تحركات الدول “الضامنة” لـ”أستانة” قبل اجتماع وزراء الخارجية
في ظل انشغال دول العالم بجائحة فيروس “كورونا المستجد” وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية، لم تغفل أعين الدول الضامنة لمسار “أستانة”، المتمثلة بتركيا وروسيا وإيران عن الملف السوري وتطوراته الأخيرة، إن كانت العسكرية في إدلب وريفها بالشمال السوري، أو السياسية المتعلقة بتوافق النظام والمعارضة على جدول أعمال اللجنة الدستورية.
وشهد مساء الثلاثاء، تحركات تجسدت في اتصالات هاتفية بين زعماء الدول الفاعلة في الملف السوري، وذلك في أعقابٍ زيارةٍ لوزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، إلى دمشق، قبل يومين من جولة جديدة لمحادثات أستانة التي تعق، اليوم الأربعاء، عبر تقنية الفيديو بسبب “كورونا”.
اتصالات بوتين الثنائية
وآخر هذه التحركات كانت من قبل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي أجرى اتصالين، الأول مع نظيره الإيراني، حسن روحاني، والثاني مع التركي رجب طيب أردوغان.
وناقش بوتين مع نظيريه تطورات الوضع في سورية، بحسب بيان صادر عن الكرملين، جاء فيه أن بوتين وأردوغان تبادلا بشكل مفصل الأوضاع في سورية، وسير تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، المبرم بين الدولتين في موسكو مطلع شهر مارس/ آذار الماضي، إلى جانب اتفاق “خفض التصعيد” المتفق عليه في سوتشي عام 2018.
وبحسب الكرملين، شدد الرئيسان على أهمية التعاون بين روسيا وتركيا عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية، فيما يتعلق بالملف السوري، واتفقا على استمرار تسيير الدوريات المشتركة في إدلب وفق اتفاق موسكو، وأضاف البيان “تم تأكيد الالتزام غير المشترط بمبدأ احترام سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها”.
كما تطرق بوتين خلال اتصاله مع حسن روحاني إلى محادثات “أستانة” حول سورية، وتطورات الوضع في البلاد، حسب بيان نشره موقع الرئاسة الإيرانية الرسمي.
زيارة ظريف
وسبقت هذه الاتصالات زيارة مفاجئة لوزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، إلى دمشق ولقائه برئيس النظام، بشار الأسد، على الرغم من تعليق جميع الرحلات الدبلوماسية حول العالم، بسبب تفشي فيروس “كورونا المستجد”.
وبحسب ما نشرت “رئاسة الجمهورية السورية” عبر “فيس بوك”، فإن الأسد وصف خلال لقائه ظريف التدخل التركي في سورية بـ”الاعتداء”، وذلك “من خلال احتلالها المباشر للأرض أو من خلال زيادة عدد ما تسميه نقاطًا للمراقبة، والتي هي ليست سوى قواعد عسكرية فعليًا”.
كما اعتبر الأسد أن “تصرفات تركيا على الأرض تفضح حقيقة نواياها من خلال عدم التزامها بالاتفاقات التي أبرمتها سواء في أستانة، أو في سوتشي، والتي تنص جميعها على الاعتراف بسيادة ووحدة الأراضي السورية”.
من جهته أكد ظريف قرب انطلاق مشاورات جديدة بين إيران وتركيا وروسيا، باعتبارها الدول الضامنة لمسار محادثات “أستانة”.
ولم يُفصح عن السبب الحقيقي وراء زيارة ظريف المفاجئة، إلا أنها تزامنت مع هجمة إعلامية روسية غير مسبوقة، ضد نظام الأسد والمقربين من الدائرة الضيقة في العائلة، مثل ماهر الأسد، ورامي مخلوف وشقيقه حافظ.
وحول الهدف من زيارة ظريف، قال مدير وحدة المعلومات في “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان، لـ “السورية. نت”، إن زيارة ظريف لدمشق مرتبطة بالتصعيد الروسي الأخير على الفساد والاقتصاد في نظام الأسد، وجاءت كنوع من الطمأنينة للنظام، بأن طهران لن تتخل عنه، ولن تشكل ضغطًا عليه كما تفعل روسيا.
تهديد أردوغان
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وأثناء حديثه عن إجراءات حكومته للتصدي لـ”كورونا”، مساء الاثنين، تطرق بشكل مقتضب إلى ملف إدلب، مطلقاً تهديداً لقوات النظام فيما يتعلق بخرق اتفاق إدلب.
وقال أردوغان “نحن نرى أن النظام السوري يسعى لاستغلال فرصة انشغال العالم وتركيا بمكافحة وباء كورونا، من أجل زيادة اعتداءاته في إدلب”.
وأضاف “تركيا مستمرة في التزامها بمذكرة التفاهم التي أبرمتها مع روسيا في 5 مارس/ آذار الماضي، لكنها في الوقت نفسه لن تتهاون إزاء عدوان النظام”.
وتخضع إدلب إلى تفاهمات تركية- روسية، تنص على وقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي (M4).
لكن الدوريات حتى اليوم لم تسر بشكل كامل، بسبب اعتصام مجموعة من المدنيين على الطريق، ورفضهم لمرور الدوريات الروسية، في ظل خروقات متكررة من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية في إدلب وريف حلب الغربي.
وحول ما يدور في ساحة إدلب، أكد شعبان أن تركيا تسعى إلى استعداد مقاتليها في حال أي تصعيد، لذلك يتم إعادة تدوير العناصر عبر تبديلهم بشكل يومي عبر أدخال أرتال عسكرية وإخراج أخرى.
واعتبر شعبان أن “تهديد أردوغان للنظام، جاء كورقة ضغط تستخدم في اجتماع أستانة المتوقع غداً بين وزراء خارجية الدول الضامنة، والجانب التركي ذاهب إلى الاجتماعات، وبيده ورقة وهي عدم التزام النظام بالهدنة، أما الجانب التركي فقد استطاع ضبط جبهات المعارضة، كما ضبط تحركات الفصال الأخرى”.
وأكد أنه فيما مضى كانت روسيا والنظام السوري يصعدان عسكريًا قبل أي اجتماع أستانة، في محاولة لتحصيل مكتسبات، واستخدامها كورقة ضغط عل الجانب التركي، أما الآن فالأطراف كلها مقيدة باتفاق إدلب، لكن نسبة التزام الأطراف تختلف.
في حين لا تريد روسيا تدمير “شبه الاتفاق” مع تركيا، بحسب شعبان، لأن الوضع العام الآن لا يسمح لأي عملية عسكرية بسبب أزمة “كورونا” والوضع الاقتصادي وأزمة النفط، وهذا لا يعطي أريحة للروس لشن عملية عسكرية مكلفة.
اجتماع أستانة
ويشهد اليوم الأربعاء، اجتماع افتراضي عبر الفيديو بين وزراء خارجية “الدول الضامنة”لمسار “أستانة”؛ التركي، مولود جاويش اوغلو، والروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف.
وأرجع نائب وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي، سبب الاجتماع إلى التطورات المتسارعة في الملف السوري، قائلاً إنه “نظراً لعدم عقد أي اجتماع للدول الضامنة لعملية أستانا، ولا لقادة الدول الضامنة بسبب انتشار فيروس كورونا، وبسبب وقوع أحداث مهمة وسريعة في الملف السوري سعينا إلى عقد الاجتماع بهذه الطريقة لكي نستعرض التغيرات في الملف السوري”.
واعتبر نوار شعبان، أن الاجتماع سيتناول عدة أمور، وما سيتم مناقشته هو وضع الاتفاق في إدلب، “أين كنا وأين أصبحنا وكيفية تنفيذه بشكل أكثر احترافية”.
كما اعتبر أنه قد يتم مناقشة المعابر الداخلية والطرف الذي يسيطر عليها، إضافة إلى مناقشة نقاط أخرى، لكن هذه النقاط لن يتم التطرق إليها عبر الإعلام.