تحدث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن تطورات ديرالزور الأخيرة وما تشهده الساحة السورية شرقي الفرات، إلى جانب مسار المحادثات “المتعثرة” مع النظام السوري.
جاء ذلك خلال إجابته على أسئلة الصحفيين أثناء عودته من مدينة سوتشي الروسية، اليوم الثلاثاء، بعد لقاء نظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
“الأرض للعشائر”
وتعليقاً على الاشتباكات الحاصلة في دير الزور منذ أيام، بين العشائر العربية و”قسد”، اعتبر أردوغان أن العشائر العربية “هي المالك الحقيقي لتلك المنطقة”.
مضيفاً أن “وحدات حماية الشعب” و”قسد” هم مجرد “إرهابيين”، وأن الصراع الحاصل هو “صراع شرف وطني ومحلي”.
وقال الرئيس التركي إنه أطلع بوتين على التطورات الحاصلة في سورية، وأبلغه أن “العشائر العربية أصبحت موحدة ضد حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، وحتى الآن، مع زيادة المشاركة، أصبحت القبائل العربية أقوى”.
وأضاف أن بوتين أبلغه أنه “باعتبار العشائر هم أصحاب المنطقة، من المهم أن يتحدوا معاً ويقاتلوا ضد التنظيمات الإرهابية”.
وكانت المواجهات بين “قسد” ومقاتلي العشائر العربية في دير الزور قد اندلعت في أعقاب إقدام جهاز “أسايش” الأمني على اعتقال قائد مجلس “دير الزور العسكري”، أحمد الخبيل أبو خولة.
وتمت عملية الاعتقال بعد دعوته مع قادة آخرين في “المجلس” إلى اجتماع في استراحة الوزير بمحافظة الحسكة.
وفي أعقاب الاعتقال شنت “قسد” حملة أمنية تحت عنوان “تعزيز الأمن والسلام”، وزعمت أنها تستهدف “خلايا داعش”.
لكن العشائر العربية في دير الزور ومقاتلوها أكدوا أن الحملة تستهدف ملاحقة عناصر “مجلس دير الزور العسكري”، في وقت ارتكبت “قسد” انتهاكات شملت مقتل أطفال ونساء، وهو ما استدعى إلى إعلان حالة “النفير العام”.
ولا تزال الاشتباكات مستمرة بين مقاتلي العشائر و”قسد”، بعد تقدم الأخيرة وسيطرتها على عدة مدن وبلدات، ومحاولتها السيطرة على بلدة ذيبان.
“الأسد يراقب من بعيد”
وحول خطوات التطبيع مع النظام السوري، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده لا تزال تأمل أن يشارك بشار الأسد “بشكل فعلي” ضمن هذا المسار.
وأضاف: “للأسف، الأسد يراقب من بعيد، ومن دون أن يبذل جهداً في الخطوات التي تتم بالصيغة التركية والروسية والإيرانية والسورية بشأن التطبيع”.
وتابع: “نحن بالمقابل فتحنا أبوابنا لهذه المحادثات، آملين أن تشارك سورية في هذا العمل، وقلنا أننا مستعدون لها”.
مع ذلك، “لا يوجد حتى الآن موقف إيجابي من الجانب السوري، ونأمل أن يأخذوا مكانهم على الطاولة في مواصلة العملية”، وفق ما قال.
واعتبر الرئيس التركي أنه من الممكن تطبيع العلاقات مع النظام في حال إحراز تقدم بمواضيع مكافحة الإرهاب والعملية السياسية والعودة “الآمنة والطوعية” للاجئين السوريين.
وقال: “قلنا إن العملية الرباعية مع النظام السوري يجب أن تكون من البداية دون شروط مسبقة، ورأينا أن هذه العملية يجب أن تتم بشكل تدريجي، دون أي شروط مسبقة كما ذكرت”.
ولذلك “من المهم جداً أن يتصرف النظام السوري وفقاً للحقائق على الأرض وأن يتجنب الأساليب التي قد تضر بالعملية”.
وألمح أردوغان في حديثه للصحفيين إلى أن الشرط الذي يضعه النظام السوري للتطبيع مع تركيا (وهو الانسحاب من الأراضي السورية) لا يمكن تحقيقه حالياً.
وقال: “لا يمكن تغيير نهجنا الذي يعطي الأولوية لأمننا حتى يتم القضاء على العناصر الإرهابية التي تهدد حدودنا ومواطنينا”.
ويشير المشهد السياسي الأخير، وما تضمّنه من تصريحات ومواقف، إلى أن مسار المحادثات بين تركيا ونظام الأسد يواجه عراقيل عدة، رغم الحديث الروسي عن التنسيق لعقد لقاء يجمع أردوغان والأسد.
فمن جهة يؤكد النظام أن أي ليونة سيقدمها للجانب التركي من أجل عودة العلاقات، ترتبط بشكل رئيسي بالانسحاب الفوري والعاجل للقوات التركية من الأراضي السورية.
ومن جهة أخرى، تعتبر تركيا أن هذا الشرط “لا معنى له”، مؤكدة عدم وجود نية لديها للانسحاب في المستقبل القريب، إلا في حال اختفاء “التهديد الإرهابي” من حدودها مع سورية