كشف تحقيق استقصائي عن محادثات “سرية” بين شركة نفط مملوكة لحكومة الأسد، وشركة نفط أمريكية، من أجل شراء معدات حفر عبر وسيط قبرصي.
وحمل التحقيق اسم “أسرار قبرص“، ونشره الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، أمس الأربعاء، بالتعاون مع شركاء من أكثر من 60 وسيلة إعلاميّة.
وتناول التحقيق كيف قامت قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، بدعم وتمكين القطاع المالي للكرملين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى عدد من الرؤساء المستفيدين ومنهم نظام الأسد.
من وراء العقوبات
ونشر التحقيق مراسلات وصفها بـ”السرية” بين الشركة السورية للنفط المملوكة لحكومة الأسد، وبين شركة “إتش إيه كيبل للتصدير المحدودة”، وهي شركة استيراد وتصدير مسجلة في قبرص، وشركة “ناشيونال اويل ويل فاركو انك” الأمريكية.
ومنذ عام 2014 أرادت حكومة الأسد شراء معدات حفر من شركة النفط الأمريكية رغم العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل واشنطن على نظام الأسد، والتي حظرت فيها تصدير أي سلع أو خدمات إلى صناعة النفط السورية منذ عام 2011.
ورغم إعلان الشركة الأمريكية إيقاف جميع أعمالها مع سورية قبل عام 2014، إلا أن وثائق التحقيق كشفت أن “المسؤولين السوريين سعوا إلى شراء معدات من الشركة الأمريكية من خلال شركة الاستيراد والتصدير القبرصية بهدف التهرب من العقوبات“.
وحسب التحقيق، فإن الشركة السورية للنفط طلبت عام 2014 عبر “الفاكس” من الشركة الوسيطة في قبرص شراء معدات حفر من شركة معدات النفط الأمريكية.
وجاء في الوثائق أن مدير عام الشركة السورية للنفط، عمر الحمد، تلقى رسالة من الشركة الأمريكية تطلب التعامل مع الشركة القبرصية كوسيط لشراء معدات بسبب العقوبات.
وأضافت أنه “بعد ثلاثة أشهر، وفي فاكس في سبتمبر/أيلول 2014، طلب حميد من محامي الشركة القبرصية تقديم فاتورة نهائية لشحنتين”.
وفي يونيو/ حزيران 2016 تواصلت الشركة السورية مجدداً مع الشركة القبرصية “قالت فيها إنها تريد إجراء عملية الشراء من خلال الشركة القبرصية بسبب العقوبات الأمريكية”.
وتشير الوثيقة إلى أن المراسلة كانت من أجل صفقة لشراء معدات الحفر سبق أن أبرمتها مع “اويل ويل – الولايات المتحدة الأمريكية”، في إشارة واضحة إلى شركة “ناشيونال اويل ويل فاركو” الأمريكية.
وقال طراد السالم، مدير عام الشركة السورية للنفط الجديد، في الفاكس نفسه إن “خطاب اعتماد قد فُتح في البنك المركزي السوري لدفع تكاليف شراء قطع الغيار لآلات الحفر المعروفة باسم آلات الرفع، والتي تستخدم لرفع وخفض المعدات إلى داخل وخارج آبار النفط”.
وأكد التحقيق أنه بين عامي 2014 و2019 ناقشت الشركة السورية للنفط والوسيط القبرصي خمس صفقات لشراء معدات حفر من الشركة الأمريكية.
إلا أن التحقيق لم يكشف ما إذا كانت هذه الصفقات قد تمت بالفعل أم لا.
وحسب التحقيق، فإن هذه الوثائق “تثير أسئلة حول سبب ادعاء الشركة السورية، بأن الشركة الأمريكية وجهتها إلى وسيط لشراء المعدات، وهل باعت الشركة الأمريكية بالفعل المعدات إلى الوسيط”.
و”إذا كان الأمر كذلك، هل كانت على علم بأن الوسيط يشتريها نيابة عن الشركة السورية الخاضعة للعقوبات”.
الشركة الأمريكية تنفي
ونفت الشركة الأمريكية بيع أي معدات لنظام الأسد بين عامي 2014 و2019، وذلك حسب برينت بينوا، كبير مسؤولي الامتثال في الشركة.
وقال بينوا إن “الشركة راجعت معاملاتها ولم تجد أي دليل على أنها شاركت في أي عمليات بيع إلى شركة قبرصية خلال الفترة التي جرت فيها المناقشات مع الشركة السورية للنفط”.
وأضاف بينوا: “ما يمكننا قوله لكم هو أنه ليس لدينا أي سجل يشير إلى أن المعدات بيعت مباشرة من جهتنا إلى أي شخص في سورية أو إلى شركة إتش إيه كيبل للتصدير”.
ولم يجب بينوا على سؤال حول تلقي الشركة السورية للنفط عام 2014 رسالة من الشركة الأمريكية لإتمام صفقة البيع، والتي أحالتها إلى الوسيط القبرصي.
يذكر أن الشركة الأمريكية “ناشيونال اويل ويل فاركو” دفعت عام 2016 نحو 25 مليون دولار لتسوية اتهامات، كونها انتهكت العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران والسودان وكوبا، في قضية تتعلق بمبيعات لتلك الدول بين عامي 2002 و2009.