الموت برداً يعود إلى مخيمات الشمال.. الأطفال ضحايا الكارثة
عادت قضية الموت برداً في مخيمات الشمال السوري إلى الواجهة مجدداً، عقب الإعلان عن موت ثلاثة أطفال، خلال الأيام الماضية، نتيجة تدني درجات الحرارة وسوء الأحوال المعيشية التي يواجهها نازحو الشمال، في وقت تستمر فيه حركات نزوح الأهالي.
إذ أثار موت طفلة في أحد مخيمات النازحين، بريف مدينة عفرين شمالي حلب، اليوم الخميس، استنكاراً من قبل المنظمات الإغاثية والناشطين المحليين العاملين في المنطقة، في ظل عجز عن احتواء أزمةٍ تشهدها المخيمات في كل شتاء.
الإعلان عن موت الطفلة جاء نقلاً عن طبيبٍ عامل في المشفى التي وصلت إليها الطفلة بمدينة عفرين، حيث كتب الطبيب حسام عدنان، عبر حسابه في “فيسبوك” تفاصيل الحادثة، مشيراً إلى أن “نزلة برد بسيطة” أودت بحياة الطفلة، دون أن يتمكن ذويها من إسعافها في الوقت المناسب بسبب الأحوال الجوية وانقطاع الطرقات.
اليوم صباحا وصلتنا هذه الطفلة الى مشفانا بعفرين خرج والدها بها من خيمته التي تبعد عن مشفانا بضعة كيلومترات لانها تعاني…
Posted by Housam Adnan on Thursday, February 13, 2020
في حين شهد يوم الثلاثاء الماضي، وفاة الطفل الرضيع عبد الوهاب أحمد الرحال (7 أشهر)، بسبب البرد القارس في مخيم الجزيرة للنازحين، الواقع ضمن تجمع مخيمات أطمة بريف إدلب الشمالي، حسبما تداول ناشطون.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل الطفل عبد الوهاب بسبب البرد القارس، مشيرة إلى أنه نزح مع عائلته من مدينة خان شيخون جنوبي إدلب، والتي سيطرت عليها قوات الأسد مؤخراً.
وكذلك، وثق ناشطون وفاة الطفل أحمد محمد ياسين، بسبب البرد في أحد مخيمات اعزاز بريف حلب، الأحد الماضي، في حادثة أثارت تنديداً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تجاهل دولي لأزمات النزوح التي يشهدها الشمال السوري بسبب العمليات العسكرية.
الطفل أحمد محمد ياسين من نازحي معرة النعمان إلى أرياف اعزاز، عمره ثلاث سنوات، توفي اليوم بسبب البرد الشديد وحالة الصقيع في ظل انعدام التدفئة ومقومات الحياة لنازحي المحرر.
ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء pic.twitter.com/w12HwnGNwY— عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) February 9, 2020
تقارير توثق المأساة
تعقيباً على التقاير السابقة، وثق فريق “منسقو استجابة سوريا، العامل في الشمال السوري، وفاة أكثر من 9 أشخاص، بينهم أطفال، بسبب البرد والحروق والاختناقات في مخيمات النازحين.
ونشر “منسقو الاستجابة” بياناً، اليوم الخميس، جاء فيه: “أكثر من تسعة حالات وفاة في المخيمات نتيجة البرد والحروق والاختناقات، في ظل استمرار موجات النزوح للمدنيين من أرياف إدلب وحلب”.
وناشد المنسقون المنظمات الإنسانية من أجل مساعدة النازحين، في ظل موجة البرد القارس التي تشهدها مخيمات الشمال، وعجز النازحين عن تحمل تكاليف التدفئة.
أكثر من تسعة حالات وفاة في المخيمات نتيجة البرد والحروق والاختناقات، في ظل استمرار موجات النزوح للمدنيين من أرياف ادلب…
Posted by منسقو استجابة سوريا on Thursday, February 13, 2020
وكذلك، أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، تقريراً، اليوم الخميس، قالت فيه إنها وثقت مقتل 167 مواطناً سورياً، بينهم 77 طفلاً، قد توفوا بسبب البرد منذ مارس/ آذار 2011.
وأشارت الشبكة في تقريرها إلى أن حالات الوفاة بسبب البرد تعود إلى ثلاثة أسباب، في مقدمتها التشريد والنزوح، حيث أن إقامة النازحين في العراء أو في خيام بدائية، وعدم توفر ملابس أو مواد تدفئة، كان السبب الرئيسي للوفاة.
كما أن الحصار الذي تعرضت به بعض المدن والبلدات السورية “شكّل سبباً من أسباب الوفاة جراء البرد، حيث توفي أشخاص في منازلهم بعد أن انعدمت لديهم وسائل التدفئة، في المناطق التي عانت حصاراً طويلاً من قبل قوات النظام السوري، أو في مخيمي الهول بريف الحسكة، وعين عيسى بريف الرقة، اللذان فرضت عليهما قوات سوريا الديمقراطية حصاراً أيضاً”، بحسب التقرير.
وأضاف أن التعذيب كان أحد أسباب الوفاة بسبب البرد أيضاً، كونه مورس كأسلوب تعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد، حيث يُمنع المعتقلون من ارتداء ملابس مناسبة، ويحرمون من الوسائد والأغطية اللازمة خلال البرد.
للاطلاع على تقرير الشبكة كاملاً
لا استجابة للأزمة الحالية
تحدث مسؤول الإغاثة في منظمة “بنفسج”، عبد الرزاق عوض، لموقع “السورية نت” عن صعوبات تواجهها المنظمات المحلية، في الاستجابة لأزمة الصقيع الحالية، مشيراً إلى أن الاستجابة لا تتجاوز 20% مقارنة مع موجات النزوح الهائلة التي حدثت مؤخراً.
عوض أشار إلى أن المخيمات العشوائية في الشمال السوري، هي أكثر المخيمات المتضررة جراء موجة البرد الحالية، كونها لا تضم خياماً عازلة أو وسائل تدفئة ضرورية، من بطانيات وملابس شتوية ومدافئ.
وأضاف أن منظمة “بنفسج” تدير حالياً 8 مراكز إيواء، زادت خلال الآونة الأخيرة إلى 10، متوزعة في مدينة إدلب وسرمدا ودارة عزة وهي الآن مكتظة بالكامل، حيث تسعى المنظمة قدر المستطاع إلى توفير وسائل التدفئة والغذاء والاحتياجات الأساسية للنازحين.
وتحدث مسؤول الإغاثة في “بنفسج” لـ “السورية نت” عن مشروع أممي بقيمة 25 مليون دولار، لإيواء النازحين من إدلب، حيث طلبت الأمم المتحدة من المنظمات العاملة في المنطقة رفع مقترحاتها ومشاريعها بهذا الخصوص، مشيراً إلى أن الأمر قد يستغرق شهراً على الأقل، ما يعني أن موجة البرد الحالية قد تكون انتهت.
وقال مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، محمد حلاج، في حديث سابق لـ “السورية نت”، إن الاستجابة لأزمات الشتاء لا تزال ضعيفة، ولا تتناسب مع الحاجة الفعلية للنازحين في المخيمات، رغم استعداد المنظمات لذلك.
واعتبر حلاج أن المشكلة الأساسية لأزمات الشتاء هو وجود مخيمات عشوائية على أراضٍ غير قابلة للسكن والإقامة عليها، مشيراً إلى أنه في حال هطول الأمطار وتشكّل السيول والعواصف تنقطع الطرقات المؤدية إلى المخيمات العشوائية، ويصبح من الصعب إيصال المساعدات للمحتاجين إليها.
وارتفعت نبرة التحذيرات هذا العام، مع ارتفاع أعداد النازحين في مخيمات الشمال السوري، نتيجة الحملة العسكرية الأخيرة وقصف قوات الأسد لريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، وتقدمها على الأرض.