لم يكن يتوقع طبيب الأسنان سالم محمد، الذي أقام في إسطنبول مع عائلته مدة ثماني سنوات، أن ينتهي به المطاف في مدينة إعزاز بريف حلب بعد ترحيله بسبب شجار مع موظف في دائرة الهجرة.
ويقول محمد لـ”السورية.نت”، أن موظف الهجرة اكتشف أثناء محاولته تعديل مكان سكنه قبل أربعة أشهر، وجود دعوى بحقه منذ ثلاث سنوات، بشأن ممارسته مهنة الطب دون ترخيص، الأمر الذي كان يعرفه محمد وعلى علم به ولديه استئناف في المحكمة وبانتظار الحكم.
إلا أن النقاش مع موظف الهجرة تصاعد كما يقول الطبيب محمد، ما دفع الموظف لإلغاء “بطاقة الحماية المؤقتة” لمحمد وتوقيفه، قبل أن يتم نقله إلى سجن توزلا على الجانب الأسيوي من اسطنبول، ثم إلى مركز احتحاز في ولاية كليس قرب الحدود السورية، ومنه تم ترحيله إلى إعزاز عبر معبر باب السلامة الحدودي.
ويقول محمد أنه ترك في تركيا بعض الممتلكات الخاصة به كطبيب، ولم يعد يملك إمكانية التصرف بممتلكاته.
وبرزت خلال الحملة الأمنية الأخيرة ضد “المهاجرين غير الشرعيين” التي بدأتها السلطات التركية قبل نحو شهر، إشكاليات كبيرة تواجه المرحلين إلى سورية، ليس أولها تشتت العوائل بين من تم ترحيله ومن بقي مقيماً في تركيا، وليس آخرها فقدان المُرحلين لإمكانية التصرف بممتلكاتهم وحساباتهم البنكية أو حتى إغلاق اشتراكات الماء والكهرباء والانترنت المفتوجة على أسمائهم.
ترحيل مفاجئ
وتقول السلطات التركية، إن الحملة التي تشنها القوات الأمنية منذ أسابيع، تستهدف بشكل خاص “المهاجرين غير الشرعيين”، خاصة في مدينة اسطنبول.
وذكرت منظمات مدنية سورية، بينها “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، في بيان مشترك الأسبوع الماضي، أن “عمليات الاحتجاز جرت من الطرقات والأماكن العامة ومن ثم اقتياد الشخص مباشرة إلى مراكز الترحيل من دون أن يتمكن معظم المرحلين من توديع عائلاتهم وجرى فصلهم عن زوجاتهم وأطفالهم أو أمهاتهـم الذيـن ما زالوا في تركيا”.
كما أكد البيان أن المرحلين “لـم يتمكن غالبيـتهم مـن إنهـاء التزاماتهم وأعمالهم أو الحصول علـى حقوقهم المالية والمادية الخاصة بهم فـي تركيا، إذ وجد معظمهم نفسه فـي شـمال سـورية بعـد 48 سـاعة مـن احتجـازه”.
عمليات الترحيل الحاصلة، فتحت باب التساؤلات عن كيفية التصرف بممتلكات المرحلين، وخاصة إذا كانوا يملكون أموالاً نقدية أو محال تجارية وسيارات وحسابات مصرفية.
ويقول المحامي غزوان قرنفل لـ”السورية.نت” إنه صادف مثل هذه الحالات أواخر العام الماضي، عندما تم ترحيل عائلات بأكملها من أنقرة إلى سورية.
ويروي قرنفل أن أحد الأشخاص كان لديه سيارة ومحل تجاري، إضافة إلى شخص آخر كان قد أبقى مدخراته المالية في منزله، ولكن تم ترحيله مع عائلته دون استطاعته الحصول على مدخراته.
وأكد قرنفل أنه يفترض تصفية كل الأمور المالية قبل ترحيل أي شخص “لكن للأسف تتم عملية الترحيل دون منح فرصة لهم الاتصال بمحامي أو عمل وكالة قانونية لشخص ينوب عنه بالتصرف بالأموال”.
ماذا يفعل المرحل لتحصيل ماله؟
وقال الناشط المهتم بشؤون السوريين في تركيا، أحمد صبرة، إن أكثر أملاك السوريين المرحلين من تركيا، تكون إما سيارة أو حساب بنكي، فالسوري في تركيا أساساً لا يحق له تملك عقارات.
وأضاف لـ”السورية.نت”، أن “السيارة بإمكان المرحل عمل وكالة من شمال سورية، لشخص في تركيا يتولى بيعها أو التصرف بها، أما الحساب البنكي فأموره معقدة أكثر، لذلك الطريقة الوحيدة هو تحويل المال لحساب شخص آخر وسحبه”.
وأكد صبرة أنه يمكن للمرحل إغلاق اشتراكات الماء والكهرباء والغاز من خلال تطبيق “أي دولت” قبل توقفه، لأنه قد يبقى فغالاً لما بعد الترحيل بعدة أيام.
وفي حال إيقاف التطبيق ولم يتمكن المرحل من إغلاقها، يجب الاعتماد على الوكالات القانونية من أجل إغلاق الإشتراكات.
أما المحامي غزوان قرنفل، فقد حدد عدة إجراءات احترازية على السوريين في تركيا لاتخاذها، أولها عمل وكالة قانونية لدى “النوتر”، لشخص قريب ينوب عنه في تحريك حسابات البنك (سحب وإيداع) ويكون المفوض في التصرف بالسيارة أو أي ممتلكات أخرى.
أما في حال ترحيل الشخص وليس لديه توكيل، فيعتمد على مكان وجود المرحل في ريف حلب أم الرقة.
وأكد قرنفل أنه في حال كان المرحل موجود في ريف حلب الشمالي، يمكنه الوصول إلى أحد مكاتب كاتب العدل “النوتر”، وعمل وكالة قانونية لأي وكيل سواء زوجته أو ابنه أو صديقه.
ويوجد ثلاثة مكاتب لكاتب العدل في ريف حلب، متوزعة في مناطق إعزاز والراعي وعفرين.
أما في حال ترحيل الشخص إلى تل أبيض بريف الرقة، وهي منطقة لا يتواجد بها كاتب العدل، فأكد قرنفل أنه لا يوجد أي حلول للمُرحل.