تواجه إيران، منذ بدء إسرائيل حربها على قطاع غزة في 7 من الشهر الماضي، معضلة أمام مؤيديها و”اختباراً لمصداقيتها”، وفق تقرير.
وخلال أيام الحرب الماضية لم يرتق الموقف الإيراني إلى مستوى خطاب مسؤوليها “الناري”، الذي تعهدوا على مدى عقود ماضية بتدمير إسرائيل.
ومنذ بدء الحرب اكتفى المسؤولون الإيرانيون بالتحذير من “امتداد الحرب إلى جبهات أخرى”، في حال استمرار القصف الإسرائيلي على القطاع.
وفي تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أمس الأربعاء، فإن “إيران تواجه الآن معضلة، إذ تفكر في كيفية الرد هي والميليشيات التابعة لها على الغزو الإسرائيلي لغزة وما إذا كان عليها تعزيز أوراق اعتمادها الثورية على حساب خطر إشعال حرب إقليمية واسعة النطاق”.
واعتبرت الصحيفة أنه “إذا لم تفعل إيران شيئاً، فإن قادتها يخاطرون بخسارة مصداقيتهم بين الناخبين والحلفاء”، خاصة في ظل تعالي الأصوات الداخلية حول سبب عدم تطابق تصرفات إيران مع خطابها وشعار “تحرير القدس”.
ونقلت الصحيفة عن ثلاثة إيرانيين مرتبطين بالحكومة ومطلعين على المداولات الداخلية، أن “إيران لا تريد حرباً إقليمية، لأن ذلك يحمل مخاطر على قادتها وحكامها الدينيين”.
كما أن دخول طهران في المعركة قد يؤدي إلى “تضاؤل القدرات العسكرية لحلفائها في المنطقة بشكل كبير من خلال معركة مطولة مع إسرائيل، خاصة إذا دخل الجيش الأمريكي في المعركة”.
وتعليقاً على ذلك، قالت صحيفة “كيهان”، التابعة للمرشد الإيراني، قبل أيام إن “خطاب الثورة الإيرانية يقوم على صحوة الأمم وتقويتها، لكنها لا تذهب إلى الحرب بدلاً من أي شعب”.
سيناريوهان واستراتيجية أمام إيران
وتحدثت الصحيفة عن سيناريوهين أمام إيران، السيناريو الأول هو “المخاطرة بخسارة ذراعها في غزة”، في إشارة إلى حركة “حماس” التي تعتبر طهران من أكبر داعميها.
أما السيناريو الثاني أمام طهران هو أن “تخاطر بفقدان ماء وجهها”، في إشارة إلى عدم دخولها في الحرب.
ويقول إيرانيون مطلعون على مداولات الحكومة للصحيفة إن “إيران وحزب الله يراقبان ما إذا كانت حماس تواجه تهديداً وجودياً خطيراً من إسرائيل، الأمر الذي سيدفعهما إلى تسريع الهجمات على إسرائيل”.
وقالوا للصحيفة إن “كبار قادة فيلق القدس الإيراني وحزب الله يعتقدون أنه إذا نجحت إسرائيل في القضاء على حماس، فسوف تلاحقهم بعد ذلك”.
وأشارت الصحيفة إلى أن استراتيجية طهران تقوم على “السماح لحلفائها في المنطقة بتصعيد هجماتهم ضد إسرائيل والولايات المتحدة بطريقة محسوبة”.
وقال الأشخاص المطلعون على الاستراتيجية الإيرانية إن “الهدف، في الوقت الحالي، ليس حرباً شاملة، بل إبقاء الجيش الإسرائيلي تحت الضغط، مما قد يحد من قدرته على شن حرب ضد حماس”.
واعتبرت الصحيفة أن “إيران تنظر إلى المليشيات باعتبارها أذرع نفوذ لها ممتدة في المنطقة، قادرة على توجيه الضربات بينما تمنح طهران قدراً من الإنكار”.
وتابعت أن “المليشيات قادرة أن تمنح طهران نفوذاً في المفاوضات الدولية، ووسيلة لإمالة ميزان القوى في الشرق الأوسط من أعدائها”.
وكان ثلاثة مسؤولين أمنيين قالوا سابقاً لوكالة “رويترز” إنه تم التوصل إلى توافق في الآراء بين كبار صناع القرار في إيران في الوقت الحالي.
ويتمحور هذا التوافق حول ثلاث سياسات، أولها مباركة الغارات التي يشنها “حزب الله” من الأراضي اللبنانية نحو أهداف عسكرية إسرائيلية.
والثانية شن هجمات على أهداف أمريكية من قبل مليشيات متحالفة مع إيران في المنطقة، ومن بينها سورية والعراق.
والسياسة الثالثة منع أي تصعيد كبير من شأنه جر إيران نفسها إلى صراع مباشر.
ومنذ بدء التصعيد على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، شهد جنوب لبنان تبادل إطلاق نار بين “حزب الله” مع القوات الإسرائيلية أدت إلى مقتل العشرات من الحزب.
كما شنت الميليشيات التابعة لإيران هجمات على القواعد الأمريكية في سورية والعراق، أعقبها رد أمريكي بقصف مواقع تابعة لتلك الميليشيات في سورية.