توصل تحقيق أجرته مؤسسة “طومسون رويترز” إلى أن البنوك اللبنانية “ابتلعت” ما لا يقل عن 250 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة، المخصصة للاجئين السوريين والمجتمعات الفقيرة في البلاد.
وجاء في التحقيق، الذي نشر أمس الخميس وأعده الصحافي السوري المقيم ببيروت تيمور أزهري أن الخسائر وصفتها وثيقة داخلية للأمم المتحدة بأنها “مذهلة”، وتم تأكيدها من قبل مصادر متعددة.
وأكد مسؤول إغاثة ودبلوماسيان من “الدول المانحة” أن ما بين ثلث ونصف المساعدات النقدية المباشرة للأمم المتحدة في لبنان قد ابتلعتها البنوك منذ بداية الأزمة في عام 2019.
وتحدثت جميع المصادر للوكالة بشرط عدم الكشف عن هويتها.
وقال مسؤول المساعدات إنه خلال عام 2020 والأشهر الأربعة الأولى من عام 2021 استبدلت البنوك الدولارات لوكالات الأمم المتحدة بمعدلات أقل بنسبة 40٪ في المتوسط من سعر السوق.
“أسعار صرف أعلى”
ويحافظ لبنان على سعر صرف رسمي يبلغ حوالي 1500 ليرة للدولار، لكن منذ الأزمة لم يتمكن من تطبيق هذا السعر إلا على كميات قليلة من السلع الأساسية.
وأورد التحقيق أنه “يجب شراء جميع الواردات الأخرى بأسعار صرف أعلى بكثير، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار”.
وجاءت معظم الخسائر من برنامج مساعدات الأمم المتحدة لعام 2020 بقيمة حوالي 400 مليون دولار، والذي يوفر لنحو مليون لاجئ سوري في لبنان تمويلاً شهرياً للغذاء والتعليم والنقل ومقاومة الطقس الشتوي للملاجئ.
ويعتبر لبنان موطن لأكثر من مليون لاجئ سوري. تسعة من كل عشرة منهم يعيشون في فقر مدقع، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.
وكانت البلاد قد تلقت ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية في عام 2020.
وقدر تقييم داخلي للأمم المتحدة في فبراير/ شباط الماضي أن البنوك اللبنانية استوعبت ما يصل إلى نصف قيمة البرنامج التي تستخدمها الأمم المتحدة لتحويل الدولارات المتبرع بها.
وقالت الوثيقة، التي اطلعت عليها مؤسسة “تومسون رويترز”، إنه بحلول تموز (يوليو) 2020 ضاعت “50٪” من المساهمات من خلال تحويل العملة.
EXCLUSIVE: #Lebanon banks have swallowed at least $250 million in UN humanitarian aid for Syrian & Palestinian refugees and poor Lebanese since 2019 via bad exchange rates negotiated with UN agencies, a @TRF_Stories investigation findshttps://t.co/CbNL7yRCQ3
Thread (1/12)— Timour Azhari (@timourazhari) June 17, 2021
“نقص التمويل”
ويحصل برنامج الأمم المتحدة الذي تبلغ تكلفته 400 مليون دولار، والمعروف باسم لويز على تمويل من الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية وألمانيا والمملكة المتحدة وكندا وهولندا وفرنسا من بين دول أخرى، وفقاً لموقعه على الإنترنت.
ويضم “لويز” برنامج الأغذية العالمي ووكالة الأمم المتحدة للاجئين وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).
وقارنت مؤسسة “طومسون رويترز” معدلات تحويل البنوك للدولار الأمريكي في عامي 2020 و2021 مع أسعار الصرف المتزامنة في السوق لحساب مقدار المساعدة المفقودة.
وبلغت الخسائر نحو 200 مليون دولار في 2019 و2020، وما لا يقل عن 40 مليون دولار حتى الآن في 2021.
وقال متحدث باسم اليونيسف إن الوكالة “قلقة للغاية من أن يتلقى المستفيدون القيمة الكاملة للتحويلات النقدية”، وقد أعادت التفاوض مؤخراً للحصول على سعر قريب من سعر السوق.
وأضاف المتحدث أن “يونيسيف” تختبر أيضاً الصرف بالدولار لبعض البرامج.
من جهته قال متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي لرويترز إن البرنامج الخاص بالمساعدات النقدية الشهرية لـ105 آلاف لبناني، بقيمة 23 مليون دولار العام الماضي، استخدم نفس أسعار الصرف غير المتناسبة، ما أدى إلى خسارة نحو نصف الأموال لصالح البنوك.
وصرّح متحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بأن ما بين ثلث ونصف المساعدات التي وزعتها الوكالة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2020 -نحو سبعة ملايين دولار – ضاعت بسبب فرق تحويل العملة.
وبالمجمل، تشير “رويترز” إلى أن الخسائر الموثقة من برامج “لويز” وبرنامج الأغذية العالمي والأونروا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019 لصالح البنوك اللبنانية تناهز مبلغ 250 مليون دولار.
Most losses stem from a joint WFP/UNHCR/UNICEF program worth $400 million in 2020 for Syrian refugees.
Losses of a third to half were also recorded in:
-WFP assistance for 105,000 poor Lebanese
-UNRWA assistance for Palestinian refugees – even amid a severe funding crisis.2/12
— Timour Azhari (@timourazhari) June 17, 2021