تتكشف مسارات إعادة تطبيع بعض الدول العربية مع نظام الأسد يوماً بعد يوم، وهو مشهدٌ يستحوذ حديث الشارع السوري بالخصوص والغربي أيضاً، بحسب ما تشير إليه التغطيات الإعلامية لوسائل إعلام أمريكية.
ونشرت وكالة “بلومبيرغ” تقريراً، اليوم الاثنين تحت عنوان “حلفاء أمريكا العرب يعوّمون دكتاتور سورية”، وقالت فيه: “يجب أن يكون جو بايدن واضحاً أنه ستكون هناك عواقب على أي دولة تتجه نحو تطبيع العلاقات مع الأسد”.
وتصدر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أنباء الأسبوع الماضي، عندما تلقى مكالمة هاتفية من رأس النظام السوري، بشار الأسد. وهو الأول من نوعه بين الطرفين منذ أكثر من عقد.
وتحدثت الوكالة أنه ومنذ عام 2018 تحاول الدول العربية التي مولت وسلّحت معارضة الأسد، إعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظامه.
وتضيف: “منذ أن تولى الرئيس جو بايدن منصبه تكثفت هذه الجهود. إذ اجتمع وزيرا خارجية مصر وسورية الشهر الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي الأسبوع الماضي التقى وزيرا التجارة من سورية والإمارات العربية المتحدة لمناقشة كيفية توسيع العلاقات الاقتصادية”.
واعتبرت “بلومبيرغ” أن ما سبق هي “أخبار مشؤومة للشعب السوري”، مشيرةً إلى أن “الأسد ديكتاتور قامت قواته بقتل المدنيين بالغازات وتعذيب المعارضين السياسيين. الآن لم يعد منبوذاً من جيرانه. تم غسل وصمة وحشيته”.
وبحسب الوكالة تعتبر مسارات إعادة التطبيع مع نظام الأسد “نكسة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية”.
ومنذ الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، كان هدف السياسة الأمريكية ضد الأسد هو حرمانه من تحقيق نصر كامل في حربه.
ولهذا السبب أيد أوباما والرئيس السابق دونالد ترامب فرض عقوبات على نظام الأسد وعملية بوساطة الأمم المتحدة لتأسيس قيادة انتقالية لسورية.
ما الذي يفعله بايدن؟
لن تؤد التحركات الأردنية والمصرية والإماراتية لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، “إلا إلى تشجيع الأسد والطغاة الآخرين”.
وتشير الوكالة: “لذا يجدر التساؤل عما تفعله إدارة بايدن حيال إذابة الجليد هذه العلاقات بين الأسد وحلفاء أمريكا العرب. من المؤكد أن الولايات المتحدة تحافظ على سياستها المتمثلة في عدم الاعتراف بحكومة الأسد”.
وتضيف الوكالة نقلاً عن مسؤول في الخارجية الأمريكية أنه لا توجد خطط للولايات المتحدة لرفع مستوى علاقتها الدبلوماسية مع سورية، وأن الولايات المتحدة “لا تشجع الآخرين على القيام بذلك، بالنظر إلى الفظائع التي ارتكبها نظام الأسد على الشعب السوري”.
لكن وعلى الطرف المقابل لم ينتقد أي مسؤول أمريكي علانية المكالمة الهاتفية التي أجراها عبد الله أو أي مناشدات عربية أخرى للأسد.
وتتابع الوكالة: “لم يحذر أي مسؤول أمريكي الحلفاء العرب من أن زيادة التجارة مع سورية وغيرها من الاتصالات الدبلوماسية قد تتعارض مع التشريعات الأخيرة التي تفرض عقوبات على المسؤولين السوريين، بما في ذلك الأسد نفسه”.
ومنذ يونيو 2020 بدأت الولايات المتحدة في تصنيف عشرات المسؤولين في نظام الأسد على قوائم العقوبات، بموجب قانون “قيصر”.
أما تحت حكم بايدن، لم تصدر الولايات المتحدة أي تصنيفات جديدة.
“تأييد ضمني”
ويقول ديفيد شنكر، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في عهد ترامب: “من السذاجة الاعتقاد بأن ملك الأردن سينشر مكالمته مع الأسد إذا اعترض الرئيس بايدن أو إدارته على هذا التواصل”.
ويتلقى الأردن أكثر من 1.5 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية سنوياً من الحكومة الأمريكية.
ويضيف شنكر إنه حذر محاوريه من أن الاعتراف الكامل بحكومة الأسد ينتهك قرار مجلس الأمن الدولي، ومن المحتمل أن يؤدي إلى عقوبات أمريكية على سورية.
كما تشعر شخصيات المعارضة السورية بالإحباط من إدارة بايدن.
وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لفريق “الطوارئ السوري”: “لقد حصلنا على انطباع بأن سورية لن تُنسى”.
وأضاف: “أقل ما ينبغي عليهم فعله هو جعل تطبيع العلاقات مع نظام إبادة مجرمي حرب إبادة جماعية أمراً صعباً قدر الإمكان.”
وفي الوقت الحالي يبدو تطبيع العلاقات مع الأسد، إن لم يكن مع سورية، سهلاً للغاية بالنسبة لعبد الله.
وأوضح: “النظام موجود ليبقى. يبدو أن بايدن يوافق، حتى لو رفض دبلوماسيوه ذلك”.