، لكنه عبّر عن ثقته بالتمكن من بناء الثقة بين الأطراف، مضيفاً أن “هذا يعتبر تقدماً”.
الجولة الرابعة: دون اختراق
الجولة الرابعة انعقدت منذ خمسة أيام، وكان اللافت فيها طرح وفد النظام السوري لقضية عودة اللاجئين إلى سورية، وهو أمر يعتبره وفد المعارضة ملفات فوق تفاوضية ودستورية، وتشابه ملف المعتقلين.
كما حاول وفد النظام التركيز على مصطلح “الثوابت الوطنية”، بعيداً عن مناقشة المبادئ الدستورية، والتي من المقرر أن تكون على جدول أعمال الجولة الخامسة، الشهر المقبل.
وتباينت مواقف وفدي النظام برئاسة أحمد الكزبري والمعارضة هادي البحرة إزاء أولويات المناقشات بين تركيز الطرف الأول على العقوبات واللاجئين و”الاحتلالات” التركية والغربية وتركيز وفد المعارضة على ملفات المعتقلين والحل السياسي والظروف المعيشية للنازحين واللاجئين.