تستمر التحذيرات من تطبيع عدة دول مع نظام الأسد ومحاولة إعادته إلى الجامعة العربية، من قبل حكومات كانت تُعتبر سابقاً الداعم الأبرز للمعارضة السورية سياسياً وعسكرياً.
وخلال الأسابيع الماضية تسارعت وتيرة التطبيع من خلال زيارات مسؤولين رفيعي المستوى لدمشق، كان آخرها زيارة وزير الخارجية السعودية، فيصل بن فرحان، ولقائه بشار الأسد.
وتحاول السعودية وعدد من الدول إعادة نظام الأسد إلى الجامعة العربية، وحضور الأسد القمة التي ستعقد في الشهر المقبل في الرياض، لكن بعض الدول منها قطر والكويت تعارض ذلك حتى الآن.
وعقب موجة التطبيع القائمة، اتجهت الأنظار نحو الموقف الأمريكي من محاولة تعويم الأسد وإعادته للساحة العربية، في ظل عقوبات أمريكية مفروضة على النظام وداعميه منذ سنوات.
بايدن يشجع تأهيل الأسد
صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية شنت هجوماً على إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حول طريقة تعاطيه مع الملف السوري، رغم تعهدها قبل الانتخابات بتشديد العقوبات على الأسد.
وتقول الصحيفة إن “سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية هي عكس ما قد يتوقعه المرء، بدلاً من عزل بشار الأسد وضمان بقاء نظامه منبوذاً، شجعت الإدارة بهدوء إعادة تأهيل الأسد دبلوماسياً”.
وتصرح الإدارة الأمريكية مراراً بعدم تطبيع العلاقات مع نظام الأسد حتى إحراز تقدم حقيقي في العملية السياسية وفق مقررات قرار الأمم المتحدة 2254.
لكن بنفس الوقت لم تحتج الإدارة الأمريكية على تحرك الدول العربية تجاه التطبيع مع الأسد، إذ قالت مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف:”ننصح أصدقاءنا وشركائنا في المنطقة بضرورة الحصول على شيء مقابل هذه المشاركة مع الأسد”.
وأضافت ليف، خلال إحاطة لها في وزارة الخارجية، أن “الذين يتعاملون مع الأسد يجب عليهم الحصول على شيء مقابل ذلك، وتهيئة الظروف للسماح للاجئين بالعودة إلى سورية بشكل آمن، وإيقاف تهريب الكبتاغون”.
واعتبرت “واشنطن بوست” أن التفكير في أن الأسد سيلبي هذه الطلبات هي “فكرة خيالية”، كون الدول المطبعة مع الأسد لن تدافع عن الشعب السوري، باعتبار لها سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان وحاصة مصر والسعودية والإمارات.
وأكدت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية لم تقدم أي مبرر واضح لدعم المطبعين مع الأسد، واعتبرت أن السبب الرئيسي هو أن “الإدارة لا تريد استثمار رأس المال الدبلوماسي الضروري لإبقائه معزولاً”.
وأكدت أنه لأسباب أخلاقية، فإن قضية عزل الأسد لا تقبل الجدل، لكن أيضاً يصب في المصلحة الذاتية الضيقة للولايات المتحدة، كون النظام المنتج الأبرز عالمياً لحبوب الكبتاغون المخدرة، ويعتبر جزءاً من الشبكة الإيرانية التي تنقل الأسلحة إلى سورية و”حزب الله” اللبناني.
السودان درس للعرب
صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، نشرت مقالاً للكاتبة “كيم غطاس” ربطت فيه بين ما يجري في السودان وبين تطبيع الدول مع الأسد.
وقالت الكاتبة إن ما يجري في السودان يحمل “درساً للمسؤولين العرب الذين يشقون طريقهم إلى دمشق. المساومة مع الطغاة، سواء كانوا جالسين في قصر رئاسي أو يرتدون ملابس عسكرية، دون قوة أو ردع أو محاسبة، هي مسألة محكوم عليها بالفشل”.
وتشهد السودان منذ أسبوعين اشتباكات بين الجيش الذي يقوده الفريق أول عبد الفتاح البرهان، و”قوات الدعم السريع” التي يقودها محمد حمدان حميدتي، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات، وسط فلتانٍ أمني كبير في العاصمة الخرطوم.
وأضافت أن الأسد لا يشعر بالندم مما حصل خلال السنوات الماضية، في سورية، معتبر أن زيارة وزراء العرب لدمشق بسبب “السياسة الواقعية، لم ينجو الأسد فحسب، بل تسبب في مشاكل لا يستطيع جيرانه حلها بدونه”.
ومن هذه المشاكل، حسب الصحيفة، ملايين اللاجئين السوريين الذين يسببون مشاكل وخاصة في لبنان والأردن.
كما تعتبر مشكلة تدفق المخدرات من سورية إلى دول عربية من أخطر المشاكل، خاصة وأن سورية باتت توصف بأنه “دولة مخدرات وتقدر قيمة تجارة الكبتاغون بالمليارات”.
وباتت تجارة المخدرات وحبوب “الكبتاغون” بالنسبة للنظام السوري في الوقت الحالي ورقة مساومة و”بطاقة” يفاوض عليها دول الخليج، التي تحاول تطبيع العلاقات معه.