ارتفعت خلال الساعات الماضية وتيرة التهديدات الإسرائيلية بقصف مشفى “الشفاء” في غزة، وسط مخاوف من مصير مشابه لما حدث في مشفى الأهلي المعمداني، والذي أوقعت فيه إسرائيل مجزرة راح ضحيتها أكثر من 400 قتيل.
إلا أن تلك التهديدات بدأت تؤخذ على محمل الجد بعد “الفتوى” التي حصل عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من 43 حاخاماً يهودياً، حول “جواز قصف المشفى”.
إذ وقع 43 حاخاماً على رسالة موجهة لنتنياهو، أمس الأربعاء، قالوا فيها إنه “لا عائق دينياً أو أخلاقياً أمام قصف المكان إذا كان العدو مختبئاً هناك”.
وبحسب القناة 14 الإسرائيلية، فإن الحاخامات قالوا إنه “لا يوجد أي حظر شرعي وأخلاقي على إيذاء العدو، في حال استخدم المدنيين دروعاً واقية ويختبئ خلفهم على أمل ألا يؤذوه”.
وجاء في الرسالة: “إذا سالت دماء بريئة في مثل هذا العمل، فإن اللوم يقع فقط على رأس القتلة المتوحشين ومناصريهم”.
لماذا تهدد إسرائيل بقصفه؟
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، هدد الجيش الإسرائيلي مراراً بقصف المستشفيات، وألقى منشورات تطالب بإخلائها.
وتقول الرواية الإسرائيلية إن حركة “حماس” تستخدم المشافي مركزاً لإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وتستخدم ذلك كمبرر لقصف المراكز الطبية والمدنيين.
وما زاد من خطر التهديدات الإسرائيلية، استهداف سلاح الجو الإسرائيلي مشفى الأهلي المعمداني بغزة، قبل أسبوعين، والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن 400 فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، في مجزرة هزت الرأي العام.
واتهمت إسرائيل الفصائل الفلسطينية بالوقوف وراء المجزرة، إلا أن تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” فند الرواية الإسرائيلية، وقال إن الصاروخ الذي استهدف المشفى لم يطلق من داخل غزة.
وبالحديث عن مشفى الشفاء، هدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاجاري، باستهدافه، وزعم أن القيادة المركزية لـ”حماس” موجودة أسفل المشفى.
وقال هاجاري في مؤتمر صحفي، الجمعة الماضي، إن “حماس تشن حرباً من المستشفيات”، وخص بالذكر مشفى الشفاء.
وأضاف: “لدينا أدلة ملموسة على تدفق مئات الإرهابيين إلى المستشفى للاختباء فيه بعد مجازر 7 أكتوبر”.
وبحسب هاجاري، فإن “لدى إسرائيل معلومات استخبارية بوجود عدة أنفاق تسمح لقياديي حماس بالدخول من خارج المشفى إلى أحد الأقسام ومركز العمليات”.
وزعم أن “حماس” تخزن الأسلحة داخل المشفى، وتطلق الصواريخ منه.
ونشر الجيش الإسرائيلي ما أسماه “فيديو توضيحي عن استخدام حماس لمستشفى الشفاء فوق وتحت الأرض”.
إلا أن حركة “حماس” نفت تلك المزاعم، وقالت إن إسرائيل تمهد لارتكاب مجزرة جديدة في المشفى.
وقال القيادي في “حماس” عزت الرشق، “لا أساس من الصحة لما ورد على لسان المتحدث باسم جيش العدو، وهذه تضاف لسلسلة الأكاذيب التي يبني عليها روايته”.
مضيفاً أن إسرائيل “تحضر لقصف المشفى، وفي حال تم ذلك فإن المجزرة ستكون أكبر من مجزرة مستشفى الأهلي المعمداني”.
أكبر مجمع طبي
يعتبر مشفى الشفاء أكبر مجمع طبي في قطاع غزة، وتم إنشاؤه شمال غرب القطاع عام 1946.
يتكون المجمع من عدة أبنية ويضم ثلاث مستشفيات تخصصية هي: مشفى الجراحة ومشفى الباطنة ومشفى النساء والتوليد.
يضم المشفى حوالي 1500 سرير، وتوجد داخله مختلف العيادات التخصصية، ويخدّم جميع مناطق قطاع غزة.
لكن وبعد بدء التصعيد الإسرائيلي على غزة، نزح العديد من سكان القطاع إلى مشفى الشفاء، هرباً من الغارات الإسرائيلية على الأحياء السكنية.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 40 ألف شخص نزحوا إلى مشفى الشفاء منذ 7 أكتوبر الماضي، بسبب اكتظاظ مراكز الإيواء.
وكانت إسرائيل قد استهدفت محيط المشفى بصاروخ، ما أدى لوقوع أضرار في قسم الحضانة لحديثي الولادة.
انهيار المنظومة الطبية
يأتي الحديث عن استهداف مشفى الشفاء في ظل إعلان انهيار المنظومة الطبية في قطاع غزة، بسبب عمليات القصف ونقص الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية.
إذ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس الأربعاء، خروج 16 مشفى في غزة عن الخدمة بسبب استهدافها بالقصف أو نفاذ الوقود.
وأعلنت الوزارة، اليوم، توقف “المولّد الكهربائي” الرئيسي في المشفى الإندونيسي، ما يهدد حياة المرضى والجرحى.
ويواجه مشفى الشفاء تهديدات مماثلة، إذ حذر مدير المشفى محمد أبو سليمة من “كارثة وشيكة”، لافتاً إلى أن أقسام المشفى الحيوية ستتوقف خلال ساعات بسبب نفاذ الوقود.
وكذلك، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، اليوم الخميس، إن جميع المشافي في غزة مهددة بالتوقف عن العمل.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أمس، توقف العمل في مشفى الصداقة التركي الفلسطيني، وهو المشفى الوحيد المختص بعلاج مرضى السرطان في غزة.
وقال مدير المشفى في مؤتمر صحفي أمس: “نقول للعالم لا تتركوا مرضى السرطان للموت المحقّق بسبب خروج المستشفى عن الخدمة”.
وتشير آخر إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية إلى ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة إلى 9000 قتيل، بينهم 3760 طفلاً، منذ 7 أكتوبر الماضي.