ذكر تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي”، أن تركيا تخطط لدمج الفصائل المسلحة في الشمال السوري، تحت قيادة مركزية وجيش واحد، بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة وتصاعد الاقتتال بين الفصائل.
وبحسب التقرير الذي أعدّه الصحفي التركي المقرب من الحكومة راغب صويلو، أمس الثلاثاء، فإن تركيا تسعى إلى إعادة تنظيم الفصائل السورية بعد انسحاب “هيئة تحرير الشام” من منطقة عفرين شمالي حلب.
وأضاف نقلاً عن “مصدر أمني رفيع” أن الهيئة، المصنفة على لوائح “الإرهاب”، سحبت معظم قواتها من عفرين، مشيراً إلى أنهم “سيخرجون تماماً قريباً، لأنهم غادروا بالفعل ومعهم الجزء الأكبر من مقاتليهم”.
وكانت “هيئة تحرير الشام” قد توغلت قبل أيام في عفرين، ووصلت إلى أبواب “إعزاز” كبرى مدن منطقة “درع الفرات”، لتنسحب فيما بعد في أعقاب اتفاق لم تتضح تفاصيله كاملة حتى الآن، وبـ”ضغط تركي”.
وجاء ذلك عقب تصاعد الاقتتال بين الفصائل، خاصة بين الهيئة و”الفيلق الثالث” التابع لـ “الجيش الوطني السوري”، على خلفية مقتل الناشط محمد أبو غنوم في مدينة الباب، واتهام “لواء الحمزة” بالوقوف وراء حادثة الاغتيال.
حل مجموعات “الجيش الوطني”
قال مسؤول تركي مطلع لموقع “ميدل إيست آي”، إن تركيا لن تترك المناطق الخاضعة لإدارتها في الشمال السوري، لجماعة مثل “هيئة تحرير الشام”.
وبحسب الموقع فإن تركيا قد تستغل التطورات الأخير من أجل إعادة تنظيم “الجيش الوطني السوري” أخيراً، والذي يعاني من الاقتتال المستمر والحوادث الأمنية.
وأضاف أن الاشتباكات المتكررة بين مجموعات “الجيش الوطني”، التي تعمل في المناطق الخاضعة للإدارة التركية مثل عفرين وجرابلس وتل أبيض، أدت إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين وينظر إليها بشكل عام بشكل سلبي في المنطقة.
وتابع: “لطالما سعت أنقرة إلى توحيد كل هذه المجموعات لإنشاء هيكل قيادة فعال”.
ونقل الموقع عن مصادر أمنية تركية أن قيادة واحدة وجيشاً واحداً سيظهر، على الرغم من أن العديد من المحاولات لإنشاء جيش واحد في السابق كانت بلا جدوى، مضيفاً أن الخطة ستستبعد “هيئة تحرير الشام”، لأنها ليست جزءاً من نظام الحسابات القومية، حسب وصفه.
وقالت المصادر إن كل المجموعات والمكونات الخاضعة للجيش الوطني سيتم حلها بموجب الخطة الجديدة.
وأضافت “سينسحبون أيضاً من المناطق المدنية وسيتم تشكيل جيش نظامي تحت قيادة مركزية.”
العمل فوق القانون
في حديثه لموقه “ميدل إيست آي”، قال مسؤول مدني في عفرين إن النزاعات داخل “الجيش الوطني السوري” أعاقت خدمات المجالس المحلية وقوات الشرطة والقانون.
وأضاف: “تتشابك الفصائل مع بعضها كل يوم وفي كل مكان”، مضيفاً: “سئم الناس من الصراع بين المجموعات”.
كما نقل الموقع عن أحد سكان المدينة أن الفصائل تضايق بعضها البعض باستمرار، مضيفاً “إنهم لا يطيعون أوامر المجالس المحلية أو الشرطة. كما أنهم يعرضون سلامتنا للخطر. ويموت المدنيون باستمرار أثناء الاقتتال الداخلي”.
وتابع: “نحن نهرب من الأسد، والحياة تزداد صعوبة هنا بسبب الصراعات داخل الجيش الوطني السوري”.
من جانبه، قال ضابط في الشرطة للموقع إن قوات الشرطة لا يمكنها القيام بعملها لأن مجموعات “الجيش الوطني السوري” لا تتعاون مع جهاز الشرطة إذا كان أحد أفرادها متورطاً بجريمة.
وأضاف شريطة عدم ذكر اسمه: “من الصعب للغاية مقاضاة أو احتجاز أو اعتقال مقاتلي الجيش الوطني، هناك حاجة إلى توضيح ما إذا كانوا جنوداً أم لا”.
ومن أجل الحد من الوفيات بين المدنيين الناجمة عن الاقتتال الداخلي في “الجيش الوطني”، حاولت العديد من المجالس المحلية وأجهزة الشرطة اتخاذ تدابير لمنع الجماعات من دخول المدن بأسلحة آلية وثقيلة، ومع ذلك، لا تزال المناطق المدنية تتضرر بشدة خلال الاشتباكات.
وتضرر ما يقارب 20 مخيماً نظامياً وعشوائياً، حيث تعيش 1700 عائلة في شمال غرب حلب، بسبب القتال الأخير، وقُتل ما لا يقل عن 8 من سكان المخيم، بينهم امرأتان وطفلان، وأصيب 47 بجروح، بينهم 11 طفلاً ، خلال الاشتباكات.
ومن الصعب تقدير العدد الإجمالي لمقاتلي “الجيش الوطني”، لأن التنظيم يفتقر إلى قيادة وإدارة مركزية، بحسب موقع “ميدل إيست آي”، لكن مصادر عسكرية داخل “الجيش الوطني” تقول إن التشكيل لديه ما بين 50 ألف و70 ألف مقاتل.