قال رئيس لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن سورية، باولو بينيرو إن سورية أصبحت تواجه موجة جديدة من الصراع في ظل الحرب الدائرة في قطاع غزة الفلسطيني.
وجاء ذلك ضمن مقالة رأي كتبها بينيرو في صحيفة “نيويورك تايمز“، ونشر اليوم السبت.
ويقول بينيرو إن “سورية تحتاج بشدة إلى وقف أعمال العنف، ولكن بدلاً من ذلك، فإن الحرب المستمرة منذ أكثر من 12 عاماً تزداد حدة، وتمتد الآن على طول خمس جبهات في نطاق صراع مماثل”.
وبينما يقاتل النظام السوري وروسيا جماعات المعارضة في الشمال الغربي يكثف تنظيم “الدولة” هجماته في جميع أنحاء البلاد.
وبموازاة ذلك تهاجم تركيا “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في الشمال الشرقي، بينما تعمل الأخيرة على ضرب القبائل المحلية، في وقت تتصدى أمريكا وإسرائيل للقوات المرتبطة بإيران.
وفي ظل الاضطرابات التي تمر بها المنطقة، أضاف رئيس اللجنة أنه “من الضروري بذل جهود دولية جادة لاحتواء القتال على الأراضي السورية”.
واعتبر أن “أكثر من عقد من إراقة الدماء يحتاج إلى نهاية دبلوماسية”.
كما أن الهدنة الدائمة في غزة من شأنها أن تهدئ إلى حد كبير من الوضع في سورية، وتخفض حدة التوتر بين القوى الأجنبية بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، وإيران من خلال وكلائها التي تنشط عسكرياً داخل البلاد.
“الأكثر إثارة للقلق”
رئيس اللجنة الأممية أشار إلى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن التوترات الإقليمية المتصاعدة الناجمة عن الهجوم على غزة أدت إلى زيادة الهجمات على الأراضي السورية من قبل إسرائيل والميليشيات الإيرانية.
وتعرضت القواعد الأمريكية في سورية للهجوم أكثر من 50 مرة من قبل الميليشيات منذ أكتوبر/تشرين الأول.
وقبل وقت طويل من هجوم 28 يناير/كانون الثاني في الأردن الذي أسفر عن مقتل ثلاثة من القوات الأمريكية، شنت الولايات المتحدة ضربات انتقامية على منشآت الجماعات المرتبطة بإيران.
وجاء ذلك بينما أدت الغارات الجوية الإسرائيلية التي تستهدف ظاهرياً الأصول المرتبطة بإيران إلى إخراج المطارات المدنية السورية من الخدمة، وهي التي يحتاج إليها بشدة لإيصال المساعدات الإنسانية، وفق بينيرو.
ويتابع المسؤول من جانب آخر أنه “في خضم كل ذلك يواجه السوريون صعوبات متزايدة لا يمكن تحملها”.
ويحتاج نحو 17 مليوناً منهم إلى مساعدات إنسانية مثل الغذاء والماء والرعاية الطبية.
ومع ذلك، لا تزال عمليات تسليم المساعدات معلقة في خيط رفيع، ويعتمد ذلك على تعسف النظام السوري، وتعرقله العقوبات.
وفي الوقت نفسه، أجبر النقص الحاد في أموال المانحين “برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة، على تعليق المساعدات الغذائية المنتظمة في سورية، مما وضع الملايين في قبضة الجوع.
“كل جرائم الحرب”
وجاء في المقالة أن سورية شهدت تقريباً كل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية التي تغطيها المحكمة الجنائية الدولية.
ومن بينها: الاستهداف المتعمد للمستشفيات والعاملين في مجال الصحة، والهجمات المباشرة والعشوائية على المدنيين (بعضها يشمل أسلحة كيميائية) تحت ستار مكافحة “الإرهابيين”.
إضافة إلى عمليات الإعدام بإجراءات موجزة، والتعذيب والاختفاء القسري لعشرات الآلاف من الناس، والإبادة الجماعية للإيزيديين خلال فترة سلطة تنظيم “الدولة” في أجزاء من سورية.
ويتعين على الدول الأعضاء أن تعمل على وجه السرعة لوقف هذا الاتجاه المنذر بالخطر، كما يدعو رئيس لجنة التحقيق.
وفي نوفمبر / الماضي، أمرت محكمة العدل الدولية النظام السوري بوقف التعذيب.
وفي السنوات الأخيرة، دانت النيابة العامة في أوروبا أكثر من 50 من مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في البلاد.