يخوض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حربين داخل إسرائيل لترأسه حكومة في زمن الحرب من جهة، ومواجهته قضايا فساد من جهة أخرى.
وإلى جانب الحرب التي يخوضها نتنياهو في غزة منذ شهرين، والتي أدت لمقتل أكثر من 15 ألف فلسطيني، استؤنفت إجراءات محاكمته بشأن مزاعم فساد تورط فيها منذ سنوات.
وكانت المحاكم الإسرائيلية توقفت عن النظر في هذه القضية عقب بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي تحليل نشرته صحيفة “واشنطن بوست“، أمس الثلاثاء، قالت فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يحكم البلاد منذ فترة طويلة، عاد الآن إلى قفص الاتهام، على الأقل نظرياً.
ولم يحضر نتنياهو جلسة الاستئناف، أول أمس الاثنين، لكن من المحتمل أن يتم استدعاؤه للإدلاء بشهادته خلال مرافعة الدفاع في الربيع المقبل.
ويواجه نتنياهو اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في دعوى رفعت ضده عام 2019، ما جعله أول رئيس وزراء إسرائيلي يواجه اتهامات كهذه.
وينفي نتنياهو جميع الاتهامات وسبق أن وصفها بأنها “مطاردة ساحرات”.
“الإسرائيليون يريدون رحيله”
عقب الهجوم الذي نفذته حركة “حماس” في غلاف غزة يوم 7 أكتوبر الماضي، والذي اعتبرته إسرائيل “الأكثر دموية” منذ محرقة “الهولوكوست”، تلقي شريحة كبيرة من الإسرائيليين باللوم على نتنياهو الذي يترأس الحكومة.
لكن نتنياهو يعتبر أن مؤسسة الدفاع هي المسؤولة عن خرق “حماس” لغلاف غزة.
وكذلك فإن احتجاز “حماس” لأكثر من 200 أسير إسرائيلي جعل نتنياهو أمام مطب آخر، خاصة أن احتكاكه مع عائلات الأسرى “قد ضرب على وتر حساس في المجتمع الإسرائيلي”.
وفي الأيام الأخيرة، عاد المتظاهرون إلى الاعتصام أمام مقر إقامة نتنياهو، مطالبين باستقالته.
وتظهر استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من الإسرائيليين تريد رحيله إما فوراً أو بمجرد توقف الحرب.
ودعا زعيم المعارضة يائير لابيد، يوم الاثنين الماضي، مرة أخرى إلى استقالة نتنياهو، وقال عبر منصاته في مواقع التواصل: “من فشل لا يمكنه الاستمرار. من كتب اسمه بالكارثة، وفقد ثقة الجيش وثقة الشعب، عليه أن يفعل الشيء الوحيد الكريم ويرحل”.
وبحسب تحليل “واشنطن بوست”، فإن نتنياهو “يقاتل من أجل ما تبقى من حياته السياسية، بينما يحاول أيضاً هزيمة حماس بشكل مُرضٍ”.
وأضاف: “تبدو نهاية اللعبة على الجبهتين محفوفة بالمخاطر بالنسبة لرئيس الوزراء، إذ يكافح الخبراء لمعرفة كيف يمكن لنتنياهو البقاء في منصبه بعد الحرب”.
“لا حماس ولا نتنياهو”
وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد تساءل قبل أيام عما إذا كان “التدمير الكامل” لحماس ممكناً، وقال “إن مثل هذه المهمة ستتطلب حرباً لمدة عقد من الزمن”.
وكذلك حذر مسؤولون أمريكيون نتنياهو للحد من الخسائر في صفوف المدنيين في غزة، دون أن يكون لتلك التحذيرات أثر ملموس يذكر.
وعلى هذه الجبهة، بدا نتنياهو على خلاف مع إدارة بايدن، التي تريد عودة السلطة الفلسطينية وحكم غزة، وقد استبعد نتنياهو في وقت سابق هذا الاحتمال، بينما طرحت حكومته خططاً على المشرعين الأمريكيين لإجبار الحكومات العربية على استقبال سكان غزة.
ومع احتدام المعارك، لا توجد صورة واضحة عما تريده إسرائيل فعلياً بمجرد أن يهدأ الغبار.
وبحسب الصحيفة الأمريكية “يقول الإسرائيليون إنهم لا يريدون العودة إلى احتلال غزة. لكنهم يناقشون تعزيزات أمنية مثل إنشاء منطقة عازلة على طول حدودها مع إسرائيل وإمكانية وصول القوات الإسرائيلية إلى المنطقة خلال فترة انتقالية من شأنها أن تلغي بعض عناصر الحكم الذاتي عن سكان غزة”.
لكن “تعارض إدارة بايدن بشدة أي قيود على كيفية استخدام سكان غزة لأراضيهم، وتتطلع إلى قيام القوات الإسرائيلية بتسليم المسؤولية، ربما إلى القوات الدولية التي تعهدت بها الدول العربية، من أجل أمن المنطقة”.
ووفق التحليل فإن علاقات القوة “غير المتكافئة” بين إسرائيل التي تملك قوة عسكرية هائلة، وبين “حماس” المصنفة إرهابية، “واضحة”.
وقال ألون بنكاس، قنصل عام إسرائيلي سابق في نيويورك، إنه “بالنسبة لحماس، يمكن إعلان النصر إذا وقفوا على أقدامهم ولوحوا بعلم واحد”.
لكن بالنسبة لإسرائيل “فإن تحقيق انتصار عسكري حاسم يؤدي إلى إضعاف حماس عسكرياً وجعلها عاجزة سياسياً، لن يكون كافياً، ويدرك نتنياهو ذلك جيداً، ما يجعل موازنة الضغط من الداخل ومن الولايات المتحدة مهمة صعبة الحل”.
وكذلك قال المؤرخ الإسرائيلي، آدم راز، للصحيفة إن “التحالف الغريب وصل إلى نهايته”، موضحاً أن “حماس لن تحكم غزة مجدداً وكذلك يمكننا الافتراض أن نتنياهو يقترب من نهاية حياته السياسية”.