بـ”دراسة قانونية”.. مؤسسات إغاثية تؤكد مشروعية “المساعدات عبر الحدود” لسورية
ناقشت مؤسسات وتحالفات من المنظمات الإنسانية، اليوم الخميس في منطقة “سرمدا” شمالي إدلب، وثيقة قانونية تتيح إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سورية، بصورة دائمة، بعيداً عن “الابتزاز الروسي”.
وجاء اللقاء، الذي يعدّ “ختاماً لجولة مناصرة طويلة على العواصم الدولية، لملف إدخال المساعدات الإنسانية”، بتنظيم من منظماتٍ سورية أبرزها “التحالف الأمريكي لإغاثة سورية”، و”المنتدى السوري”، و”الجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز)”، ومنظمة “القلب الكبير”، إلى جانب “تحالف المنظمات السورية غير الحكومية”، و”الخوذ البيضاء”.
وتركّزت نقاشات “الاجتماع الموسّع لمنظمات المجتمع المدني ومديريات الصحة”، حول إيجاد صيغة دائمة لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، من خلال “الوثيقة القانونية” التي حملت عنوان “الاحتياج لا الفيتو”، ولتجنب الابتزاز والضغوطات الروسية المستمرة على الملف الإنساني.
“صيغة بعيدة عن الابتزاز السياسي”
وقال ياسر تبّارة، عضو مجلس إدارة “المنتدى السوري”، ونائب رئيس تحالف المنظمات الإغاثية السورية الأمريكية، إنّ “الاجتماع الذي ضمّ طيفاً واسعاً من المنظمات الإنسانية في الداخل السوري، هو ختام جولة مناصرة طويلة امتدت على عدة أشهر، بدأت بإشهار وثيقة قانونية في غاية الأهمية، نأمل أن تحدث فرقاً في ملف إدخال المساعدات الإنسانية إلى منطقة شمالي غربي سورية”.
وأضاف في حديثٍ لـ”السورية.نت”، أنّ “اللقاء مع المنظمات الإنسانية والشركاء في الداخل، جاء بهدف وضعهم في صورة الدراسة القانونية، وإكمال الحملة سويةً، على اعتبار أنّها مستمرة، حتى لما بعد التصويب من قبل مجلس الأمن على قرار إدخال المساعدات في كانون الثاني القادم، للوصول إلى صيغة بعيدة عن الابتزاز السياسي وتحديداً من الطرف الروسي”.
“وثيقة تزيح الإشكالات”
ويتابع: “الوثيقة تجيب عن أسئلة وإشكالات عديدة، أبرزها أنّ دخول المساعدات عبر الحدود غير قانونية، ويجب أن تكون ضمن إطار مجلس الأمن، فكانت الإجابة من الوثيقة أنّ القانون الإنساني الدولي يتيح إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود دون قرارٍ من مجلس الأمن، أو موافقة الحكومة المركزية”.
واستندت الدراسة إلى حجج قانونية عديدة، سردَ أبرزها، عضو مجلس إدارة “المنتدى السوري”، بقوله إن “القانون الإنساني الدولي المؤطّر في اتفاقات جنيف الأربعة، التي تنص على أنّ في النزاعات المسلحة غير الدولية، يحق للأطراف إدخال المساعدات عبر الحدود، بدون موافقة السلطة المركزية(في حالتنا نظام الأسد) ـ أما الحجة الثانية، لها علاقة في سابقة قانونية في محكمة العدل الدولية، تقرُ بأنّ إدخال المساعدات ـ كما في السياق السوري ـ لا تخرق السيادة الوطنية بأي شكل من الأشكال وبالتالي فهي لا تحتاج لقرار مجلس الأمن أو غيره، وإنما هو قرار إنساني من الأمم المتحدة، أما الحجة الثالثة، ترتبط بإمكانية إدخال المساعدات، حتى وإن كانت خرقاً للسيادة، لوجود أسباب وجيهة وهامة تقتضي بإدخالها، لوقت التزام السلطة المركزية بالاهتمام بهذه المناطق بشكل جدي ومصداقية عالية”.
“مجلس الأمن جسم سياسي”
يستبعد تبّارة، إمكانية إدخال المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري، بعيداً عن منظمات الأمم المتحدة، مبيناً أنّ “قدرات الأمم المتحدة، من الصعب أن يكون بديلاً لها”، لكن يجد في المقابل أنّ “مجلس الأمن هو جسم وسلطة سياسية، وأن ملف المساعدات عبر الحدود هو ملف إنساني بحت”.
ويعتبر أنّ “الملفات المتداولة في مجلس الأمن ستخضع للتسييس بالتأكيد، وأتاح لروسيا التفاوض على ملف إنساني في هذه الحساسية والأهمية بالنسبة للسوريين، والذي يجب ألا يكون عرضةً للتفاوض ولا بشكل من الأشكال”.
“اجتماع بنّاء”
خالد الجاسم، مدير مكتب الشمال السوري لمنظمة “القلب الكبير”، يقول لـ”السورية.نت”، إنّ “الاجتماع هو بنّاء أكثر من أي وقت مضى، لأنه يحمل وثيقة قانونية توفر حلاً جذرياً للملف الإنساني، وتعزله عن الشق السياسي في مجلس الأمن”.
ويضيف ، أنّ “الوثيقة تعمل على تأمين صيغة مستدامة لإدخال المساعدات الإنسانية”.
“جولة طويلة”
وجال فريق المنظمات الإنسانية، بالوثيقة المعدّة، التي يقول القائمون عنها إنّها “وثيقة سوريّة بامتياز”، عواصم غربية وأوربية عديدة، أبرزها واشنطن، ولندن وباريس وبروكسل وجنيف، والتقى البعثات الدبلوماسية لتلك الدول في الأمم المتحدة.
وحول الجولة،قال ياسر تبارة إن “تفاعل البعثات الدبلوماسية والمكاتب الأممية، والاهتمام الكبير من قبلهم للملف، كان مفاجئاً بالنسبة للفريق القائم على الوثيقة، بعد إدراكنا أن الملف السوري تراجع في أولويات المجتمع الدولي”.
ويلفت إلى أنّ “الوثيقة القانونية المعدّة، لم تخضع لأي تحدي أو ثغرة قانونية من قبل البعثات أو المسؤولين خلال الجولة، لقوة الحجج، كما أنّ الاحتفاء كان كبيراً على اعتبار أنّ الوثيقة كانت بجهود سورية، ووفّرت هذا الجهد القانوني لملف المساعدات الإنسانية”.
وتمخّض اللقاء الموسّع للمنظمات، لتوصيات تلاها الشركاء الإنسانيون في مؤتمر صحفي ختامي، أبرز ما تضمنته: “توسيع العمليات الإغاثية عبر الخطوط والحدود للشعب السوري، والحفاظ على آلية إدخال المساعدات مع أو بدون قرار مجلس الأمن”.
كما دعا المؤتمر إلى “إيجاد حل سياسي يمكن الشعب السوري من تقرير مستقبله، يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254”.