ينظر محللون إلى الهجمات الأخيرة على القوات الأمريكية في سورية والعراق باعتبارها ضغط على الولايات المتحدة من أجل سحب قواتها، عبر رفع تكلفة وجودها في الشرق الأوسط.
فيما يرى آخرون أنها تعبير عن حالة “عدم الرضا” إزاء دعم واشنطن “المستميت” لإسرائيل في حربها على غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
دور إيران في الهجمات
ورصد تحليل لموقع “العربي الجديد” بنسخته الإنجليزية، أهداف الهجمات المتصاعدة ضد القواعد الأمريكية في سورية والعراق، والتي بلغت حتى اليوم أكثر من 58 هجوماً منذ 17 أكتوبر الماضي، وفق بيانات “البنتاغون”.
وتتهم الولايات المتحدة إيران بالوقوف وراء هذا التصعيد عبر تأجيج المليشيات التابعة لها في المنطقة، الأمر الذي تنفيه طهران، عبر قولها إن تلك المليشيات تتصرف “بشكل فردي ومستقل”.
وجاء في التحليل الصادر، اليوم الجمعة، أن هذه الهجمات “تهدف إلى رفع تكلفة تواجد القوات الأمريكية في سورية، وكذلك التعبير عن عدم الرضا عن الدعم الأمريكي للحرب الإسرائيلية على غزة”.
وقال سام هيلر، زميل في مؤسسة “سينشري” إن “الواضح من هذه الهجمات هو الضغط على الأمريكيين لفرض وقف إطلاق النار في غزة”.
وأوضح هيلر لـ”العربي الجديد” أن “المسلحين العراقيين الذين عززتهم إيران يستجيبون إلى حد ما للتوجيهات الإيرانية. لكنني لا أعتقد أنهم يحتاجون بالضرورة إلى موافقة إيرانية لإطلاق النار على الأمريكيين”.
ومع ذلك هناك اعتقادات بأن إيران “تلعب دوراً وثيقاً في التنسيق” لهذه الهجمات.
وقال جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي الخاص السابق، إن “الميليشيات العراقية التي أعرفها لديها أجندتها الخاصة، وفي بعض الأحيان توجه لنا ضربات عكس نصيحة إيران”.
وأضاف في حديثه للموقع أنه في الوقت الحاضر، وخاصة في سورية، يمكنك افتراض أن الضربات علينا يتم تنسيقها بشكل وثيق من قبل إيران”.
وأوضح جيفري كذلك أن الهجمات تأتي في الوقت الذي تتكبد فيه “حماس” خسائر في غزة، وفق قوله، لذا يتعين على وكلاء إيران “القيام على الأقل بضربات محسوبة بعناية”.
هل تخرج واشنطن من سورية؟
تتواجد القوات الأمريكية في سورية منذ عام 2015، ضمن مهمة القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية والعراق.
وكان عدد القوات الأمريكية “ضئيلاً”، وهم موجودون في الغالب في مهمة استشارية ودعم لـ”قوات سوريا الديمقراطية” في الشمال الشرقي، وفصائل المعارضة في جنوب شرق البلاد.
لكن بعد هزيمة التنظيم عام 2019، قلصت واشنطن عدد قواتها في سورية إلى 900 جندي فقط، وفي العراق إلى 2500.
وفي السنوات الأخيرة، كثفت الميليشيات الإيرانية الضغط على القوات الأمريكية في سورية، عبر هجمات متكررة بطائرات بدون طيار على القواعد الأمريكية.
لكن تصاعدت وتيرة هذه الهجمات بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، إذ أعلن “البنتاغون” عن تعرض قواعده العسكرية في كل من العراق وسورية إلى نحو 58 هجوماً منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسط إصابات في صفوف الجنود الأمريكيين.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الهجمات المتصاعدة، “لا يوجد ما يشير إلى أن الولايات المتحدة مستعدة للخروج من سورية، حتى في ظل هذا النوع من النيران”، كما أوضح هيلر.
وقال: “لا أعتقد أن جميع القوات الأمريكية في سورية مهددة بنفس القدر من هذه الهجمات. ومن المرجح أن تكون المواقع الأمريكية في دير الزور وجنوب الحسكة معرضة للخطر أكثر من المنشآت الأمريكية في الشمال”.
وبدلاً من سحب القوات، “يمكن أن توفر الهجمات نافذة للولايات المتحدة لتوضيح استراتيجيتها المقبلة في سورية، والتي تقتصر حالياً على الدعم المفتوح لقوات سوريا الديمقراطية والعقوبات ضد نظام الأسد”.
وقال جيفري: “ما يجب أن تولده الهجمات هو أن تقوم الولايات المتحدة بصياغة سياسة سورية، بما في ذلك وجود القوات، والتي توضح استمرار الهدف الاستراتيجي، بدءاً باحتواء إيران وروسيا والحفاظ على وقف إطلاق النار في سورية”.
وبحسب التقرير “يبدو من المحتمل أن تستمر الهجمات على الأفراد الأمريكيين في المستقبل المنظور”.
وقال هيلر: “أنا متشكك للغاية في قدرة الولايات المتحدة على ردع هذه الجماعات من خلال هذا النوع من الإكراه”.
وختم “أعتقد أنه من المنطقي التركيز على وقف التصعيد في غزة، والذي يبدو وكأنه المفتاح لتخفيف هذه الهجمات وغيرها من أعمال العنف على المستوى الإقليمي”.