الهدف أوروبا..رحلة “شاقة” لشباب بين الساحل السوري وإدلب
استغرقت رحلة الشاب خالد 12 ساعة متواصلة، للانتقال من اللاذقية إلى إدلب، محطته الأولى قبل محاولة الوصول إلى أوروبا، رغم أن المسافة بين المحافظتين لا تتجاوز 90 كيلو متراً.
وبعكس اتجاه محافظة إدلب التي تقع شمال شرق اللاذقية، بدأ خالد (19 عاماً) رحلته بالتوجه جنوباً إلى حمص، برفقة المُهرب و3 شبان آخرين، مطلوبين للخدمة الإلزامية في جيش نظام الأسد، جمعهم بخالد نية الخلاص من ظروف معيشية سيئة، والبحث عن ظروف أفضل.
“رحلة بين بلدين”
في تفاصيل الرحلة “الشاقة”، يوضح خالد أنهم لم يتوقفوا على أي حاجز أمني، ولم يُضطروا لإبراز بطاقاتهم الشخصية أبداً، ويكمل أثناء حديثه لـ”السورية.نت”، أن “من الواضع وجود اتفاق بين المهرب وعناصر الحواجز العسكرية على الطريق. كان خط المسير غريباً، توجهنا إلى حمص ومن هناك إلى حماة ثم عبرنا إلى ريف حلب من طرق صحراوية ومررنا بالكثير من الحواجز العسكرية(ضمن مناطق النظام)، حتى كانت النقطة الأخيرة هي مدينة تادف التي وصلناها ليلاً، وانتظرنا ساعات الفجر للعبور إلى مناطق (الجيش الوطني)، حيث تسلمنا شخص آخر متعامل مع المهرب الأول”.
يضيف خالد: “تم توقيفنا عند معبر دير بلوط لساعات واستجوابنا حول رحلتنا وطريقة قدومنا ثم أفرج عنا.. أشعر وكأننا انتقلنا من بلد إلى آخر بسبب مشقة هذه الرحلة وصعوبتها”.
وصلت تكلفة هذه الرحلة بين منطقتين سوريتين تبعدان عن بعضهما أقل من 100 كم، إلى 1100 دولار أميركي لكل شخص، بحسب خالد، الذي أكد أن عدداً كبيراً من أصدقائه ومعارفه ينتظرون تأمين الأموال للسفر.
نقطة عبور نحو أوروبا
يُلاحظ خلال الأشهر الأخيرة ارتفاع عداد القادمين من مناطق سيطرة النظام، إلى مناطق شمال غرب سورية الخارجة عن سيطرة الأخير، بحسب ما يؤكد الناشط الإعلامي في إدلب، محمد فاخوري.
ويعزو فاخوري السبب إلى جملة عوامل، أبرزها الأوضاع الاقتصادية وحملات التجنيد والاحتياط، ويأس الشباب من البقاء، ما يدفعهم للتفكير بالهجرة نحو أوروبا، حيث تكون مناطق سيطرة المعارضة السورية هي المحظة الأولى، التي تتبعها محظات عديدة، تكون غالباً من تركيا نحو اليونان ثم قطع دولٍ عديدة وصولاً لدول الاتحاد الأوروبي.
استقبل إبراهيم نعنوع (37 عاماً)، وهو نازح من مدينة جبلة ويقيم في إدلب، عدداً من رفاقه الواصلين حديثاً من مناطق سيطرة النظام في منزله، قبل أن ينجحوا بقطع الحدود والعبور إلى تركيا.
وبحسب الشاب الثلاثيني، فإن اللافت هو أن معظم أصدقائه وهم بعمره، لا يزالون يبحثون حتى اليوم عن انطلاقة وحياة جديدة، ومعظمهم لم يتزوج أو يؤسس عائلة.
مضيفاً خلال حديثه لـ”السورية.نت”، أن “أحدهم ملاحق للخدمة الاحتياطة منذ 5 أعوام، وآخر يعمل لساعات طويلة لمساندة عائلته، بينما صديقي الثالث خرج من جبلة ملاحقاً بسبب إخبارية كيدية”.
ووفق الناشط الإعلامي في مدينة جبلة، أبو يوسف جبلاوي، تتم عمليات تهريب البشر عبر أشخاص مرتبطين بضباط متنفذين في الساحل السوري، يسهلون مرورهم عبر الحواجز مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 1000 و2000 دولار، بحسب درجة ملاحقة الشخص (منشق أو عادي).
وقال جبلاوي لـ”السورية.نت” إن “عشرات المنشقين والمطلوبين خرجوا من جبلة واللاذقية خلال السنوات الأخيرة عبر هذه الشبكات، كما أن هذه الهجرة باتت أيضاً مطلوبة من قبل مدنيين وشبان ليسوا ملاحقين، لأنها تعتبر الطريق الأفضل للوصول إلى أوروبا”.
ويرى جبلاوي أن الأفرع الأمنية على دراية بهذه الشبكات، لكنها تتغاضى عن الأمر تماماً منذ سنوات طويلة، لأسباب ربما تعود للمنفعة المادية أو قوة وسطوة الضباط الذين يعملون بهذا الأمر.
ولفت إلى وجود طرق أخرى يخرج بها الشبان، منها التوجه إلى مدينة حلب إن لم يكن مطلوباً، وهناك يتفقون مع مهربين للوصول إلى تادف مقابل مبالغ أقل (حوالي 500 دولار).
تجربة استقرار
رغم أن مناطق سيطرة المعارضة تعاني هي الأخرى من ظروف اقتصادية سيئة، إلا أن بعض الشبان في مناطق سيطرة النظام فضلوا التوجه إليها للعمل والاستقرار، كما هو حال الشاب مؤيد (27 عاماً) من اللاذقية.
استقر الشاب في مدينة الباب بريف حلب، كما يروي لـ”السورية.نت”، بعد أن تلقى دعوة من أحد معارفه في المنطقة للقدوم والعمل بمنهته الحدادة.
ويقول مؤيد إن ما دفعه لتغيير المنطقة، صعوبة العمل في اللاذقية نتيجة انقطاع الكهرباء لفترة طويلة وضعف الأجور، قائلاً إنه كان يضظهر للنوم “أفي مكان العمل وأحول معظم راتبي لعائلتي، الوضع أفضل نسبياً للأجور هنا”.
وفيما لا تقتصر ظاهرة سعي عشرات آلاف الشباب السوريين في الوصول إلى أوروبا على مناطق دون أخرى في سورية، لكنها تزايدت مؤخراً من مناطق سيطرة النظام، حيث يسعى كثيرون للتخلص من إلزامية الالتجاق بقوات النظام، فضلاً عن سوء الأوضاع الاقتصادية والخدمية وتدني الأجور وغلاء المعيشة.