تركيا..آراء متباينة حول ترحيل سبعة “أجانب” في قضية “فيديوهات الموز”
ودعوات لـ"التأني والعقلانية" والمحاسبة
أعلنت الإدارة العامة للهجرة التركية، أمس الأربعاء، عزمها ترحيل سبع “أجانب” قبضت عليهم، ويعتقد أنهم سوريون، بسبب نشرهم لتسجيلات “استفزازية” على خلفية قضية “الموز” التي انتشرت خلال الأيام الماضية، وحازت على اهتمام شرائح واسعة من الرأي العام التركي والسوري.
وقالت الإدارة في بيان عبر موقعها الرسمي، إن “مواطنين أجانب شاركوا مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد عبارة لا أستطيع أكل الموز (من قبل أحد الأتراك) خلال مقابلة في الشارع”، واصفة هذه المقاطع بأنها “استفزازية”.
وأضافت أنه “بعد الاطلاع على المقاطع الاستفزازية، تم القبض على 7 أجانب”، معلنة البدء بـ “إجراءات الترحيل ضدهم بعد الانتهاء من الإجراءات القضائية”.
وقالت إنها “اتتابع الموضوع عن كثب، وستلاحق أصحاب الفيديوهات والصور التي انتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص حادثة الموز الاستفزازية”.
كيف بدأت القصة؟
وبدأت “قضية الموز” عقب ظهورٍ لأحد المواطنين الأتراك في مقابلة تلفزيونية في أحد الشوارع إلى جانب سيدتين تركيتين، وهم يصرخون على شابة سورية حاولت أن تناقشهم أمام الكاميرا، فإشتكى المواطن أنه “لا يستطيع أكل الموز، بينما السوريين يشترونه بالكيلو في تركيا”، زاعماً أن المقيمين السوريين في تركيا، يشترون حاجياتهم بمساعداتٍ تقدمها الحكومة التركية لهم.
وأثار هذا الفيديو بعد انتشاره بصورة واسعة، ردود أفعال من سوريين يقيم بعضهم في تركيا وآخرون خارجها، وشارك بعضهم من مستخدمي تطبيق “تيك توك” مقاطع مصورة وهم يأكلون الموز بصورة متعمدة في أماكن عامة، وبينهم من وضع “موزة بدلاً من الهلال” في العلم التركي.
وعقب ذلك تصدر “هاشتاغ” تحت اسم “سوريلي” أهم المواضيع المتداولة بين مستخدمي “تويتر” في تركيا”، والذين عبّر الآلاف منهم عن سخطهم من فيديوهات “تيك توك” التي نشرها سوريون، فيما رأى آخرون أن بعض السوريين يسيئون للعلم التركي، وهو ما دفع وزارة الداخلية التركية للتدخل، عبر إصدارها بياناً قالت فيه إنها ألقت القبض على سبعة “أجانب” وتعتزم ترحيلهم.
من يحمل المسؤولية؟
ولاقى قرار الترحيل ردود فعل متباينة، إذ ألقى الصحفي التركي، محمد أونالمش، اللوم على المؤسسات الإعلامية التي تنشر المقاطع، وقال إن “خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تسهل وصول المقاطع التي يتفاعل معها الجمهور، ومنها الجدلية والتي تحوي كراهية، وتنجر خلفها بعض القنوات، واليوم سيرحل سبعة مراهقين سوريين، لإنهم انجروا وراء مُحررٍ قرر إثارة مقطع فيديو عليه أقل من ألف مشاهدة”.
وأشار إلى أن الشارع التركي محتقن لعدة أسباب، أولها الوضع الاقتصادي، كما أن المعارضة تنتهج خطاباً محرضاً على اللاجئين خلال نقدها للحكومة والوضع الاقتصادي.
– الصحافة مسؤولية قبل أن تكون "بَز إعلامي"..
خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تشجّع المقاطع الجدلية المثيرة للكراهية بسبب زيادة التفاعل عليها.
وتنجر لها بعض القنوات.
اليوم 7 مراهقين يتم ترحيلهم، لإنهم انجروا وراء محرر قرر إثارة مقطع فيديو عليه أقل من الف مشاهدة!— Muhammed Ünalmış (@Muhammedunalmis) October 27, 2021
ودعت الصحفية التركية، زينب كاراتاش، إلى “التأني والعقلانية” بعد القرار، وقالت عبر حسابها في “تويتر”، إنه “بخصوص مسألة الموز رجال ونساء بعمر آباء صبية يحاسبونها بشراسه بدافع غضبهم المريض والعنصرية(تتحدث عن الفيديو الذي أشعل القضية)، وفي طرف آخر تجد فيديوهات لمراهقين تحرض، هذا المرض الاجتماعي وتشعل فتيلة الفتنةا”.
وأضافت الصحفية “نحن بحاجة إلى ما يقال باللغة التركية إلى العقل السليم، إلى التأني والعقلانية”.
بخصوص مسأله الموز :
رجال ونساء بعمر آباء صبيه يحاسبونها بشراسه بدافع غضبهم المريض والعنصريه،
وفي طرف آخر تجد فيديوهات لمراهقين تحرض هذا المرض الاجتماعي وتشعل فتيله الفتنه في السوشيال ميديا..
نحن بحاجه الى مايقال باللغه التركيه الى العقل السليم الى التأني و العقلانيه. pic.twitter.com/wIMjiw9OOQ— Zeynep Karataş (@zainabkaratash) October 28, 2021
كما اعتبرت الباحثة الفلسطينية المقيمة في تركيا، أماني سنوار، أنه يجب “معاقبة كل من يسيء إلى الدولة التركية وأي من رموزها، أو يستفز الشعور العام لمواطنيها، لكن عقوبة الترحيل بحق أجانب (غالبيتهم سوريين) أساؤوا للعلم التركي فعل يؤجج مشاعر العنصرية والرفض لوجودهم”.
Bir insan sırf muz yedi ve dalga geçti diye, sığınmacı-mülteci vs olduğu ülkeden deport edilemez. Bu anca muz devletinde olur, hukuk devletinde olamaz. Kendinize gelin yahu! Ayıptır.
— Azorka (@Azorka_1918) October 27, 2021
الإحالة للقضاء
من جهته، قال المحامي السوري المقيم في تركيا، عزوان قرنفل، إن مشاركة سوريين يقيمون في تركيا في الجدل حول “قضية الموز”، واستخدام بعضهم “السخرية”، هو دليل على “حجم الإحباط والغيظ المكتوم داخلهم، نتيجة الضغط غير الطبيعي، جراء السلوك العنصري ضدهم”.
لكن قرنفل أضاف في حديثه لـ”السورية.نت”، أن “بعض السوريين لم يقدّروا الأمور كما يجب خلال مشاركتهم للفيديوهات التي أساء بعضها إلى الرموز التركية، التي تعتبر مقدسة لدى الأتراك مثل العلم والليرة”.
ومن وجهة نظر قانونية، أكد المحامي السوري أنه “وفق القانون التركي يوجد مواد تجرم بعض هذه الأفعال، كما يوجد مواد قانونية ضمن قانون الحماية للاجئين، يسمح للسلطات بترحيل أي لاجئ يشكل خطراً على السلم الاجتماعي”.
لكن قرنفل اعتبر أن موضوع “قضية الموز” لم تشكل خطراً على السلم الاجتماعي، و”يجب على السلطات معالجة الموضوع بحكمة أكثر، وإحالة الذين شاركوا الفيديوهات إلى القضاء وإصدار أحكام مخففة ضدهم، كونها أول مرة، مع وقف التنفيذ، وبذلك يكون بمثابة درس دون ترحيل، لأن الترحيل كارثة حقيقية”.