تعمل “هيئة تحرير الشام” العاملة في إدلب على سلسلة تغييرات تخص بيتها الداخلي وهيكليتها العسكرية، في الوقت الذي تعيش فيه المحافظة مرحلة من الهدوء، مع توقف القصف الجوي والصاروخي من جانب روسيا ونظام الأسد.
ومن بين هذه التغييرات تلك التي أعلنت عنها في الأيام الماضية بقولها إنها أسست “إدارة التجنيد العسكري” كجسم بديل عن “مراكز الانتساب”.
وأوضح مصدر إعلامي مقرب من “تحرير الشام” لـ”السورية.نت” أن “إدارة التجنيد” يتبع لها 8 شعب تجنيد، وتتوزع في مناطق متفرقة بمحافظة إدلب، بينها أطمة، حارم، جسر الشغور، أريحا، سرمدا، مركز مدينة إدلب.
وأشار المصدر إلى أسباب تقف وراء تأسيس “إدارة التجنيد” من بينها “مواكبة المرحلة التي تمر بها محافظة إدلب، وخاصة على الصعيد العسكري”.
ومنذ التاسع من أيار/مايو الحالي بدأت “الإدارة” التي أسستها “تحرير الشام” باستقبال طلبات الانتساب من الشبان الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاما وتقل عن 30.
وحصل موقع “السورية.نت” عن ملصقات وزعتها “تحرير الشام” عقب صلاة اليوم الجمعة على عدد من الشبان، وجاء فيها دعوى للالتحاق ممن وصفتهم بـ”أبطال المحرر”.
واحتوت الملصقات التي وزعتها حواجز “الهيئة” أيضاً أرقام تواصل مع القائمين على عمليات الانتساب في “شعبة التجنيد” بمركز مدينة إدلب.
لماذا الآن؟
بعد ست سنوات من خروج إدلب في الشمال الغربي لسورية عن سيطرة نظام الأسد يمكن القول بأن “تحرير الشام” هي الجسم العسكري النافذ والمتحكم في المحافظة عسكرياً وإدارياً.
ولا يمكن فصل هذا الجسم العسكري عن أي مشهدٍ مقبل قد تكون عليه المحافظة، والتي توسم وحتى الآن بصفة “الإرهاب”، التي زرعها الروس ويتذرعون بها، بحجة وجود “جبهة النصرة” (الاسم الأول لهيئة تحرير الشام).
وهذه هي المرة الأولى التي يتجه فيها تشكيل عسكري في الشمال السوري إلى تأسيس “شعب التجنيد”، ويبدو بحسب حديث قياديين مقربين من “تحرير الشام” أن التجنيد لن يكون إجبارياً، بل “طوعياً”.
ويقول المصدر المقرب من “تحرير الشام”: “في السابق كان هناك مكاتب انتساب وتحولت مؤخرا إلى شعب انتساب. تغير المضمون والهيكليات ومراحل الانتساب أيضاً”.
ويضيف المصدر لـ”السورية.نت”: “نتحدث تقريبا عن 1500 راغب بالانتساب شهرياً، وجميعهم يخضعوا لدورات على مراحل، بدءاً من عرضهم على لجنة عسكرية ومن ثم لجنة خاصة بالتدريب البدني والجسدي، وصولاً إلى فرزهم على قطاعات عسكرية معينة”.
وفي الوقت الذي تغيب فيه الأهداف الواضحة التي تريدها “تحرير الشام” من هكذا خطوة، يرى مراقبون أن الأخيرة تبعث من خلالها رسائل عسكرية تخص الداخل في إدلب، وأخرى سياسية، من كونها تتجه إلى التنظيم العسكري بشكل كبير وواضح.
وقد يكون للتطورات العسكرية المتلاحقة التي شهدتها أرض إدلب في السنوات الماضية دور في ذلك.
ففي السابق كان العمل العسكري لمقاتلي “تحرير الشام” ينحصر ضمن ما يسمى القطاعات كـ”قاطع البادية، قاطع الساحل، قاطع حلب وإدلب”، وبذلك بات ضرورياً حصر جميع المقاتلين في جسم عسكري واحد، بعيداً عن القطاعات التي لم يعد لها أي جدوى في الوقت الحالي.
“خطاب شعبوي”
ما سبق من خطوات عسكرية لـ”تحرير الشام” يوازيها خطاب جديد لقائدها أبو محمد الجولاني، والذي خرج منذ أيام معلناً “استعداده لمرحلة ما بعد الأسد”.
وجاء حديث الجولاني، خلال لقائه مع عدد من شيوخ العشائر في إدلب، حسب ما أعلنت حسابات مقربة من الهيئة، والتي نشرت تسجيلاً تحدث فيه الجولاني عن تجهيز الهيئة لمرحلة ما بعد “انهيار نظام الأسد”.
وقال الجولاني إن “المرحلة الحالية هي مرحلة إعداد وبناء مؤسسات واستعداد لحرب كبيرة، وفي نفس الوقت نبني مؤسسات، وكل مؤسسة نبنيها في المحرر نتقدم خطوة باتجاه دمشق”.
واعتبر أن “النظام في انهيار، ونحن في إعمار وبناء مؤسسات، وربما النظام ينهار بأي وقت، إذ أن وضعه الاقتصادي مزري، ووضعه السياسي في الحضيض، والوضع الاجتماعي سيء”.
ومنذ أشهر تحاول “تحرير الشام” أن تظهر كقوة تحارب “التطرف”.
وأرسلت رسائل عبر وسائل إعلام، بأنها تنحو اتجاه “الاعتدال”، بعد تغيير منهجها القديم الموالي لتنظيم “القاعدة”.