تحت قصف وخوف.. مزارعون في جبل الزاوية يصارعون لجني المحاصيل
لا يزال التصعيد العسكري للنظام وروسيا في مناطق شمال غربي سورية، وتحديداً في جبل الزاوية، هاجساً أمام المدنيين بعد خروج العديد من البنى التحيتة عن الخدمة، وفقدان الأهالي ممتلكاتهم الشخصية، وسط خسائر كبيرة انعكست على جميع فئات المجتمع، بمن فيهم المزارعون.
إذ يواجه أهالي منطقة جبل الزاوية عقبات ومخاوف عدة أثناء جني محاصيلهم الزراعية الصيفية، بسبب القصف المتكرر والألغام المنتشرة في الأراضي الزراعية القريبة من خطوط التماس، والتي تسببت بمقتل وجرح عدد من المدنيين ممن حرصوا على جني محاصيلهم رغم المخاطر، نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية والغلاء الفاحش.
مزراعون يواجهون عقبات
يتجه السيد محمود أحمد، مزارع من قرية شنان في جبل الزاوية، إلى أرضه فجراً قبل طلوع الشمس، ليجني أكبر قدر ممكن من محصوله قبل بدء عملية القصف المعتادة التي تتعرض لها المنطقة، إذ يسير في أرضه وفوقه طيران الاستطلاع الذي لايفارق الأجواء، حسب تعبيره.
ويقول محمود في حديثه لـ “السوريةنت” واصفاً معاناة المزارعين، “تعتبر منطقة جبل الزاوية زراعية بامتياز، لكنها تفتقر للمياه ولا يوجد فيها إلا القليل من الآبار الارتوازية، إلى جانب سيطرة الخوف على المزارعين بسبب عمليات القصف والتهجير، وقليل منهم ممن يزرع كامل أرضه، خوفاً من الخسائر الكبيرة في حال حدوث تهجير مفاجئ”.
وحول تكاليف الزراعة في جبل الزاوية، يقول المزارع محمود إنها باهظة جداً، لعدم وجود صيدليات ومراكز زراعية وأسواق لتصريف المنتجات، ما يدفع المزارعين للاتجاه لأسواق أريحا ومعرة مصرين لتأمين كافة المتطلبات من بذور ومبيدات وأسمدة.
وكذلك، تعتبر تكاليف الري مرتفعة بسبب عدم توفر الكهرباء في المنطقة، إذ إن أي مشروع زراعي يحتاج طاقة شمسية تصل تكلفتها إلى 1000 دولار أمريكي، وهي ذاتها تكلفة الري بالمحروقات، حسب محمود.
غياب التصدير
شهد القطاع الزراعي شمال غربي سورية تراجعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع تكلفة الإنتاج من بذار وري وأسمدة ومبيدات حشرية، وانعدام التصدير والاقتصار على البيع في الأسواق المحلية، بالإضافة لخسارة مساحات زراعية واسعة نتيجة السيطرة عليها من قبل قوات النظام.
ويقول المهندس الزراعي مجد حاج عمر، لموقع “السورية نت” إن الشمال السوري يعتمد على الاستيراد من تركيا بدل الاكتفاء الذاتي، مشيراً إلى أن الأسمدة والمبيدات الحشرية وأغلب مستلزمات الزراعة يتم استيرادها من تركيا وبأسعار عالية.
وأضاف أن الكثير من المزارعين قاموا بتغيير زراعة المحاصيل المعتادة في كل عام إلى محاصيل تحقق عائد أفضل وبأقل التكاليف، ما تسبب بتعب التربة وحاجتها لأسمدة ومخصبات ومبيدات أكثر وظهور الأمراض فيها، وبالتالي ضعف الإنتاج بسبب تكرار المحصول.
وعلى صعيد آخر، تؤثر الشائعات التي يطلقها النظام بوجود عمل عسكري على محافظة إدلب وخاصة في جبل الزاوية، على المزارعين الذين يتخوفون من زراعة أراضيهم بشكل كامل تحسباً لنزوح قادم، وبالتالي تكون الخسارة أقل.
تصعيد وخوف
يرصد الناشط إعلامي كنانة هنداوي (ثلاثيني من منطقة جبل الزاوية) تعرض المنطقة للقصف بين الحين والآخر، متحدثاً عن مقتل مدنيين اثنين قبل أيام في قرية شنان، نتيجة عمليات القصف، وسط تخوف كبير بين الأهالي من التهجير.
وأشار لموقع “السورية نت” أن المنطقة تعاني بالأساس من نقص الخدمات وعدم وصول المساعدات الإنسانية، خاصة أن المجالس المحلية وحدها غير قادرة على تأمين كافة متطلبات السكان، الذين يعمل معظمهم بالزراعة، وهي مهنة تشهد ارتفاعاً كبيراً في التكاليف وانخفاضاً في أسعارالمنتجات، إلى جانب قلة المساحات المزروعة وشح المياه وارتفاع تكاليف استخراجها، حسب قوله.
ومع ذلك، يسهم دعم الحكومات بالتعاون مع المنظمات الإنسانية بإنعاش القطاع الزراعي شمال غربي سورية، وتخفيف الأعباء قدر الإمكان عن المزارعين من أجل النهوض بهذا القطاع، الذي يهم شريحة كبيرة من المجتمع، بمن فيهم المهجرون الذين يقطنون في المخيمات.
إلا أن منطقة جبل الزاوية، الواقعة على خطوط التماس، تشهد تراجعاً في وصول الدعم الإنساني لها، باعتبارها منطقة “خطرة” على العاملين الإنسانيين.