أصدرت “وحدات حماية الشعب” (YPG) التي تسيطر على مناطق في شمال وشرق سورية بياناً أبدت فيه استعدادها لإرسال مقاتلين إلى منطقة سنجار العراقية، من أجل “الدفاع عن الشعب هناك”، بحسب تعبيرها.
وقال سيامند علي المتحدث باسم “الوحدات”، اليوم السبت، إنهم “مستعدون في كل لحظة للدفاع عن شعب سنجار، وجبالها التي صمدت في وجه الأعداء”.
وأضاف، وفق ما نقلت وكالة “ANHA”: “نحن مقاتلو وحدات حماية الشعب لا نقبل أن يتعرض سنجار لهجمات جديدة”.
وتعتبر “وحدات حماية الشعب” العماد العسكري المشكّل لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، فيما تتهم بأنها الفرع السوري لـ”حزب العمال الكردستاني” (PKK)، المصنف على قوائم الإرهاب الدولية.
“بسط سيطرة وجدار”
سنجار هو قضاء يقع على الحدود مع سورية، ويتكون من مدينة كبيرة مع العديد من البلدات والقرى.
ويعتبر من ضمن مناطق محافظة نينوى بشمالي غرب العراق، ويتموضع على بعد ما يقارب 115 كيلومتراً غرب مدينة الموصل.
وعلى مدى الأيام الماضية شهد القضاء توتراً أمنياً واشتباكات مسلحة بين قوات من الجيش العراقي من جهة، وميليشيا “وحدات مقاومة سنجار” (YBŞ)، التي تسيطر عليه، والمرتبطة بـ”حزب العمال الكردستاني”.
وأدت المواجهات إلى سقوط قتلى بين الطرفين، وإلى نزوح نحو 4 آلاف شخص من الأيزيديين إلى إقليم كردستان.
وذكرت وسائل إعلام عراقية، اليوم السبت، أن الجيش العراقي تمكن من “بسط الأمن” على كامل القضاء.
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة (تابعة لوزارة الدفاع) اللواء تحسين الخفاجي، إن “مجمل الأحداث التي حصلت في سنجار كانت بسبب بعض غير المنضبطين الذين قاموا بفرض الهيمنة وقطع الطرقات ضد السلطات الأمنية في القضاء”.
وأضاف الخفاجي، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن “التعزيزات العسكرية التي وصلت إلى سنجار (هي) لفرض هيمنة الدولة والقانون”. وتابع: “لن نسمح أن تكون هناك جهات تفرض هيمنتها من خارج نطاق الدولة، ولن نسمح أن يكون هناك تواجد للمجاميع المسلحة”.
وكل ما سبق كان قد جاء بعد بدء الجيش العراقي ببناء جدارٍ أسمنتي عازل بين قضاء سنجار العراق والحسكة السورية بطول 250 كيلومتراً وارتفاع نحو أربعة أمتار.
ومن المقرر أن يشمل الجدار كامل الحدود السورية العراقية، ويزود بأبراج مراقبة تتضمن كاميرات حرارية، إلى جانب أجهزة لرصد الحركة على الحدود.
وأثارت هذه الخطوة، قبل أسابيع، غضب ومخاوف مسؤولي “الإدارة الذاتية” و”وحدات حماية الشعب” في شمال شرقي سورية.
واعتبرت عضوة هيئة الرئاسة المشتركة لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، فوزة يوسف، قبل أيام، أن هذه سلسلة التطورات الحاصلة “ليست على شنكال فقط، بل هي حرب على روج آفا”.
ودعت يوسف الأهالي في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” في سورية إلى الدفاع عن سنجار بجميع الأشكال.
لماذا التخوف؟
يشير سياق مواقف وتصريحات مسؤولي “الإدارة الذاتية” أو “وحدات حماية الشعب” إلى أن التوجس الحاصل بشأن تطورات سنجار يرتبط بمخاوفهم من أن تحاصر المناطق التي يديرونها ويسيطرون عليها، في شمال وشرق سورية.
ويعتبر القضاء صلة الوصل التي تتلقى من خلالها “وحدات حماية الشعب” الدعم من الأصل (حزب العمال الكردستاني) المنتشر في شمالي العراق وجبال قنديل، بحسب مراقبين سوريين وعراقيين.
كما أنه المنفذ الوحيد للخارج لمناطق شمال وشرق سورية.
واللافت أن التطورات التي شهدها القضاء تزامنت مع العملية العسكرية التي أطلقها الجيش التركي في شمالي العراقي، تحت اسم “المخلب القفل”.
وما تزال العملية مستمرة حتى الآن، فيما اعتبر مسؤولون في “حزب الاتحاد الديمقراطي” أن انعكاساتها بدت واضحة في سنجار، بمعنى أن هناك ربط بين الجبهتين.
وقال عضو هيئة الرئاسة المشتركة لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي”، ألدار خليل، في الأول من مايو / أيار الحالي، إن “تركيا وعبر التوغل الأخير في إقليم كردستان تهدف إلى التقدم باتجاه الموصل وكركوك، ما قد يمكّنها من السيطرة على سنجار، وبالتالي إطباق الحصار على مناطق الإدارة الذاتية في سورية”.
لماذا إيران في المنتصف؟
في غضون ذلك وبالتوازي مع التطورات الحاصلة، سواء الاشتباكات الأخيرة وردود الفعل الخاصة ببناء الجدار على طول الحدود تبرز إيران كطرف لاعب في المنطقة هناك.
ورغم تبعية “وحدات مقاومة سنجار” لـ”حزب العمال الكردستاني”، إلا أنها وفي ذات الوقت تعتبر كياناً عسكرياً ضمن تشكيل “الحشد الشعبي”، المدعوم من إيران.
وذكر موقع “المونيتور” الأمريكي، السبت، أن الاشتباكات الحاصلة بين قوات الأمن العراقية و”مقاومة سنجار” تعتبر واحدة من عدة جبهات جديدة في تصعيد التوترات بين إيران وتركيا في العراق.
ورجحت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، قبل أيام، وجود تنسيق بين الفصائل العراقية الموالية لإيران (الحشد الشعبي) و”حزب العمال الكردستاني” ضد القوات التركية المنتشرة في العراق وسورية.
وأشار تقرير صدر عن المفتش العام في البنتاغون بخصوص مستجدات عملية “العزم الصلب” خلال فترة ما بين أول يناير و31 مارس 2022، إلى “تكثيف الميليشيات الموالية لإيران وتيرة هجماتها على القوات التركية في العراق وسورية”.
وذكر التقرير أن هذه الفصائل المسلحة العراقية خلال الربع الأول من العام الجاري استهدفت قواعد عسكرية للجيش التركي في العراق، مضيفةً أن هذه الهجمات في بعض الأحوال جاءت بالتنسيق مع “العمال الكردستاني”.