بشار الجعفري سفيراً للنظام في موسكو..مرحلة جديدة؟
عين رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بشار الجعفري نائب وزير الخارجية، سفيراً للنظام لدى روسيا، في خطوة رأى محللون وخبراء بالشأن الروسي، أنها قد تُشكل بداية مرحلة جديدة تتماشى مع التغيرات التي يشهدها الملف السوري.
وأدى الجعفري، أمس الأربعاء، اليمين القانونية أمام الأسد بحضور وزير الخارجية، فيصل المقداد، ووزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام.
من هو الجعفري؟
بشار الجعفري من مواليد 1956، وهو حاصل على شهادة في تخصص الأدب الفرنسي من جامعة دمشق عام 1977، ودبلوم دراسات عليا في الترجمة والتعريب عام 1978.
تسلم عدة مناصب في وزارة خارجية حكومة الأسد، قبل أن يصبح مندوب النظام الدائم لدى الأمم المتحدة سنة 2006.
واشتهر الجعفري إعلامياً بعد دفاعه عن النظام في أروقة مجلس الأمن ومنابر الأمم المتحدة بعد اندلاع الثورة السورية سنة 2011، إذ دأب على وصف المعارضة بـ “الجماعات الإرهابية”، إضافة إلى نفيه الدائم بارتكاب نظامه المجازر والانتهاكات وقصف الكيماوي.
واختاره نظام الأسد ليكون كبير المفاوضين في الاجتماعات مع المعارضة في جنيف بين 2014 و2016، قبل أن يُعيّنَ نائباً لوزير الخارجية سنة 2020.
تفاوض جديد
واعتبر رامي الشاعر، وهو محلل سياسي مقرب من الخارجية الروسية، أن تعيين الجعفري هو “بداية لمرحلة جديدة في الملف السوري” وبدء الحوار بين الأطراف السياسية.
وقال الشاعر لـ “السورية.نت” إن “السنوات الأخيرة ومنذ إرسال القوات الروسية إلى سورية، وإنشاء قاعدة حميميم، كان الوضع يتطلب سفيراً برتبة وخبرة عسكرية”، فتم تعيين اللواء رياض حداد سفيراً عام 2011.
وأضاف الشاعر أن “المرحلة الجديدة والتي نأمل أن تبدأ قريباً بالحوار الجدي والفعلي بين القوى السياسية السورية المختلفة، للبدء بعملية الانتقال السياسي الجدي، تتطلب بالفعل أن يكون السفير السوري الجديد يتمتع بخبرة تفاوضية ودبلوماسية غنية على المستوى المحلي والدولي”.
وأشار ذات المتحدث، إلى أن الجعفري يتمتع بهذه الخبرة من خلال عمله في الأمم المتحدة، إضافة إلى ترأسه مرتين وفد النظام للتفاوض أثناء الاجتماعات مع المعارضة في لقاء موسكو 1 ولقاء موسكو 2.
واعتبر أن “جميع الأطراف السورية المعنية، سواء في النظام أو المعارضة، يجب أن تكون وصلت إلى قناعة أنه لن يساعد سورية ويخفف معاناة الشعب السوري سوى السوريين أنفسهم، وأتمنى أن يكون ذلك الهدف للقيادة في دمشق من تعيين شخصية بمستوى الجعفري وخبرته سفيراً لسورية في روسيا”.
وكان نائب وزير الخارجية الروسية، ميخائيل بوغدانوف، عقد اجتماعات مع وفد من منصات تُصنف على أنها من المعارضة السورية، منتصف الشهر الماضي.
وحضر الاجتماع كلاً من رئيس “منصة موسكو” قدري جميل، والنائب السابق لرئيس “هيئة التفاوض” خالد المحاميد، وممثل هيئة التنسيق في موسكو عادل إسماعيل، وعضو “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) سيهانوك ديبو، وعضو “المبادرة الوطنية في جبل العرب” حسن الأطرش، وعبيدة النحاس من “حركة التجديد الوطني”، وعضو “حزب الإرادة الشعبية” علاء عرفات، والممثل عن “حزب سوريا المستقبل” علي العاصي.
وقال المحاميد لصحيفة “المدن” إنه “جرى طرح إجراء مفاوضات مباشرة بين المعارضة والنظام في دمشق، بمشاركة كل من يرغب بالحوار دون شروط مسبقة وتحت سقف قرار مجلس الأمن 2254، وبضمانات أممية”.
من جانبه أرجع الصحفي والخبير في الشأن الروسي، رائد جبر، تعيين الجعفري سفيراً في موسكو إلى أمرين، الأول أن “دمشق بحاجة إلى تعيين شخصية من عيار ثقيل في موسكو خلفاً للسفير الحالي رياض حداد، وهو من خلفية أمنية عسكرية وقاد عملياً خلال سنوات عمله في موسكو خلية أمنية أكثر من أن تكون سفارة”.
وقال جبر لـ”السورية.نت”، إن “الوضع تبدل الآن ودمشق بحاجة لدبلوماسي قوي ومندفع، ويحظى بدعم قوي من الرئاسة وهذه صفات تتوافر في الجعفري”.
أما الأمر الثاني، فهو أنه “لا مكان للجعفري وطموحاته في تركيبة وزارة الخارجية الحالية، لذلك يبدو الأنسب إرساله إلى موسكو في مهمة قوية بالنسبة إليه(..) وتبعده عن المنافسة في الوزارة”.
واعتبر أن “الجعفري غير محبوب من أي طرف برغم أنه قاد أداءً دبلوماسياً صارخاً في الأمم المتحدة لكن لا مكان آخر له حالياً”.
ما علاقة تركيا؟
ويأتي تعيين الجعفري سفيراً في موسكو في وقت تدفع فيه روسيا تركيا، إلى عقد تفاهمات وتقارب مع نظام الأسد.
ومنذ أسابيع صدرت تصريحات من جانب مسؤولين أتراك، حول إمكانية بدء حوار مع نظام الأسد، لمعالجة سلسلة من القضايا، من بينها الحل السياسي وملف اللاجئين السوريين.
وقالت صحيفة “الشرق الأوسط”، الشهر الماضي، إن روسيا قررت استعجال الموافقة الدبلوماسية على تعيين الجعفري سفيراً “ما يفتح الباب أمام تعزيز الوساطة الروسية بين تركيا والنظام”.
واعتبر الشاعر أن التطورات الأخيرة على مستوى “أستانة”، والتوصل إلى اتفاق على ضرورة أن تبدأ مباحثات تركية مع النظام في دمشق “مهم جداً أن يكون السفير السوري الآن في هذه المرحلة بهذا المستوى والخبرة والعلاقات التي يتمتع بها الجعفري”.
وأشار الشاعر إلى أن النظام في دمشق يخشى من تعرضه لضغوطات، لتقديم تنازلات فيما يخص مشاركة المعارضة الفعلية في جميع مؤسسات الدولة السورية، وأيضاً حل مشكلة عسكريي (الفصائل) الموجودين في الشمال السوري، و”تسوية” أوضاعهم للعودة بشكل ما إلى صفوف الجيش.
كما أشار إلى أن النظام يعي أنه لا مفر من ذلك أبداً، بما يخص تطبيع العلاقات مع تركيا، وأنه لا يمكن أن يكون هناك مستقبل لسورية دون التوصل إلى توافق سوري- سوري، لأن البديل عن ذلك هو تقسيم سورية وهذا لن تسمح به روسيا ولا مجموعة الدول المشاركة في مسار أستانة.
واستبعد الشاعر أن تكون مهمة الجعفري هي مواجهة التغيرات التي يجب أن تجري في سورية، بل عكس ذلك مطلوب من النظام في دمشق، أن يكون هو المبادر للبدء بعملية الانتقال السياسي والتغيير الذي يجب أن يبدأ.
من جانبه اعتبر الصحفي رائد جبر، أن لا يوجد روابط بين تعيين الجعفري وبين المباحثات بين تركيا والنظام، لافتاً إلى أن “الجعفري معروف جيداً لموسكو بحكم أنه شارك في دورات الحوار بين الفصائل، وعملياً فقد عطلها كلها بمساعدة روسية. لذلك رحبت موسكو بقرار تعيينه فوراً”.