تستحوذ مباحثات المصالحة الخليجية بين المملكة العربية السعودية وقطر المشهد العام للمنطقة في الوقت الحالي، لاسيما أنها محطة فاصلة تأتي في وقت حساس، ومن شأن إتمامها بنجاح أن يدخل الشرق الأوسط في مرحلة عنوانها الاستقرار، والذي غاب لسنوات في عدة دول، كانت ساحاتها ملعباً للأطراف الخليجية التي نقلت خلافاتها لها.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الكويت لإتمام المصالحة، إلا أن الصورة كاملة ماتزال ضابية لدى الشارع العربي، ويعود ذلك إلى جذور الخلاف التاريخية من جهة وما فرضته السنوات الثلاث من جهة أخرى، عدا عن طبيعة التحالفات المضادة التي ماتزال مستمرة حتى الآن، وتقودها بشكل أساسي الدول التي تتجه حالياً للجلوس على طاولة واحدة.
مباحثات “مثمرة” وترحيب
وكان وزير الخارجية الكويتي، الشيخ أحمد ناصر الصباح قال أمس الجمعة إن مباحثات “مثمرة” جرت خلال الفترة الماضية، لحل الأزمة الخليجية.
وأضاف عبر كلمة بثها تلفزيون الكويت أن هذه المباحثات “أكد فيها جميع الأطراف حرصهم على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي، وعلى الوصول إلى اتفاق نهائي يحقق ما تصبو إليه من تضامن دائم بين دولهم وتحقيق ما فيه خير شعوبهم”.
وعبر وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان عن أمله في أن تكلل جهود كويتية وأمريكية لحل النزاع الخليجي بالنجاح، شاكراً البلدين على “تقريب وجهات النظر”.
وأضاف بن فرحان: “حققنا تقدما كبيرا تجاه حل الأزمة الخليجية في الأيام الأخيرة، واقتربنا من التوصل لاتفاق بين جميع دول الخلاف”.
من جهته بادر وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بشكر الكويت والولايات المتحدة على جهودهما من أجل حل الخلاف الخليجي، معتبراً أن البيان الذي أصدره وزير الخارجية الكويتي بشأن الأزمة “خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية”.
تهدئة أقرب إلى “التعايش”
صحيفة “العرب” اللندنية تناولت في تقرير لها نشر اليوم السبت المباحثات التي تقودها الكويت للوصول إلى المصالحة الخليجية.
وقالت الصحيفة إن الكلمة القصيرة التي ألقاها وزير الخارجية الكويتي لم تتمضن وضوحاً كافياً، بشأن تفاصيل اتفاق التهدئة بين السعودية وقطر بوساطة كويتية وأميركية، ما يجعلها تهدئة أقرب إلى “التعايش” منها إلى مصالحة شاملة، تأتي على حل جميع عناصر الخلاف.
ويبرز مساران زمنيان متوازيان، حسب الصحيفة وبغايتين مختلفتين بالنسبة إلى الدوحة والرياض.
وتوضح: “هناك تريث قطري يهدف إلى استنزاف أعصاب السعودية إلى حين وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض مطلع العام الجديد، وهناك تأنّ سعودي يعود بالدرجة الأولى إلى الحصول على ضمانات على مدى بعيد بعدم تكرار قطر قطع الوعود ونقضها، في ما يتعلق بالحملات الإعلامية والارتباط بإيران وتركيا والجماعات المتشددة”.
ونقلت الصحيفة عن ما أسمتها بالأوساط الخليجية أن الدوحة والرياض تبحثان عن اختراق، ولكن الأقرب إلى التحقيق هو نوع من “التعايش” دون مبالغة في التعامل المفتوح بين القيادات، وترك الشأن الشعبي والاقتصادي بعيداً عن الأزمة.
على أي أسس؟
وكانت تقارير ذكرت أن جاريد كوشنر مستشار دونالد ترامب أثار خلال زيارته لقطر الأربعاء الماضي مسألة الأزمة الخليجية، وسعى لإحراز تقدم نحو إنهاء الخلاف.
ولم يتم الإعلان عن الكثير من التفاصيل حول زيارة كوشنر، التي ربما كانت الفرصة الأخيرة له للدفع باتجاه حل خلافات دبلوماسية في المنطقة باتت تتركز عليها جهود إدارة الرئيس المنتهية ولايته.
صحيفة “القدس العربي” تحدثت اليوم أيضاً عن مباحثات المصالحة الخليجية، لكنها تساءلت عن الأسس التي من المفترض أن تقوم عليها.
واعتبرت الصحيفة أن أي انفراجات قريبة ممكنة في الموضوع الخليجي، لتكون حقيقية ويؤسس عليها، “من الضروري أن تعيد الاعتبار للواقعية السياسية البسيطة، وباحتساب عناصر الوحدة الجغرافية والاجتماعية والثقافية”.
وتابعت: “قبل كل ذلك، باحترام سيادة الدول وسياساتها الداخلية والخارجية”