ما تزال ارتدادات الهجمات الثلاث التي تعرضت لها القوات الأمريكية ليلة الجمعة وبالتزامن في سورية والعراق واليمن قائمة في الولايات المتحدة.
وبينما يرى مراقبون أنها “تحمل أبعاداً”، استبعد آخرون أن تصل إلى نقطة “الحرب المباشرة”.
ويقول مسؤولون أمريكيون نقلت عنهم شبكة “إن بي سي نيوز“، اليوم السبت، إن “إيران لا تسعى حالياً إلى حرب مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
لكن مصادر تحدثت لذات الشبكة أضافت أن “التصرفات الاستفزازية التي يقوم بها وكلاء إيران في المنطقة تزيد من خطر سوء التقدير والحرب غير المقصودة”.
ويعتقد مجتمع الاستخبارات الأمريكي أن إيران لا تسعى حالياً إلى حرب مباشرة مع الولايات المتحدة، لكنها تتطلع إلى زيادة الضغط على إسرائيل وأمريكا من خلال وكلائها في المنطقة.
وقال اثنان من مساعدي “الكونغرس” ومسؤول دفاعي لـ”إن بي سي نيوز” إن “النهج الإيراني يزيد من خطر سوء التقدير ونشوب صراع إقليمي غير مقصود”.
كما أن “التصرفات الاستفزازية” التي يرتكبها شركاء إيران، بما في ذلك “حماس” في غزة وجماعة “حزب الله” اللبنانية، تهدف أيضاً إلى تشكيل حسابات إسرائيل في حين تستعد لعملية برية متوقعة في قطاع غزة.
ماذا حصل؟
وكانت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية أسقطت، يوم الخميس، في شمال البحر الأحمر ثلاثة صواريخ كروز وعدة طائرات مسيرة أطلقتها قوات الحوثي الموالية لإيران من اليمن.
وقال “البنتاغون” إن الصواريخ والطائرات المسيرة ربما كانت متجهة نحو إسرائيل.
بدوره أضاف مسؤول إسرائيلي كبير للشبكة الأمريكية أن “هذا الهجوم الصاروخي الحوثي لم يكن لينفذ دون الضوء الأخضر من إيران”.
في غضون ذلك تم إطلاق صاروخين يوم الجمعة على أهداف أمريكية في بغداد، وهو ما قال مسؤول دفاعي إنه يتوافق مع تصرفات الميليشيات الموالية لإيران في العراق.
كما استهدفت طائرتان مسيرتان على الأقل منطقة التنف، وهي حامية أمريكية في جنوب سورية، يوم الأربعاء.
وأسقط الجيش الأمريكي أحدهما، لكن الآخر ضرب القاعدة، مما أدى إلى وقوع إصابات طفيفة بين عدد صغير من القوات الأمريكية، وفقاً لوزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”.
ولا تزال الولايات المتحدة تحقق في هوية من يقف وراء هجمات الطائرات بدون طيار، لكن المؤشرات الأولية تشير إلى أن الميليشيات المدعومة من إيران هي التي نفذتها.
بعد حشود و”تلويح”
وجاءت الهجمات الثلاث في سورية والعراق واليمن بعدما نشرت الولايات المتحدة مجموعتين من حاملات الطائرات في شرق البحر الأبيض المتوسط لردع إيران وحلفائها في سورية و”حزب الله” من فتح جبهات جديدة ضد إسرائيل.
كما حشدت ألفي عنصر من مشاة البحرية الأمريكية، وقالت إنهم “على أهبة الاستعداد للانتشار في المنطقة”. وبعد ذلك أمضى الرئيس الأمريكي جو بايدن سبع ساعات في إسرائيل يوم الأربعاء.
وأعرب عن دعمه الكامل للحملة الإسرائيلية ضد غزة، لكنه حث القادة الإسرائيليين، وكرر ذلك في خطابه مساء الخميس من البيت الأبيض، “على ألا يعميهم الغضب”.
وقبله، أمضى وزير الخارجية أنتوني بلينكن سبع ساعات في الاجتماع مع مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي – وليس مجلس الوزراء الإسرائيلي العادي.
وفي الوقت نفسه، قامت الولايات المتحدة بنقل كميات هائلة من الذخيرة والمعدات جواً لمساعدة الجيش الإسرائيلي في التصعيد الذي بدأه ضد غزة، وحركة “حماس” الفلسطينية.
ماذا تريد إيران؟
وكان لافتاً أن هجمات الميليشيات الموالية لإيران، والتي استهدفت القوات الأمريكية جاءت بعد يومين من تحذير وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان من “اتساع جبهات الحرب”، قبل حديثه عن “احتمال التحرك بشكل وقائي واستباقي”.
وقال المساعدان في “الكونغرس” لـ”إن بي سي نيوز” إن جهود طهران تبدو وكأنها محاولة لإجبار إسرائيل على الحد من نطاق الحملة العسكرية.
وتعهدت إسرائيل “بتدمير” حماس في أعقاب الهجوم الذي شنته الحركة في السابع من أكتوبر.
وقالت إدارة بايدن إن “إيران كانت متواطئة في هجوم حماس حيث قامت طهران بتسليح وتدريب وتمويل الحركة على مدى عقود”.
وسبق وأن شنت الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسورية العديد من الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار على القوات الأمريكية في السنوات الأخيرة.
وعلى الرغم من قوتها العسكرية التقليدية المتواضعة نسبياً، قامت إيران منذ فترة طويلة بتنمية وكلاء مسلحين في المنطقة لصد خصومها وتوسيع نفوذها السياسي وجعل أعدائها يفكرون مرتين قبل مهاجمتها مباشرة.
وترى ميشيل فلورنوي، وكيلة وزارة الدفاع السابقة لشؤون السياسة أنه “من غير المرجح أن تدخل إيران مباشرة في الحرب بين إسرائيل وحماس”.
لكنها تضيف أن هناك خطراً متزايداً من “اندلاع صراع عرضي”، خاصة على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث اشتبكت قوات “حزب الله” المدعومة من إيران مع الجيش الإسرائيلي.
وتابعت فلورنوي أن “خطر سوء التقدير مرتفع للغاية. خطر سوء تفسير أحد الجانبين للإجراءات عبر الحدود الشمالية والتصعيد هو أمر حقيقي للغاية”.
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس جو بايدن، يوم الأحد: “لا يمكننا أن نستبعد أن تختار إيران الانخراط بشكل مباشر بطريقة ما”.
وأضاف سوليفان في حديثه لبرنامج “واجه الأمة” على شبكة “سي بي إس” يوم الأحد: “علينا أن نستعد لكل حالة طوارئ محتملة. وهذا بالضبط ما فعله الرئيس”.