على مدار 12 عاماً من الحرب والقصف والتهجير، واجه قطاع التعليم في سورية مطبات عدة انعكست سلباً على الواقع التعليمي لحوالي مليون طفل سوري في سن الدراسة شمال غربي سورية.
ووسط تراجع الدعم المقدم لقطاع التعليم وتبعات زلزال شباط المدمر وسوء الأوضاع المعيشية للسكان، زادت التحديات أمام هذا القطاع خلال عام 2023، ما أدى إلى ارتفاع نسبة تسرب الأطفال من المدارس، وتوجههم لسوق العمل ضمن مهن “شاقة”، فيما تستمر مخاطر الاستهداف العسكري للمدارس في المنطقة.
التعليم.. هدف مباشر للعمليات
سجلت منظمات إنسانية استمراراً للانتهاكات بحق قطاع التعليم شمال غربي سورية، إذ وثقت منظمة “الدفاع المدني السوري” في أحدث الإحصائيات الصادرة اليوم الأربعاء، استهداف 4 مدارس منذ بداية العام الحالي 2024، و30 مدرسة خلال عام 2023.
كما وثقت استهداف 144 مدرسة ومنشأة تعليمية خلال الأعوام الخمسة الماضية.
وقالت في بيان لها إنه منذ مطلع عام 2019 وحتى سبتمبر/ أيلول 2023، استهدفت قوات الأسد وروسيا أكثر من 144 مدرسة ومركزاً تعليمياً شمال غربي سورية.
وأدت تلك الهجمات، بحسب البيان، إلى خسائر كبيرة في الأرواح بين طلاب ومعلمين وكوادر إدارية، إضافة إلى أضرار بالغة في البنية التحتية، وتعطيل الوصول للتعليم لمئات الآلاف من الطلاب في المنطقة.
وفي إحصائيات لـ”منسقو استجابة سوريا”، اليوم الأربعاء، حول الصعوبات والتحديات التي تواجه القطاع التعليمي في شمال غربي سورية، قال فيها إن هجمات النظام وروسيا أخرجت عن الخدمة أكثر من 870 مدرسة، بينها 227 منشأة تعليمية في شمال غرب سورية خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
كما فقد أكثر من 55 معلماً حياتهم، خلال الفترة ذاتها، نتيجة الهجمات العسكرية من قبل الجهات المختلفة، بحسب “منسقو الاستجابة”.
من جانبها، وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” هجمات على 1681 من المدارس ورياض الأطفال والمراكز التعليمية في سورية، منذ عام 2011 وحتى أواخر 2023.
وقالت في تقرير لها، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إن 88% من تلك الهجمات وقعت على يد النظام السوري وروسيا.
وأضاف أن القوات الروسية استهدفت ما لا يقل عن 221 مدرسة في سورية، منذ تدخلها العسكري في سورية عام 2015، وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
وصنفت الشبكة في تقرير لها، في نوفمبر الماضي، الهجمات على المدارس ورياض الأطفال على أنها أحد أبرز الانتهاكات المرتكبة بحق الأطفال في سورية.
وطالبت بإيجاد آليات لوقف قصف المدارس وحمايتها، والعمل على خلق بيئة تعليمية آمنة.
التسرب ونقص الدعم
بحسب “منسقو استجابة سوريا”، فإن أكثر من 2.2 مليون طفل في سورية متسربون من التعليم، بينهم أكثر من 340 ألف طفل في شمال غربي سورية و80 ألفاً داخل المخيمات.
وأرجع التسرب إلى أسباب عدة، أبرزها عمالة الأطفال نتيجة سوء الأوضاع المعيشية لذويهم، وحالات الزواج المبكر، وبُعد المراكز التعليمية عن مناطق الإقامة.
وأوضح أن أكثر من 80 مدرسة شمال غربي سورية تعاني من الاستخدام الخارج عن العملية التعليمية، وإشغال تلك المدارس في مهمات غير مخصصة لها.
وكذلك فإن “أكثر من 67% من مخيمات النازحين (991 مخيم) لا تحوي نقاطاً تعليمية أو مدارس، حيث يضطر الأطفال إلى قطع مسافات طويلة ضمن العوامل الجوية المختلفة للحصول على التعليم”.
وتحدث تقرير “منسقو الاستجابة” عن نقص الدعم الدولي الموجه لقطاع التعليم شمال غربي سورية، لافتاً إلى أن أكثر من 45% من المدارس تعاني من انقطاع الدعم عنها، كما بلغت نسبة الاستجابة لقطاع التعليم 29% فقط خلال عام 2023.
من جانبه، اعتبر “الدفاع المدني” في بيان له في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن الهجمات المباشرة لقوات الأسد وروسيا واستهداف المدارس، “لم تكن هي الخطر الوحيد الذي يواجهه الطلاب”.
موضحاً أن “التهجير والنزوح المتكرر للطلاب كانت آثاره كارثية أيضاً، وخاصة موجات النزوح التي كانت ذروتها في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020”.
وأضاف أن عمليات التهجير القسري والنزوح أثرت بجانب آخر، وهو إشغال عدد من المدارس من قبل المهجرين قسراً، والعيش في هذه المدارس كمراكز إيواء مؤقت في ظل غياب أماكن بديلة تؤويهم.
وهو الأمر الذي حصل أيضاً عقب زلزال فبراير/ شباط 2023، والذي تسبب بتدمير بعض المدارس وتحويل أخرى إلى مراكز إيواء للناجين من الزلزال.