تحولت سورية بالنسبة لروسيا إلى مصدر إزعاج بعد غزوها لأوكرانيا، العام الماضي، في محاولة من موسكو لعدم التصعيد وصرف الانتباه عن الجبهة الأوكرانية.
جاء ذلك في مقال تحليلي لمركز “كارنيغي للشرق الأوسط” أعده الخبير في الشؤون الروسية في الشرق الأوسط، نيكيتا سماجين، أمس الثلاثاء.
ويقول سماجين إن روسيا فشلت في تحويل سورية إلى قاعدة آمنة لقواتها في الشرق الأوسط، كما أصبحت سورية تولد أزمات متزايدة لموسكو.
وأضاف أن “موقف روسيا في سورية ما يزال بعيداً عن أن يكون حرجاً، لكن لا يمكن تجنب بعض التحديات”.
وتهدف موسكو إلى الحفاظ على وجود منخفض نسبياً في سورية، والذي لا يتطلب موارد مالية أو أحداث تصرف الانتباه عن حرب أوكرانيا، وفق قوله.
لكن هذا الأمر بالنسبة لموسكو أصبح “غير واقعي”، حسب المقال، بسبب تزايد الوجود الأمريكي في المنطقة، وتدعيم قوة واشنطن العسكرية.
روسيا تتجنت التورط
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية عززت من تواجدها العسكري في الشرق الأوسط، خلال الأشهر الماضية، من خلال إرسال طائرات هجومية.
ونشرت واشنطن سرب من الطائرات الهجومية A-10 في الشرق الأوسط، كما وصلت مقاتلات حربية من طراز” F35″ و F-16 إلى المنطقة.
وجاء التعزيز العسكري في أعقاب سلسلة من الهجمات التي نفذتها الميليشيات الإيرانية على قواعدها في شرق سورية.
إضافة إلى تصاعد في “الاستفزازات الجوية” الروسية في سورية، خلال الأسابيع الماضية.
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية، في تموز الماضي، أن قذيفة نارية روسية أصابت طائرة مسيرة أميركية من نوع إم. كيو-9.
ويقول التقرير إن روسيا “حددت لنفسها مهمة مشتركة مع إيران تتمثل في إخراج الولايات المتحدة من سورية ومن الشرق الأوسط بأكمله”.
لكن الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا وما تلا ذلك من تحالف متزايد مع طهران كان له في الواقع تأثير عكسي.
وأكد أن “الجهود التي تبذلها روسيا وإيران للضغط على الولايات المتحدة لإخراجها من الشرق الأوسط، تؤدي إلى نتائج عكسية على وجه التحديد، إذ أن الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة يتزايد”.
وكلما “تورطت روسيا أكثر في الشرق الأوسط، كلما أصبح التعامل مع أوكرانيا أكثر صعوبة بالنسبة لموسكو”.
ويشير الكاتب إلى أن واشنطن ليس لديها أي نية للاستسلام للضغوط الروسية الإيرانية في سورية، خاصة أن أي توتر إضافي في سورية يصرف انتباه موسكو عن أوكرانيا.
وإلى جانب ذلك فإن هناك مشاكل أخرى في سورية، مثل عدم الاستقرار وعدم وجود حلول للمشاكل الاقتصادية وزيادة الاحتجاجات في السويداء.
إضافة إلى مشكلة قوات “فاغنر” في سورية بعد مقتل قائدها يفغيني بريجوزين، والتي تسيطر على آبار نفط وسط محاولة إيران السيطرة عليها.
واعتبر المقال أن كل هذه التحديات تواجه موسكو في سورية، وإن كان موقف روسيا “لا يزال بعيداً عن أن يكون حرجاً”.
وكانت موسكو أعلنت تدخلها العسكري بشكل مباشر إلى جانب نظام الأسد عام 2015، واتخذت من قاعدة حميميم في اللاذقية مركزاً رئيساً لقواتها.
وكذلك وقعت موسكو مع النظام، في 2017، عقد إيجار طويل الأجل للقاعدة لمدة 49 عاماً.