تحرك نيابي وضغط إعلامي على بايدن لـ”جدية التعامل” مع الأسد
تواجه إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ضغوطاً سياسية وإعلامية، منذ أيام، حول آلية التعامل مع نظام الأسد، بعد نحو عام من وصولها إلى السلطة، وتعاملها “غير الواضح” حيال نظام الأسد.
وتنوعت الضغوط خلال الأيام الماضية، بين تقارير إعلامية في مختلف الوسائل الأمريكية، وبين رسالة لكبار نواب “الكونغرس” وجهوها لإدارة بايدن.
ودعا أربعة نواب (جمهوريين وديمقراطيين) من لجنتي الشؤون والعلاقات الخارجية في “الكونغرس” الرئيس الأمريكي، إلى اتخاذ موقف واضح في سورية، باستعادة الولايات المتحدة دورها القيادي في الملف.
وطالب النواب في رسالتهم الموجهة إلى بايدن، الثلاثاء الماضي، برفض إعادة دمج الأسد ونظامه بالمجتمع الدولي دون إصلاحات ذات مغزى، تًظهر المساءلة وتعكس إرادة الشعب السوري.
ودعت رسالة النواب الرئيس بايدن، بضرورة التأكد من أن جميع الدول، تدرك أن التطبيع أو عودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية أمر غير مقبول، والتعامل الرسمي معه “يشكل سابقة خطيرة للمستبدين الذين يسعون لارتكاب جرائم مماثلة”.
كما طالب النواب الرئيس الأمريكي باستخدام آليات ردع “قوية وإلزامية”، لتطبيق عقوبات قانون “قيصر” الموقع في حزيران 2020، والتحقيق في جرائم نظام الأسد وتلاعبه في أموال المساعدات الأممية في سورية.
من جهته قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، لقناة “الحرة” اليوم الخميس، إن الولايات المتحدة لا تشجع إقامة علاقات دبلوماسية مع نظام بشار الأسد، كون”السلوك الذي أظهره النظام السوري بما في ذلك الوحشية التي مارسها على شعبه” لا تسمح بذلك”.
وأضاف برايس أن “هذا ليس الوقت لإعادة تأهيل نظام الأسد، وأن هذا نظام لا يمكن تأهيله نظرا لما قام به بحق شعبه”.
وحول تطبيع بعض الدول مع النظام، اعتبر برايس أن “الدول حرة في اختيار مسارها الدبلوماسي.. لقد أوضحنا بشكل جلي أنه ليس الوقت الآن لإعادة تأهيل النظام السوري”.
بين عبثية العقوبات والفشل الاستراتيجي
وتزامن ذلك مع تسليط مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية الضوء في تقريرين على “عبثية” العقوبات الأمريكية على نظام الأسد، وعدم جدواها في ظل تخليها عن الإطاحة بالأسد، إضافة إلى مصير ملايين اللاجئين السوريين الذين يخشون التطبيع مع الأسد، وإعادة دمجه دولياً وتأثير ذلك عليهم.
وفي تقريرها الصادر، الثلاثاء الماضي، بعنوان “عبثية العقوبات الأمريكية على سورية”، أوضحت المجلة أن سياسة بايدن تجاه سورية حيرت المحللين، فهي لم تتبع سياسة متشددة في العقوبات، وسمحت بصفقة إيصال الكهرباء إلى لبنان عبر سورية، في حين كان بإمكان الإدارة الأمريكية الحصول على مقابل.
ووصف التقرير سياسة بايدن تجاه سورية بـ”المشوشة”، وأنها فشلت بإيجاد توازن للضغط من أجل تغيير سلوك نظام الأسد.
واعتبرت المجلة أن “إدارة بايدن غير راغبة في زيادة الضغط على النظام، أو اتخاذ إجراءات تصعيد جديدة ضده، ما يعني ترك الأزمة مستمرة”، رغم آثارها ليس فقط على ملايين السوريين، إنما على مستقبل السياسة الأوروبية أيضاً .
وحسب التقرير، هناك خلاف حيال العقوبات المفروضة على نظام الأسد خاصة عقوبات “قيصر”، ضمن وجهتي نظر، الأولى ترى أن إلغاء العقوبات استسلام لتكتيكات روسيا والأسد، خاصة أن الأسد لم يطبق القرار الأممي “2254”، وليس لديه أي نية للتغيير.
أما النظرة الثانية تراها غير مجدية وتسبب موجات نزوح جديدة، تزامناً مع تمسك الأسد بالسلطة، وعدم تمكن المعارضة من إسقاطه في الوقت الحالي، وتخفيف العقوبات يعني تخفيف الضائقة الاقتصادية، وبالتالي عدم مغادرة السوريين لبلادهم.
لكن الخبراء، حسب الصحيفة، اتفقوا على أهمية العقوبات الفردية التي تطال الأسد وحاشيته، بل وزيادة العقوبات على أشخاص داخل الأجهزة الأمنية، ومحاكمة مجرمي الحرب في محاكم أوروبية.
وفي تقريرها الثاني الذي حمل التكلفة الإنسانية للتطبيع مع الأسد”، تناولت المجلة آثار التطبيع مع الأسد على ملايين اللاجئين وآثاره عليهم، إذ يرفض اللاجئون العودة إلى سورية، رغم انتهاء المطاف بمئات الآلاف منهم في مخيمات اللجوء، سواء في الشمال السوري أو دول الجوار.
من جهته ركز موقع “ذا ناشيونال إنترست” الأمريكي، في تقرير بعنوان “بشار الأسد هنا ليبقى” نشره في 9 من الشهر الحالي، على ضرورة تقييم إدارة بايدن استراتيجيتها في سورية بشكل قوي، من أجل التأكد من أن السياسة الأمريكية تعمل بالفعل على تعزيز المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
واعتبر الموقع أنه يجب مراجعة استراتيجية الإدارة على الفور مع مراعاة توفير شروط خروج مشرف لأمريكا من المنطقة، والعمل على خلاف ذلك يعني ترك السوريين وحلفاء أمريكا في مأزق بمجرد انتهاء ولاية بايدن.
ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض، مطلع العام الماضي، لم يكشف الرئيس بايدن بوضوح عن سياسته بشأن سورية، وموقفه من نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين والروس.
وسبق وأن سلط وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في فبراير/شباط الماضي الضوء على سياسية بلاده تجاه الملف السوري، وقال إنها ملتزمة بمسارين الأول سياسي والآخر إنساني.